بقلم / عاصم السادة
يحاول حزب التجمع اليمني للإصلاح المعروف ارتباطه بالإخوان المسلمين التقرب نحو الدول العربية والغربية المناوئة لهذا التنظيم لكسب ودها وتسجيل مواقف تتواءم مع سياسية وتوجهات تلك الدول، إذ أعلن حزب (الإصلاح) تبرؤه من الإخوان المسلمين مراراً لدرء الشبهة عنه لاسيما وأن دول عربية أدرجت "الإخوان" ضمن المنظمات الإرهابية في العالم.

الإخوان المسلمون الذين صعدوا إلى سدة الحكم عن طريق "الربيع العربي" كانت فترة حكمهم وجيزة جداً، مرت كلمح البصر، وسرعان، ما تبعثرت سلطتهم، فمنهم من قبل بالديمقراطية كخيار سياسي مفروض للحكم حيث أخرجته صناديق الاقتراع خاسراً وقبل بالنتيجة، لكنه حافظ على وجوده ككيان سياسي فاعل وحاضر وآخرين كان مصيرهم السجون والمحاكمة وثمة إخوان تركوا السلطة وفروا خارج بلادهم بسبب الاحتقان الشعبي الذي استغلته كل الأطراف السياسية والجماعاتية لصالحها ضدهم.!

يعيش حزب (الإصلاح) حالياً أزمة حقيقية بمعنى الكلمة، تكاد تعصف به وتحجم من قوة حضوره على الساحة اليمنية خاصة وأن المجتمع الدولي اليوم ينظر إلى جماعات الإسلام السياسي أنها باتت تشكل خطراً حقيقياً، على الأنظمة الدولية برمتها حيث يجب التعامل مع هكذا جماعات كمنظمات إرهابية، لأنها تعتبر امتداداً للتيارات الإرهابية المتطرفة كـ(دعاش والقاعدة) بالذات في منطقة الشرق الأوسط.

يعتبر (الإصلاح) من الأحزاب القوية في الساحة اليمنية إذ يحتل المرتبة الثانية بعد حزب المؤتمر الشعبي العام من ناحية القاعدة الشعبية التي يحضى بها، وهذا ناتج عن تركيبته الاجتماعية المحتوية على الأجنحة التقليدية والعسكرية والدينية، وهي باكورة ارتكازه بل المتحكمة في سياساته، إذ تجد أن الجناح السياسي فيه مأموراً لا أمراً ويظهر ضعيفاً دون تلك الأجنحة لاسيما الديني فيها.

اليوم قادة هذا الحزب -أي الإصلاح- جلها صارت خارج الجغرافيا اليمنية لافتقادهم الحلفاء الأقوياء في الداخل اليمني، وتأليب الخصوم ضدهم، نتيجة فجور في العداء حتى وجدوا أنفسهم في الأخير محاصرين؛ فلا الشمال يطيقهم ولا الجنوب يستسيغهم، فتركوا السلطة، وولوا وجوههم نحو السعودية "العدو اللدود" لهم مستجيرين بها ومتوسلين إنقاذهم مما حل بهم في اليمن، فأيدوا وباركوا التدخل الخارجي عسكرياً ضد البلد لضرب خصومهم.

استغلت السعودية نداء "الإصلاح" لتصفية حساباتها مع (الحوثي وصالح) ولم يكن (الإصلاح) في منأى عن هذه التصفية، بل انه الآن احد ضحاياها ويتم استخدامهم في إشعال جبهات قتالية في مأرب أو نهم والجوف وتعز وغيرها بغرض استنزاف قوته وإضعافه، وبالتالي لن ترضى عنهم في أخر المطاف، وقد تستفيد منهم -أيضاً- في المقايضة بمن هم في القائمة السوداء لدى أمريكا حال انتهت الحرب في اليمن.

ولعل السعودية والإمارات أولى الدول المصنفة لـ(الإخوان) منظمة إرهابية.

هناك تحالف دولي يضم روسيا وأمريكا ودول أوروبا لمحاربة الإرهاب، حيث توعد الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) إعلان "الإخوان المسلمين" منظمة إرهابية عبر الكونجرس، وما يبدو أن دول عربية بدأت تتبنى رؤية هذا التحالف في حربها ضد "الإخوان" واقعياً وهي الإمارات، التي يعد موقفها واضحاً منذ البداية من (الإخوان) إذ دعمت أنظمة عربية ضد حكمهم حتى سقوطها ولا تزال تنحوا ذات المنحى في اليمن إلى هذه اللحظة في عدن وتعز وتعمل على دعم التيار السلفي الموالي لها لمواجهة (الإصلاح) وهي في طور تنصيب مناهضين لهم في مأرب والجوف.

يضيق الخناق بـ(إخوان اليمن) يوماً بعد آخر؛ في ظل المتغيرات السياسية الطارئة من حوله على مستوى الدول الكبرى والإقليم وكذا الداخل اليمني.
وبالتالي يبقى (الإصلاح) الحلقة الأضعف في المشهد السياسي الحالي والمستقبلي ما لم يغير من تفكيره وطريقة تعامله، وبلورة إستراتيجية سياساته تجاه الآخرين، وإعادة النظر في قياداته العتيقة، وعليه أن يستفيد من التجربتين التركية والتونسية "الغنوشية"، والانفتاح أمام المجتمع وكسر الواقع الانغلاقي المحكوم بالأيدلوجية ومواكبة التطورات من حوله، ورسم رؤى وطنية تخدم أبناء الوطن كافة، لا تمييز أحداً عن الآخر.
صحفي وكاتب يمني
Assem_alsadah@yahoo.co

حول الموقع

سام برس