بقلم/ فادى عيد
أنتظر رئيس اليمن عبد ربه منصور هادي لحظة وصوله أبو ظبي كثيرا، أملا أن ترطب تلك الزيارة الاجواء بينه وبين ولي عهد ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد، ولكن الزيارة أستغرقت وقت قصيرا جدا، حاملة رسالة لمنصور هادي بعمر عاصفة الحزم وربما بعمره هو شخصيا، فزيارة منصور هادي للامارات لم تستغرق ساعتين حتى عادت به الطائرة للرياض مجددا.

فبعد ان تم منع منصور هادي من قبل حلفاؤها في الحراك الجنوبي (المدعومين من أبو ظبي) من الهبوط في مطار عدن منذ أسبوعين، وهو الامر الذي أجبره للتوجه الى مطار جزيرة سوقطرة، اليوم الشيخ محمد بن زايد يقولها صريحة ومباشرة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بأن قدرك عندى ليس برئيس دولة بل مجرد موظف تم تعيينه وانتهت صلاحياته، بعد وصول منصور هادى لمطار أبوظبي ولم يجد فى استقباله سوى رئيس جهاز الاستخبارات الاماراتي اللواء علي محمد حماد الشامسي.

نعم الاجواء ملتهبة جدا بين محمد بن زايد ومنصور هادي وهذا ليس وليد اليوم بل منذ أن عزل منصور هادي نائبه ورئيس وزراءه خالد بحاح وتعيين المحسوب على جماعة الاخوان المسلمون اللواء علي محسن الأحمر بدلا منه، ولكن الامر لم يتوقف عند هذا بعد أن جاء رد الامارات على قرار منصور هادي بأنتهاء عملياتها العسكرية فى اليمن، كي تتدخل الرياض لتعود الامارات عن قرارها، ولكن الفجوة عادت لتتسع من جديد بين الشيخ محمد بن زايد ومنصور هادي بعد أن قام نجل الاخير ناصر عبد ربه منصور هادي بتسليم المناطق التى حررت بمحافظة أبين بفضل الجيش الاماراتي الى تنظيم القاعدة، ثم التوجه نحو المكلا وعدن والعمل على زعزعة أستقرارهم لاضعاف التواجد الامارتى المسيطر على الميدان هناك، فى مشهد يعكس أن الحرب على أرض الميدان ليست بين الجيش اليمني او بالادق قوات منصور هادي والحوثيين، بل بين منصور هادي والامارات، وهو التطور الميدانى الذى أنعكس بشكل مباشر عند أستشهاد جنود من الجيش الاماراتى بالاونة الاخيرة.

والخلاف هنا تتسع ابعاده، فمن المعروف أن الامارات لا تقبل بالتيارات الاصولية أو التعامل معها بأي شكل من الاشكال، بينما المملكة السعودية تتواصل مع كافة الفصائل الاصولية جمعاء، وفى مقدمتها العدو الاول لدولة الامارات الا وهي جماعة الاخوان المسلمون، فالرياض هى الممول الابرز لتحركات أردوغان فى سوريا، وبطبيعة الحال مليشيات الاخوان فى سوريا، كذلك تتقرب من حين لاخر مع الرئيس السودان عمر البشير كناية فى مصر، ونفس الامر يتكرر فى ليبيا بعد فتح حوار مع رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، بينما لا مكان لاعراب كل ما سبق فى قاموس سياسة الامارات العربية المتحدة التى لا تعترف بكل ما سبق والمحسوبين على جماعة الاخوان.

حقيقة الامر لست متعجب مما اشهده باليمن الغير سعيد ونحن نقترب من العام الثالث لعاصفة الحزم، فليس بغريب ان ينقلب منصور هادي على الامارات، التى كانت أكثر الداعمين للسعودية بعاصفة الحزم، ولا أبالغ لو قلت أن الامارات انقذت السعودية أكثر من مرة فى مواقف كانت غاية الصعوبة مرت بها عاصفة الحزم، ولعلنا نرى مبادرة جديدة من محمد بن سلمان لاحتواء الازمة الجديدة بينه وبين محمد بن زايد الذى رفض حضور اجتماع ثلاثي يجمعهما بصحبة منصور هادي فى الرياض مؤخرا.

وأن كانت اليمن تحولت لساحة صراع بين أبو ظبي والرياض، فما لا يعلمه الكثيرين أن شمال سوريا بات ميدان جديد للصراع بينهم، حتى وأن كان غير مرئي للاغلبية، ولعل الوقت المناسب سيأتى قريبا كي نشرح ابعاد ذلك الصراع الغير مرئي.

*الباحث و المحلل السياسى بشؤون الشرق الاوسط
fady.world86@gmail.co

حول الموقع

سام برس