سام برس / عبدالكريم المدي
اسمه حسين ناصر الردفاني ، يكاد يكون أهم صوت صريح وصادق من أبناء المحافظات الجنوبية نذر نفسه للدفاع عنها وعن التعاييش جهارا نهارا ..

ويكاد يكون أهم وأشرف صوت دافع ويُدافع عن أبناء المحافظات الشمالية الذين يتواجدون في المحافظات الجنوبية ..

نعم ذلك هو حسين الردفاني .. الذي ينتمي لقبيلة ومنطقة نائب رئيس المجلس السياسي الأعلى الدكتور قاسم لبوزه ..
ولمن لا يعرف عنه المزيد، فإنه عضو اللجنة الدائمة الرئيسية في المؤتمر ، اثنى عليه الزعيم علي عبدالله صالح كثيرا وشكره كثيرا على أدواره ومواقفه الشريفة والشجاعة .

والأمين المالي للنقابة العامة للمهن التعليمية والتروبية قبل أن تنقلب عليه وتقصيه القوى المدافعة عن الفساد .
بالصدفة شاهدته اليوم يفترش الأرض ويلتحف السماء في ميدان التحرير ، لم يأكل شيئا منذُ ثلاثة أيام تقريبا، تراكمت عليه الديون في الفندق الذي كان يُقيم فيه،ليُطرد منه إلى الشارع مع سيل من اللعنات وبحر من الإهانات، وسجن لعدة أيام في قسم جمال جميل ..

أول ما شاهدته، وحاولت أن يقضه من غيبوبة القهر، أنفجر باكيا مهزوما مخذولا في وجهي ، لا أجد لكم لغة تصف تلك اللحظة التي قابلت فيهاهذه القامة الوطنية وهذا الشرف والنبل والرفعة والوفاء والوطنية التي تتحدث لك عن نفسها في هذا الرجل العصامي الأصيل ..

 كمن مس وترا حساسا أندفعت شلالات الدموع من ينبوع عيون وعزّة نفس إنسان بحجم جبلي نقم وعيبان تنكّر له الجميع..
 بكى وابكاني معه ، كُسر وكسرني معه ، أنذل وأذلني معه ،سُحِق وسحقني معه .. ابتلعته الأرض وأبتلعتني معه، ارتمى بين يديّ كما لو أن إنسانا أنتحر ورمى بنفسه من أعلى شاهق ..ذاب بين يديّ كما تذوب جبال الجليد بفعل إرتفاع درجة حرارة الأرض.
من منكم لا يعرف حسين الردفاني الذي لا ينام قريرالعين وهناك مظلمة على شمالي في ردفان ، ومن  منكم لا يعرف حسين الردفاني الذي لا يطيب له خاطر وهناك من يُمزّق في النسيج الاجتماعي اليمني ، ومن منكم لا يعرف حسين الردفاني الذي يُدافع عن كل ثوابتنا ومكتسابتنا وتسامحنا وتاريخنا شعرا وكتابة ومواقفا وشهامة ومرؤة وصدق.

حسين الردفاني الجائع المشرّد ..يتواجد في صنعاء منذُ عامين ، وتحديدا من بداية العدوان ، لقد ترك أطفاله وبيته وجاء إلى هنا كي ينضم إلى كوكبة المدافيعن عن يمنيتي ويمنيتكم ،وحدتي ووحدتكم ،مواطنتي ومواطنتكم ،مكتسباتي ومكتسباتكم ،سيادتي وسيادتكم ،حقّي وحقكم ،تعايشي وتعايشكم .. مستقبلي ومستقبلكم ..

حسين الردفاني الذي رديت عليه مؤخرا - لو تتذكر-  يا فخامة نائب رئيس المجلس السياسي الأعلى- بعد أن بعث لك برسالة يبوح فيها عن جزء يسير من حاله الذي، ويُريد أن يستجير بك، وقلتَ له : "توكل على الله "،و" الله يهديك "  .. لقد لجأ إليك ، يا سيدي، ليس بحكم إنك نائبا لرئيس الجمهورية فقط، وإنما بصفتك إنسانا يعرفه جيدا من جهة ،ومن جهة ثانية:  ابن منطقته ابن ردفان ، ابن ثورة  26سبتمبر و14 أكتوبر ..لجأ إليك لأنك - يا فخامتك -  ابن قائد ثورة التحرير المجيدة ..لجأ إليك بعد أن خذله الشمال ويتربّص به الجنوب.

وحسين الردفاني يا فخامة الزعيم  علي عبدالله صالح، هذا الرجل الذي يُقاتل عليك وعلى المؤتمر وعلى الوحدة في كل منبر، لم يُصرف له شيء  مما سبق ووجهت به قبل عام تقريبا ( خمسين ألف ريال شهريا إيجار سكن ومئتنين ألف ريال تدفع له مرة واحدة لتسديد إيجار الفندق المتراكم عليه)..

