بقلم / محمود كامل الكومى
 كانت الحركه الناصريه تُمثل بالنسبه للشباب دواءا سحريا ناجحا يصلح لكل شىء , وكانت تضم كافه العناصر الفكريه التى تنظر الى أسرائيل بوصفها العدو الرئيسى للاِسلام وللبلاد العربيه ولمصر , وكان عبد الناصر يشعل الجماهير بأحلام القوة والعزة  التى تحيط بالوحده العربيه , وبروشتة التغيير الأجتماعى , ومن هنا أخذت الجهود تتركز على تجنيد القوى العربية للحرب ضد أسرائيل , وعلى ذلك كانت الرؤية واضحة وجليه مفادها أن الصراع مع أسرائيل هو صراع وجود وليس صراع حدود وأنها مِخلب أمريكا فى المنطقه العربيه , لذلك صارت القناعه تقرر الواقع, أن من يتماها مع السياسه الأمريكيه فى المنطقه هو ضد مصالح الأمه العربيه , ومع تكريس الدوله الصهيونيه على أرض فلسطين – سواء كان ذلك عن درايه او تعامى او عن عماله- وأن الشيطان الأمريكى الصهيونى يمارس شيطنته بمارج من نار يصيب من يقترب منها بِمسِها , حتى ولو كانت على طريق مخاطبة الود ,أو الخضوع والخنوع , لأن اللعب مع الشيطان ليس فيه من الخساره والندمان اِلا ما يحرق الروح والأبدان .

 هكذا صارت كل أنظمه الخليج النفطيه ورسمت سياستها الخارجية على مخاطبه وِد الشيطان الأمريكى الصهيونى ,وغدى كل دبلوماسييها ووزراء خارجيتها فى خدمة وزاره الخارجية الأمريكية والبنتاجون , حتى كاد شرر نيران الشيطان الأمريكى الصهيونى الذى دثرهم بها أن يحرق المنطقة العربية كلها بِدسائسهم وبترودولاراتهم الشيطانيه , وعلى نفس النمط صارت السياسه الخارجيه للأنظمه الملكية فى الاردن والمغرب .

 كانت السياسه الخارجية المصرية "فى الدوله الناصريه" تدرك ذلك أَيما اِدراك, وتنظر للأستيطان الصهيونى على أنه صنيعة أمريكا والاستعمار فى المنطقه , وبذلك لايمكن للأمبرياليه الأمريكيه أن تسمح لأى من كان أن يقطع يدها الطولى فى المنطقه "أسرائيل ", اِلا اِذا هددت المصالح الأمريكية وتوحدت المنطقة العربية ضد سياستها العنصريه , وأن التماهى مع السياسة الأمريكية هو هدف استراتيجى أمريكى صهيونى لتكريس الاستيطان وخلق اسرائيل الكبرى لتقود المنطقة العربية , وعلى هذه القاعده , صيغت أستراتيجية السياسة الخارجية المصرية , التى ترأسها أثنان من أشهر وزراء الخارجيه العرب والعالم – كان الدكتور محمود فوزى مهندس السياسه الخارجية المصرية وباعث عزها ومجدها , وقد صنع بصياغته لميثاق حركه عدم الأنحياز ,طريق يهدد المصالح الأمريكيه فى دول العالم الثالث لتضغط عليها وتُشعرها بأن أسرائيل ستظل العدو الرئيسى للأمه العربيه ولدول العالم الثالث جمعاء – وكان محمود رياض مهندسا آخر فى السياسة الخارجية المصرية ,الداعمه والداعية الى الوحده العربيه خاصه مع سوريا من أجل أزاله الكيان الصهيونى من أرض فلسطين , وقاد سياسة خارجية فى قلب أفريقيا من أجل محاصره المد الصهيونى فيها ,وتوج ذلك بقطع العديد من بلدان أفريقيا علاقاتها الدبلوماسيه مع اسرائيل , وأِزاء هذه السياسه الخارجيه-التى لم تراهن ابداً على السياسه الأمريكيه فى المنطقه ,وأنما نظرت اليها على أنها سياسة أستعمارية ,لاتبغى سوى نهب ثروات الشعوب والسطو عليها وسلب ارادتها - تحررت دول كثيره من ربقة الأستعمار,,وصارت حركاتها التحرريه تتماها مع السياسة المصرية , وتهدد المصالح الأمريكيه الاستعماريه - وحتى حينما قبل جمال عبد الناصر مبادره "روجرز" لوقف أطلاق النار الوقتى على جبهه القناه بين مصر واسرائيل , لم يكن خضوعا للسياسه الأمريكيه ولاثقة فيها ,وأنما كان لخلق الجو المناسب لبناء حائط الصواريخ المصرى , والذى صار عاملا حاسما فى انتصار حرب 1973 ,وخلال كل الخطوات السالفه كانت السياسة الخارجية المصرية والسورية تتماها مع السياسه الخارجيه للأتحاد السوفيتى السابق , بصفته عدوا لدودا للسياسه الخارجيه الأمريكيه ونشاطها الاستعمارى الأمبريالى .

 فى أعقاب هزيمه 1973 , أعلنت جولدا مائير رئيسه وزراء اسرائيل أنها تنتظر على التليفون صوت "جمال عبد الناصر" لكى تعيد سيناء الى حضن السيادة المصرية ,على أن تعترف مصر باسرائيل وتتخلى عن المطالبه بحق الشعب الفلسطينى على أرضه, وكان جمال عبد الناصر على أدراك ووعى بالحقيقه التى تقول أن من يلعب مع الشيطان لايأمن من مسه بمارج من نار.

