سام برس / شمس الدين العوني
أمي رحمها الله أوصتني اذا حلت بي الحيرة أن أذهب الى الطبيعة ..أنا ذهبت الى الزيتونة


أبرز الفنان التشكيلي الدلفين في فنه علاقة الفن بالسلام و ظهرت  ابداعاته في التعاطي مع البيئة و الزياتين و الرمان و مختلف غلال الوطن القبلي و أشجارها  .. الزيتونة من عوالمه التي تخيرها في فنه و قد رسمها كأبهى ما يكون نشدانا للابداع و للهوية وصيانة البيئة و الطبيعة و الشجرة وفق رؤية فنية انسانية حضارية..و في هذا السياق

الطبيعة و الفنان.. الزيتونة..شجرة الزيتون..هي حكاية السنوات حيث الفنان الذي تشرب من معين الفنون التشكيلية و الحياة و السفر و الهجرة و القراءة من روايات و أشعار..انها الخلاصة الكبرى التي تمدح الزيتونة هذه الشجرة المباركة..نعم للفن قول عميق ..الفلاسفة و العلماء و المفكرون و السياسيون و قبلهم الأنبياء و ما ورد في القرآن الكريم بخصوص الزيتونة جعل من الفكرة مجالا شاسعا للقول بالألفة و المحبة و السلم و التسامح..

هكذا كانت العلاقة بين "دلفين الحمامات " و شجرة الزيتون..الزيتونة التي هي من أسرته و بينه و بينها علاقة وجد و حياة..انها فلسفة الفن و الطبيعة لدى الفنان التشكيلي عم الهادي فنينة الذي يرسم مثلما يتنفس .. هكذا حدثنا الفنان عن تجربته هذه اذ يقول ".... أذكر الآن بداياتي مع رسم الزيتون حيث قدمت امرأة ايطالية  و عمرها يراوح بين 65 و 70 سنة لتقول لي انها ولدت تحت شجرة زيتون في سيسيليا و قد قضت طفولتها و حياتها في الزيتون و هي تجيءلتونس تقصدا للراحة و حين رأت لوحتي قالت لي حلمي الآن أن أنام تحت اللوحة (بمناسبة عيد ميلادها) و أضافت أنها تريد أن تعلق اللوحة في غرفة نومها حتى تفتح عليها عينها و كان لها ذلك حيث اشترى لها زوجها هذه اللوحة التي رسمتها في ذلك الوقت و كانت عملية الاقتناء من غير( بيع و شراء) تفتوض على الثمن.. هذه أول حكاية  بخصوص الزيتونة في معرض لي كان ذلك في سنة 2005
من تلك الفترة صرت أريد رسم الزيتون و هذه المرأة قادتني الى شيء مهم في حياتي حيث أن شجرة الزيتون دخلت في حياتنا الاجتماعية و هذا ما يذكرني بقوانين الألمان التي تحترم الطبيعة و تجرم من يقطع شجرة أو يقتلع زيتونة و غيرها ..

الزيتونة عندي هي تونس الخضراء و من هنا ألح على ضرورة التكثيف من زراعة الأشجار في محيطنا و حماية الزيتون و أتساءل أين الكم الهائل من الأشجار التي زرعت في أعياد الشجرة كل هذه السنوات السابقة ..والزيتونة هي الأم التي تحمينا من الشمس و البرد و هي في شكلها كالمنزل و أوراقها صغيرة الحجم تعطينا الدفءو الحرارة ..كما أن انعكاس النور و الضوء على الورقة يمنحنا لمعانا  ..أنا أحضن الشجرة و هنا أتذكر أغنية نجاة الصغيرة (حمل الزهور الي كيف أرده و صبايا محمول على كتفيه..) فالزيتونة تقول لنا كيف أرد الانسان الذي يحضنني  و يحبني ..أنا اقعد بجانب الزيتونة و أحدثها و أطلب منها العفو ..فالانسان قد يخطئ مع الأشجار و يهملها و هي مخلوقات ...ان بين الفنان و الشجرة علاقة حميمة ..و مثلما قال الفنان العالمي الكبير سيزان..لدي مشاكل منها كيف أعبر عن اللون و الشكل لدى الزيتونة في لوحاتي..أمي رحمها الله أوصتني اذا حلت بي الحيرة أن أذهب الى الطبيعة ..أنا ذهبت الى الزيتونة و الناس يشترون لوحاتي و قد منحني ذلك طاقة و صارت الزيتونة و غاباتها موضوعا للوحاتي ..الحمامة تحمل في منقارها الغصن الزيتوني و الصبايا يغنين ..آش قربك للواد يازيتونة ...ان الزيتونة مباركة مثلما ذكرها  الله تعالى في القرآن ..ففي بلدان البحر الأبيض  المتوسط حيث غابات الزياتين تقل الأمراض و صار استهلاك زيت الزيتون منتشرا في العالم و في الصين الآن يستهلكون بكثرة الزيت  و الزيتون ..الفقير كان طعامه خبز و زيت و زيتون و الآن صار ذلك غذاء الأغنياء..الثقافات العالمية تغذت من الزيتونة و نذكر ثقافات الاسبان و الطليان ..

من الكارثة اعلان الحروب في العراق و فلسطين و سوريا و ليبيا و اليمن و قلع الأشجار و الاعتداء عليها و اغلاق المدارس..هذه حرب ضد الهوية و الحياة ...بالنسبة لي هناك فلسفة أمام هذه الكوارث فكلما اقتلعوا أشجارا و زيتونا في فلسطين ..أرسها في لوحاتي..أنا أزرع الزيتزنة في لوحاتي ..الألمان بنصحون شعبهم بالزيت و ترك شحوم الحيوانات و هي اشترت الزيوت  من اسبانيا فالاقتصاد عندهم مبني على توعية الشعب و ثقافة الغذاء لتقليل الأمراض و الأدوية و هذا مهم و معمول به منذ 30 سنة..نعم لا بد من التوعية ..و بدون ذلك لا معنى لكلام عن تونس الخضراء..لا بد من المحافظة على الأمكنة المشجرة و المزروعة بأشجار الزيتون.اذن لا بد من العودة الى هوية المجتمع و التي منها حكاية العلاقة مع الزيتون لتقريب الناس من ذلك ..فهذه هي القيم العميقة و الأصيلة ..أدعو الى تعميق و تجذير الاحتفال بالشجرة و لمس و احتضان الأشجار  فالألمان لديهم عيد البطاطا و التلاميذ هناك يعينون عائلاتهم على استخراج البطاطا من الأرض ...هناك من الناس بيننا لا يعرفون الشجرة ..و هناك من لم يلمس شجرة في حياته...."
هذه حكاية الدلفين الحمامي مع الشجر و البيئة و التي تصلح لأن تدرس للناشئة من قبيل العلاقة الثقافية و الانسانية و الحضارية بين الفنان و البيئة ...

حول الموقع

سام برس