سام برس
قال الكاتب عبدالكريم المدي ان الناس في سوريا واليمن وغيرها أكلهم الإحباط فيما العالم يُذكي الخلافات ويدفع بهذين الشعبين إلى ما هو أسوأ من التفكُّك والحروب الأهلية والفوضى.

وأكد ان من الواجب على كل من ينتمي لهذه المنطقة والأمة والإنسانية تحريك الساكن وتوجيه الناس لإجتيازهذه الموانع واللحظات ،بدلا من التفنُّن والبراعة في تغطية الجرائم وتفخيخ الشعوب بالإرهاب واستقطاب وإكتشاف القتلة وأصحاب السوابق وخريجيّ السجون من أنحاء العالم وزرعهم فيها.

وأعتقد كغيره أن الأصبع التي ضغطت على زر اطلاق أول صاروخ من أصل  (60) صاروخا أميركيا من نوع( توماهوك) على سوريا، كانت هي اللحظة التي أُعلِن من خلالها عن إنتهاء عصر أوباما المهادن ،وبدء عصر ترمب الحادّ، المحارب ،ونعتقدُ – أيضا – أن التدخل الأميركي المباشر وبهذه الصورة لن يتوقف عند الحدود السورية بل سيتخطّاها.

وقال في تقديرنا أن الرسالة (الترمبية ) التالية التي سيبعث بها للداخل والخارج معا، وتحديدا لكل من (روسيا – إيران – كوريا الشمالية)،ستكون في اليمن من خلال الدعم المباشر للتحالف السعودي في السيطرة على مدينة وميناء الحديدة والساحل الغربي كاملا وهناك الكثير من المعطيات التي تُرجّح صحّة وواقعية هذا الاحتمال.

وفي هذا السياق تقول صحيفة هافينغتون بوست الأميركية صبيحة ضرب واشنطن لقاعدة الشعيرات الجوية في سوريا : “البيت الأبيض سيُقررهذا الأسبوع ما إذا كان سيؤيد هجوما مخططا له على ميناء الحديدة اليمنية والساحل الغربي من قِبل التحالف الذي تقوده السعودية، أم لا”.

وقال ان  رسائل التوماهوك التي قتلت بحدود (8) عسكرين سوريين بينهم خمسة ضُبّاط أحدهم برتبة عميد،و(9) مدنيين بينهم (4) أطفال وأخرجت القاعدة الجوية عن الجاهزية تقريبا بعد أن دمّرت – حسب المعلومات والتقارير – مدرج المطار ومبنى القيادة ومنظومة الدفاعات الجوية والرادارات وأكثر من (6) طائرات ميج ومخازن الوقود والأسلحة..يبدو أنها، في تصورنا تحمل بعيدين ،الأول:
 خارجي كما ذكرناوالثاني: داخلي بسبب مشاكل ترمب الداخليه وفضائحه هو وإدارته ،لذلك من الواضح أنه يُريد تخفيف الضغوط على نفسه وعلى إدارته، وإبعاد الإعلام والأنظار عنهما قليلا،اضافة لرغبته في القول لمواطنيه إنه رجل أميركا الأقوى الذي سيُعيد لها مكانتها وهيبتها التي تراجعت في عهد أسلافه، خاصة ” أوباما” .

أما على مستوى الخارج ، فمن يتابع هذا الرجل وكذا الأحداث والتحولات على الساحة الدولية يُمكنه إستنتاج أشياء منها أن ” ترمب” الذي يصعب توقُّع تصرفاته ،يُريد رمي عدّة عصافير بحجرة واحدة وعلى رأسها موقفه من الإسلام بكل مذاهبه،ورغبته الجامحة في شفط أموال دول المنطقة في الجزيرة والخليج والعراق،وربما السيطرة على بعضها ، وقد سبق له وأن تحدث عن ذلك صراحة منتقدا الإدارات السابقة بسبب عدم سيطرتها على نفط العراق.

وتأسيسا على ذلك لا نستبعد قيامه بتنفيذ ضربات جديدة في سوريا،وإن حدث هذا فسوف يحرج الروس الذين اعتبروا أنفسهم خلال السنوات الأخيرة أصحاب الكلمة والحضور الأقوى هناك، وقد أكدوا على هذا الشعور حينما بعثوا في الشهر الماضي برسالة للإسرائيليين الذين حلقت طائراتهم في الأجواء السورية متأهّبة لتنفيذ عمليات عسكرية، وتصدّت لها منضومة الدفاعات الجوية الروسية واجبرتها على الانسحاب وهذا الحادث اعترفت به تل أبيب حينها.

أما الدليل الآخر على ما يعتقده الروس كحقّ ثابت لهم ، فيتجلى بعد القصف الأميركي على قاعدة الشعيرات،الذي قالت موسكوعقبه إنها سوف تُعزّز منظومة الدفاعات الجوية السورية بأنظمة  تستطيع التصدي لصواريخ من طراز(توماهوك)،التي فضّلت أميركا استخدامها لإدراكها بخطورة التحليق بالطائرات الحربية بسبب وجود الدفاعات الروسية التي بإمكانها إسقاط الطائرات أو إفشال الهجوم كأقل تقدير.

لكن يتّضح أن الخيار الأميركي المتمثل بـ ( التوماهوك) لم يدم كثيرا وقد صارهو الآخر مهدداومتوقفا على مدى جدية الروس وتنفيذهم لوعدهم بإرسال المنظومة الجديدة،وهذا كُله يقودنا إلى نتيجة مفادها إن الأوضاع ستكون مرشحة للتصعيد والاحتكاك المباشر بين القوتين ، وإحتمال كبير أن تدخل على هذه الخطوط الملتهبة إيران وكوريا الشمالية اللتان ما أنفكتا تطوران قدراتهما العسكرية التي يعتبرها الأميركيون والغرب خطرا إستراتيجيا عليهم وعلى حلفائهم .

كل هذه المعطيات تبعثُ بمخاوف حقيقية ينظر لها البعض كمقدمات قد تؤدي إلى خروج الأوضاع عن السيطرة خاصة وأن هناك من هو مستعدٌّ للنفخ في كير التوترات ودقّ طبول الحرب والاستعداد لتمويلها ولعل هذه هي الصفقات والأجواء المحببة لدى رجل الأعمال الأميركي ( ترمب) الذي صارت يده  المعروفة بكثرة الحركة وغير المنضبطة هي من تتحكم بالزر النووي لأقوى وأضخم ترسانة عسكرية في العالم وهذا ما نخشاه ونتمنى أن لا يحدث.

وبالتالي لابد من عقلنة الخطابات والتوقف عن الاستقطابات الشديدة ، سيما وأن هناك ضرورات تتعدّى كل أسباب وحسابات الأطراف التي ذكرناها والتي لم نذكر.

 وبناء على ذلك يجب أن يظلّ  الهدف الاستراتجي الأول لشعوب المنطقة ونخبها ومفكريها وإعلامييها هو التهدئة والعمل على اختراق هذه التحصينات وتلمُّس مكامن المشتركات وبقاع الاختلاف والمواءمة بينها من خلال طرح أفكار جديدة تتجاوزهذه التعقيدات والاستفزازات ،تكون جامعة للناس وليست مفرّقة لهم،أومُكرّسة للعنف والمجهول والتشجيع على مخاطبة بعضهم البعض بلهجة السماءوالوحي التي يسمعنا إياها عادة المتدثّرون بالأساطير والأيديولوجيات وكل القادمين من زرائب الماضي وحضائر الجهل ومعهم أذيال وأدوات الإستعمار القديم والحديث والمعاصر.
 

حول الموقع

سام برس