بقلم / ناجي الزعبي
الاستعصاء الذي نشهده بين راس المال المالي المضارب الربوي الاميركي و مشروع الانكفاء والتنمية الاميركية الذي تبناه ترامب إبان حملته الانتخابية يعبر عن أزمة الراسمالية العميقة وجوهر المشروع الراسمالي العابر للحدود والقارات وصبغته وسماته الاجتماعية .

وكما يبدو فقد حسم الامر لصالح مالكي الكتلة المالية والاحتكارات وكارتيلات النفط والغاز والسلاح الحكام الفعليّون لاميركا العجوز   .

ببساطة لان رأس المال المالي بحاجة لأسواق لاستثماره على شكل قروض اذا فعليه ان يتخطى الحدود الوطنية للفضاء الدولي لجني الأرباح بعكس ما يتطلع اليه ترامب من انكفاء وبناء تنمية داخلية .

هذا يفسر التخبط والإرباك للسياسة الاميركية التي تبدو وكأنها ثور الحلبات الذي تكال له السهام وهو ينزف جراحاً في كل أنحاء جسده .

ان احتدام الصراع يساهم الى حد كبير في تعميق الازمة الاميركية والتجاذب بين أطرافه فلم تعد تسعف صانع القرار الحلول والمسكنات الموضعية ففي الوقت الذي اتخذ به القرار بتخفيف موازنة القوات الاميركية المسلحة بقيمة ٨٠٠ مليار دولار على مدار ثمانية سنوات بمعدل ١٠٠ مليار   دولار سنويا خرج ترامب عن هذا القرار وعزز موازنتها بقيمة ٥٠ مليار دولار إضافية

وهذا يعني رتق في مكان وثقوب متعددة في أماكن اخرى   .

الامر الذي يفسر توجه ترامب لاشعال الحرائق والحروب في العالم لعقد المزيد من صفقات السلاح مع دول الخليج ورفع سعر برميل النفط لانعاش صناعة الزيت الصخري الاميركي في معادلة تستهدف شركات النفط الاميركية وإيجاد الحلول للاقتصاد الاميركي

المنهك بعد تعذر سرقة العالم على غرار تجارب الماضي كتجربة نهاية الستينات التي أطاحت بديغول وتجربة ال ٧٣ حين أوعزت اميركا للملك فيصل بوقف تصدير النفط ورفعت بذلك سعر برميل النفط مما رفد الخزينة الاميركية بمليارات فارق السعر.

لكن رفع سعر برميل النفط سيسعف الاقتصاد الروسي والايراني والفنزويلي وهي المعادلة التي تعبر عن استعصاء الحلول كيفما اتجهت .

ان صعود قوى مناهضة للمعسكر الراسمالي والتبدل بموازين القوى وخسائر اميركا لمعاركها بدءاً من افغانستان لاوراسيا للعراق لسورية   أثخن جراح الاقتصاد والهيمنة الاميركية الاطلسية ، اضافة للمد الصيني الذي تحاول جاهدة لمحاصرته   والتصعيد والتلويح بنذر حرب جديدة في كوريا متجاهلة الواقع الدولي الموضوعي والتحول في موازين القوى وتفكك المعسكر الخاضع لها وإرباكه فدول الاتحاد الاوروبي تعاني من مديونية تبلغ ١٤ ترليون دولار في الوقت الذي تبلغ به المديونية الاميركية ٨٦ ترليون دولار ، وهي بذلك عاجزة عن تحمل كلفة إشعال الحروب وتحمل تبعاتها

ان أزمة الراسمالية الاميركية والسير على الحبال ذاتية وموضوعية والصراع الاميركي الداخلي والدولي وصل الى حدود تنذر بالمزيد من المخاطر التي تكاد ان تفقد الادارة والنهج الراسمالي قدرته على حفظ توازنه   .
*نقلاً عن الاردن العربي

حول الموقع

سام برس