وبعد انتصار 1973 , بدى أن السادات قد رتب سياسته الخارجيه فور توليه السلطة – وهو العميل النائم للأمريكان منذ الستينات – أن 99% من أوراق اللعب فى يد أمريكا , وما كانت الحرب فى مخيلته اِلا لتحريك الماء الراكد كما اوهمه "هنرى كيسنجر" وزير خارجيه أمريكا الأسبق , فلما بدى الأنتصار , وطلب السادات من كيسنجر "المفاوضات" "وقد حُرِكَ الماء الراكد" , كانت مَشُورة كيسنجر أن أسرائيل لن تقبل اِلا اذا عبرت غرب قناه السويس – كما عبر المصريين شرقها ,لذا كانت ثغرة الدفرسوار , وهنا فقط تحققت المفاوضات ,وما تبعها من زياره القدس وتوقيع اتفاق السلام , التى على أثرها خرجت مصر من معادله الصراع العربى مع أسرائيل ,وتغلغل نفوذ اسرائيل فى الداخل المصرى لتأتى اُكلها منه بالسلام مالم تحققه الحرب , فأنهارت السياسه الخارجيه المصريه وأستقال وزير الخارجيه اسماعيل فهمى وتبعه محمد رياض فى الاستقاله ,وفقدت السياسه الخارجيه المصريه استقلالها منذ حكم السادات حتى مبارك وأعتمدت على السير فى ركاب الخارجيه الأمريكيه , ومساعدات البنتاجون .

 وخلال فتره عام من حكم الأخوان , صارت السياسه الخارجيه المصريه تعمق العماله والخضوع للأمريكان , وتبعا لذلك فرض أسرائيل كقوه أقليميه تقود الشرق الأوسط والعالم العربى فى قلبه , وكانت رساله مرسى الرئيس الأخوانى ل"بيريز"رئيس اسرائيل , ونداء القيادى الأخوانى عصام العريان لليهود بالعوده الى مصر مع تعويضهم عن ممتلكاتهم .

 ومع ثوره 3062013 والقضاء على الحكم الأخوانى فى مصر , صارت السياسه الأمريكيه تعادى الثوره وتحاول اجهاضها , وكان الموقف الصلد للجيش والشعب المصرى , ولفظ المعونه الأمريكيه والتعالى على كل ما كانت تقدمه أمريكا كرشوه من اجل الخضوع لسياستها الخارجيه , وتم الأتجاه الى روسيا , وبدت الأجتماعات الثنائيه بين وزيرى الدفاع والخارجيه فى البلدين والذى تمخض عن مد مصر بمعدات واسلحه وطائرات روسيه وتعاون تقنى تمثل فى اطلاق القمر الصناعى العلمى المُصَنع فى روسيا- وبدت الجماهير المصريه تعبر عن ابتهاجها وارتياحها , فى اتجاه السياسه الخارجيه المصريه شرقا من جديد , بعيدا عن سياسا ت الشيطان الأمريكى الصهيونى.

 ولم تدم الفرحه , فقد بددها من يقف على رأس وزاره الخارجيه المصريه فى ذلك الوقت "نبيل فهمى" حين اعلن خلال زياة له للولايات المتحده الأمريكيه (أن العلاقه مابين مصر وأمريكا ,هى علاقه زواج شرعى , وليست نزوه ),ليثور سؤال استهجانى وهل يوجد شرعيه مع الشيطان ؟!! .


لكن مع صعود " سامح فهمى" الى ترأس وزارة الخارجية المصرية بدت محاولة تقديم اوراق اعتماد السياسة الخارجية المصرية من جديد على أمريكا من خلال "أسرائيل " وتكررت زيارات سامح شكرى لتل ابيب ومشاركته فى تشيع جنازة السفاح بريز والأدهى كان صدور أوامرة للسفير المصرى فى تل ابيب أن يدعو نتنياهو ورئيس الكيان الصهيونى الى السفارة المصرية للمشاركة فى احتفالات ثورة عبد الناصر فى 23 يوليو 2016 وكأنه كان يريد قتل عبد الناصر فى قبره من اجل عيون اسرائيل ومن اجل تقديم ذلك قربان وبرهان على أن السياسة الخارجية المصرية أثيرة أمريكا , وهى فى ذلك قد راهنت على "ترامب " كرئيس لأمريكا
فى صهيونيته هو الأكثر تطرفا , فصار يرتب لحلف من مصر والاردن والامارات والسعوديه تلحق به أسرائيل يحاصر ايران ويمهد لضربها .

ولانرى في ذلك الا شذوذا قد صار ت عليه الخارجية المصرية و نفر من شذاذ الآفاق سواء فى المخابرات الأمريكيه او اللوبى الصهيونى ,والبترودولار الخليجى يجب  أَلا يتم لأنه زواج للشيطان الأمريكى وزواج الشيطان معروف بأنه زواج المِثليين !!! ومصر بِهَامتِها وقامتِها هى من تطرد الشيطان وتستعيذ بالله العظيم من شيطان أمريكا وأسرائيل الرجيم , مجسده احضان أمتها العربية ضد أمريكا واسرائيل  , وهى مازالت بكر عذراء , ونسائها من الصبايا البتول .

كاتب ومحامى - مصرى

حول الموقع

سام برس