وحسين الردفاني يا سيدي المناضل الأستاذ عارف الزوكا الأمين العام لحزبنا الرائد " المؤتمرنا الشعبي العام" لا يجد ما يأكل،وجدته محطما ، مبعثرا ، مشتتا ، يُشارف على الجنون ، ثيابه رثّة ، روحه معلقة بين السماء والأرض ، نفسه مكلومة، نياط قلبه ممزّقة، محفظته مقطّعة كصوته، ويظهر فيها بعض من البطائق المنهكة، ومنها بطاقة إنتسابه للمؤتمر الشعبي العام ،عضوية اللجنة الدائمة الرئيسية.

وحسن الردفاني الذي كان يشغل منصب الأمين المالي للنقابة العامة للمهن التعليمية والتربوية، ليست هذه الطعنة الأولى التي تضربه في الظهر، فقد سبق وأن طُعِن من قِبل قيادة نقابته الكبيرة صاحبة المقرّ الضخم والأموال الوفيرة التي قامت بإنقلاب أرعن عليه قبل سنوات ،بسبب نزاهته، واحرمته من كافّة حقوقه التي كانت تضمنها له اللائحة..

هذا الرجل الاستثناء ، يا قوم ، صار يتلاشى أمام الجميع بصورة مخزية ومعيبة ..
لا أدري ماذا أقول وبأي لغة أتحدّث، فلغتي لا تسعفني اللحظة كي أقول أن أكثر من:

إنكم جميعا يامجلسنا السياسي الأعلى ويا حكومة الإنقاذ ويا أحزاب ويا مؤتمر ويا أنصار الله ويا نقابة المهن ويا مجتمع مشتركين بذبح هذا الإنسان العظيم.

وإنكم جميعا تُقدّمون نموذجا سيئا ومشوها للوفاء وللنخوة ولرد الجميل .
وإنكم جميعا تكادون تقولون بأعلى صوت هذا هو مصير كل من يحمل قيم الوطنية والوفاء وينتمي لهذه الأرض والإنسان ، هوى وهوية ،عاطفة ووجدانا ،مشاعرا وثوابتا وتاريخا ..

وإنكم بهذا الخذلان تقتلون الثائر لبوزة في قبره في اليوم الواحد ألف ألف مرّة ، وتقتلون علي عبدالمغني ، والنعمان والموشكي والثلاياء وفيصل عبداللطيف وعلي عنترو كل الوحدويين الأحرار..!
يا للعار ، هل وصل بنا الحال إلى هذه الدرجة من تساقط القيم ؟
وهل ينطبقُ علينا حقّا قول الشاعر المبدع معاذ الجنيد :
( نحن اليمانون يا من ليس تعرفنا
لو لم نكن نحن ، هذا الكون ما كانا؟)

بالله عليكم هل يُشرّفكم أن يحدث هذا بحق قيادي مؤتمري ،وطني ،وحدوي بارز  مثل حسين الردفاني ؟
على المستوى الشخصي ، هذه كارثة ورسالة خطيرة قد يتلقفها كل وطني شريف في كل مكان ويُصعقُ بها ، وعلى المستوى الشخصي أيضا، لم أكن أتوقّع يوما أن يموت الردفاني بهذه الطريقة ، جوعا وكمدا ، صحيح عرفتُ الكثيرعن معاناته ، لكن ما لم يخطر على بالي هو أن يستمر إهماله ويموت بهذه الطريقة ولم ينل،على الاقل، شرف الموت كالأشجار الواقفة.
حسبي الله ونعم الوكيل وكفى ..

عنوان الأستاذ حسين ناصر الردفاني لمن اراد أن يزوره ويتشفّي به ، أويأخذ منه دروسا وعِبرا، يشاهده أمامه وهو يتضور جوعا ،ويحترق بشمس الظهيرة ، ويتجمد ببرد الثُلث الأخير من الليل الذي يهدّه، خاصة وهو ابن منطقة معروفة بإرتفاع درجة حراراتها:
- يتواجد حاليا في ميدان التحرير المدخل الجنوبي للحديقة
- رقم هاتفه، إن لم يكن قد فقده أو باعه  (770623435)
- مواصفاته : ممتلىء بالخيبة ومثن بجراحات النسيان
- نظرةٌ واحدة تُغنيك عن سؤاله وعمّا ألم به.
اللهم لا تُذلنا،ولا تجعلنا نقف، بدافع الحاجة في باب أحد من خلقك.

حول الموقع

سام برس