بقلم / مبارك حزام العسالي
أبدأ مقالتي لهذا اليوم عن الذكرى 27 لتحقيق الوحدة بالحديث عن قمة أعداء الوحدة والشعب والوطن اليمني ، فعندما يرأس قمة المتأسلمين العملاء ترامب الفاجر الداعر المجاهر، فهذا امتهان وسُحق ومنتهى الإذلال للعملاء المستحقِّين لهذه اللعنة، وأن يفرض عليهم هذا المسخ الداشر التطبيع العلني مع الصهاينة ويفرض عليهم فتح الأجواء والأراضي والأسواق لنشاطات الصهاينة فهذه سبة أبدية سوف تلحق من سُيقوا وجُلبوا لساحة الذل والصغار (كبهائم السوق) وأن يجبرهم لتشكيل تحالف عسكري مع الصهاينة (السُّني الإسرائيلي حسب تسميتهم) لمواجهة أعداء الصهاينة حصرياً فهذه قمة الإستهزاء والسُّحق ، ولا يوجد أي قلق من تحالف للمسحوقين الأذلاء الصغار العاجزين ، بل هو بشارة النصر والتمكين والفتح المبين لليمنيين ولكل مناهضي الإستكبار الأمريكي الصهيوني الذي استنجد بهؤلاء الشراذم لنصرته وحمايته؛ أمريكا هي أرض الفجور والفسوق وترامب هو أفجرهم وأوسخهم وأن يسلط الله الأوسخ على العملاء فهذا دليل على بلوغهم قعر الخِسة والدناءة.

وبالعودة للحديث عن وحدتنا اليمنية التي ليست كأي وحدة يمكن أن تتحقق وتصبح في يوم ما عرضة للتمزُّق والتفرُّق مرة أخرى, يشهد لهذا ما مرت به الوحدة من مؤامرات ومكائد حتى اليوم الذي تشهد فيه الوحدة اليمنية حرباً شعواء من قِبل تحالف العدوان الذي يحتل أجزاءً من المحافظات الجنوبية , وما ذاك إلا لأن وحدتنا تمتلك مقومات قوية وراسخة الأمر الذي جعلها صامدة وستصمد أمام أعاصير مؤامرات ودسائس آل سعود ومرتزقتهم من تجار القيم والمبادئ الذين يتنكرون لخيرات الوحدة وعطائها, في الوقت الذي نسوا فيه ما كان عليه حالهم إلى ما قبل الثاني والعشرين من مايو 1990م, يوم أن كانوا يعيشون عهداً أممت فيه الممتلكات, وصودرت فيه الحريات وكُممت فيه الأفواه, عهداً عاش الناس فيه حياةً لا ترقى إلى أدنى مستوى للعيش في أي دولة من دول العالم, وذلك لأن النظام الشمولي "آنذاك" فرض على الناس في الشطر الجنوبي من الوطن سابقاً عزلة إجبارية "كما يفعل اليوم الفار هادي ومرتزقته" جعلت الناس يعيشون في بعد عن التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم كل يوم, عهداً كرَّس في الناس العجز والبطالة, وجعل من الناس أسرى ما يملأ النظام به بطونهم, ولهذا ما من عاقل اليوم في أي محافظة من المحافظات الجنوبية والشرقية يرضى بأن يعود الوطن إلى ما قبل الوحدة وأنا أؤيد ما قاله الرئيس السابق الزعيم علي عبدالله صالح في خطابه بمناسبة عيد الوحدة الـ 27 حيث دعا إلى إجراء استفتاء شعبي يتحدد معه مصير الوحدة اليمنية، في ظل الأصوات النشاز المنادية بفك الإرتباط بين الشمال والجنوب, لأن من أبرز مقومات وحدتنا اليمنية أن المواطن اليمني في أي مكان كان يشعر دائماً أنه ولد حراً ويرفض أن يصير في يوماً من الأيام مسلوب الحقوق مصادر الحرية، من هنا كانت الوحدة استجابة لمطالب شعبية واسعة, كما أن من مقومات الوحدة الترابط والإندماج السكاني فالكثير ممن اكتوى بنار التشطير ما اكتوى بنارها إلا لأن التشطير حال بينه وبين أقاربه الذين ربما كانوا لا يبعدون عنه كثيراً لولا أن برميل التشطير حال دون تواصلهم وتزاورهم , فطالما والاندماج السكاني بين مواطني المحافظات الشمالية ومواطني المحافظات الجنوبية والشرقية له تاريخه العريق إن لم يتعرض اليمن لأعاصير التشطير, فلا يمكن لدُعاة التشرذم والإنفصال أن يفرضوا دعواتهم المُطالِبة بفك الإرتباط على شعب امتزج وزاد امتزاجه أكثر فأكثر بعد الوحدة المباركة يوم أن انتقل المواطن من الشمال ليستثمر في الجنوب ويعيش ويتزوج وينجب في الجنوب, ويوم أن انتقل المواطن من الجنوب ليستثمر أو يعمل ويعيش ويتزوج وينجب في الشمال, إلى ذلك تعد العادات والتقاليد الكثيرة المشتركة بين أبناء المحافظات الجنوبية وإخوانهم في المحافظات الشمالية مقوماً رئيسياً من المقومات التي تشهد بأننا كُنا وسنبقى بإذن الله جسدًا واحدًا مهما أرجف المرجفون وتداعى المبطلون وكما طردنا المستعمر البريطاني سنطرد المستعمر الخليجي الأمريكي, ومما يُضاف إلى هذه المقومات مقوم أساسي لا يمكن لكائن من كان من عدو أو صديق أن يتجاهله وهو وحدة النسيج الجغرافي والذي يرسخ في أذهان الباحثين الجيلوجيين والتاريخيين أن هذه الأرض اليمنية خلقها الله موحدة, وإن حصل في حقبة من حقب التأريخ انفصال فإن الإنفصال هو الاستثناء والوحدة هي الأصل, ومن مقومات وحدتنا كذلك الدين واللغة فمعلوم أن أبناء اليمن حينما أشرق نور الرسالة المحمدية دخلوا في دين الله لم يذكر المؤرخون أن عبدالرحمن الغافقي الحضرمي الذي استُشهِد في معركة بلاط الشهداء في ما يعرف اليوم بأسبانيا لم يذكر المؤرخون أنه كان من شطر اليمن الجنوبي, أو الشمالي بل ذكروه وعرفوا بلده اليمن, هذا إضافة إلى أنه وطالما أن اليمنيين يجمعهم دين واحد لا يعرف الطائفية في الشمال أو الجنوب فإن معتقدات ونصوص وقيم هذا الدين العظيم كلها تدعو إلى التوحد على أساس العقيدة وحدة اندماج تذوب معها كل الحواجز قال الله تعالى {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بينكم فأصبحتم بنعمته إخوانا} وجاء التحذير الإلهي من مغبة التنازع والاختلاف والدعوة إلى التفرق بقوله تعالى {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم}, إلى جانب الدين تأتي اللغة فالكل يتكلم العربية ولم يقف الأمر عند التحدث بالعربية فحسب بل إن اللهجات المتعددة المنتشرة في اليمن قد شارك بعض أبناء المحافظات الشمالية إخوانهم من أبناء المحافظات الجنوبية فيها.

وأخيراً فمن مقومات الوحدة التي تجعلها شامخة راسخة والتي دفعت وستدفع بكل يمني أن يقف في وجه كل داعٍ للفرقة والإنفصال سواء من الداخل أو من الخارج، الممتلكات التي فرضت نفسها كواقع لا يمكن تجاوزه بأية حال لأبناء المناطق الشمالية, في كل المحافظات الجنوبية التي انتشر فيها اليمنيون من مختلف المحافظات تلبية للدعوة الموجهة لرأس المال المحلي للاستثمار وإعمار المحافظات الجنوبية والشرقية التي تأخرت عن مواكبة البناء والتطوير جراء الحكم الشمولي الذي صادر المال والأرض والعمران, فإذا كانت هذه بعض مقومات وحدتنا والتي يجب على كل من تحدثه نفسه وتمنيه بأنه يمكن أن يصل إلى مآربه بالإنفصال أن يعود إليها ويراجعها جيداً قبل أن يخسر رهانه وقبل أن يدخل في نفق مظلم لا يعلم نهايته إلا الله وحده.

حول الموقع

سام برس