بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
صُعق العالم العربي والاسلامي بعد ان ضرب الاعصار السعودي هذه المرة قطر التي ماتزال في حالة ذهول من هول الصدمة والتوحش الغير مبرر!!

هذا الاعصار الرباعي المخيف والزلزال الفظيع والسيناريو الخارج عن اطار العقل والمنطق رأت فيه السعودية " الفرصة"  سانحة للنأي بتهمة الإرهاب عنها في الكثير من بؤر التوتر وتغذية الصراع في سوريا والعراق واليمن وغيرها بعد ان فتحت خزائنها للولايات المتحدة الامريكية مقابل ضؤ أخضر لفرد عضلاتها وتصفيت حساباتها ومحاولة احكام سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط دون منازع . 

هذا الجبروت والطغيان على دولة" قطر " التي لايتجاوز عدد سكانها الثلاثمائة الف مواطن ومساحتها  11.521 لم يكن وليد اللحظة ، كما انه جاء ترجمة حقيقية لقمة الرياض التي حضرها الرئيس الامريكي " ترامب" مفوضاً حكام الرياض بالعبث والتهور ولعب دور الشرطي المتوحش في المنطقة دون رحمة بعد ان مهدت زيارة ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الى واشنطن للعب هذ الدور البشع.

مشكلة قطر ان احلامها كبيرة وطموحاتها أكبر من الواقع الذي تعيش فيه والغابة التي تتعارك فيها والذئاب التي تتربص ببعضها لأنها ارادت ان تغرد بعيدا ًعن عباءة الرياض بثرواتها وان تستقل بقرارها السياسي والسيادي وان تتجاوز الخطوط الحمراء  وتقتحم حقول الالغام التي صنعتها الشقيقة الكبرى ، بعد ان أصبحت قطر الدولة العربية الأكثر تقدماً في مجال التنمية البشرية في الشرق الأوسط وحققت اعلى دخل للفرد على مستوى العالم، ونسجت علاقات متميزة مع امريكا وايران وإسرائيل وغيرها من الدول وساهمت في دعم الإخوان المسلمين وحركة حماس الصامدة ضد الاحتلال الصهيوني وغيرها من حركات المقاومة والجماعات والمنظمات الراديكالية والناشطين الذين حولوا الربيع العربي الى جحيم لتجني إسرائيل ثمار الفوضى الخلاقة.

فحين واصلت قطر  تمردها على الهيمنة السعودية التي دعمت أحداث 11 سبتمبر الارهابية في امريكا وتمول ايضاً الجماعات التكفيرية الوهابية وجزء من جماعة الاخوان والسلفيين والمليشيات المسلحة وتمارس نفس الدور القطري في تثوير الشعوب في محاولة لتأديب قطر وادخالها بيت الطاعة والحد من تطلعاتها وسياساتها التي ارقت الرياض ، لم تخضع الدوحة لذلك بل واصلت سياستها وصون ترامبها الوطني.

نحن هنا لا ندافع عن قطر أو أميرها او نغطي على خطاياها الجسيمة في عدد من دول الشرق الأوسط  التي تراها من زاوية مصالحها مشروعة ولكننا نستغرب حالة التوحش وسادية حكام الرياض والحملة الإعلامية المرعبة والمغرضة في كافة وسائل الاعلام السعودية والاماراتية والمصرية والبحرينية وخنق وترويع الشعب القطري وفرض الحصار البري والبحري والجوي بعيداً عن أي وازع ديني او أخلاقي وانساني ، ولم تكتف بذلك بل واصلت جبروتها بقطع العلاقات الدبلوماسية والحصار الاقتصادي ووقف تصاريح وانشطة وكالات الطيران وترحيل القطريين وتدمير العملة وعدم استقبال السفن وبث الشائعات وتحريض الداخل القطري " المتماسك" للانقلاب والتلويح بغزو عسكري للإطاحة بـ أمير ودولة مستقلة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة التي تجردت عن حفظ الامن والسلم الدوليين والحفاظ على سيادة الدول لتصبح أحد تجار الحروب. 

ورغم الافراط في الوحشية إلا ان المشاهد والمتابع العربي يرى ان الاعلام العربي سقط بكل ماتعنية الكلمة ويضع أكثر من علامة تعجب واستفهام حول حالة النفاق الدولي والسقوط الخليجي والانحطاط العربي والصرع الاسلامي والمواقف الضبابية لواشنطن واوربا ، كما يستغرب المواطن العربي تنسيق الرياض وابوظبي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بصورة مباشرة وغير مباشره وعدم توجيه " السعودية والامارات " هذه الالة الإعلامية المدمرة والترسانة العسكرية الضخمة والصواريخ والقنابل الفتاكة والثروات الضخمة في مواجهة العدو الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين والمهدد للامن القومي العربي ، وفتح مطارات الامارات والسعودية ودول الخليج للاسرائيليين بكل ترحاب وانحناء!! .

 ومايثير الانتباه والمؤسف له ان الشروط السعودية والاماراتية التي حملها أمير الكويت ركزت على الزام قطر بوقف دعم حركة المقاومة الإسلامية " حماس" وهو مايجسد العلاقة المشبوهة مع إسرائيل في مقابل ضؤ اخضر امريكي لحكام الرياض بإعادة ترتيب أوضاع المنطقة وتدمير ماتبقى من الجيوش العربية خدمة لاسرائيل مقابل سيطرة السعودية على القرار في المنطقة العربية وتغييب الدور المصري الذي أصبح " تابعاً " بكل ماتعنيه الكلمة!!؟

ورغم المأزق الخطير الذي وقعت فيه قطر إلا انها تحاول امتصاص الحملة الشرسة بحكمة  للتكتل الرباعي وتنتهج التهدئة وتتجاوب مع المبادرات والمساعي الحميدة وتوقف وسائل اعلامها التي ازعجت الكثير من الدول عبر قناة الجزيرة والبيانات والتصريحات القطرية التي تدعو الى الحوار والاستعداد لحل أي اشكال مع السعودية والامارات للخروج من الكارثة.

وحقيقة الامر ان مانقلته العربية وسكاي نيوزعربية من صور ومشاهد واخبار وعناوين مفبركة وتحليلات لسياسيين واقتصاديين وقادة مدفوعة الاجر بإن القطريين يتهافتون على المواد الغذائية التي تكاد ان تعدم من الاسواق والسوبر ماركت هو محض افتراء وحرب نفسية ، لاسيما بعد ان اتصلت ببعض الاقارب في قطر للاطمئنان عليه واجاب بإن الامور طبيعية ولاتوجد ازمة إلا في قناة العربية وسكاي نيوز ، مؤكداً ان اليمن في السنة الثالثة للعدوان والحصار والدمار والمواد الغذائية تملاء الاسواق

ورغم " المرونة " وسياسة النفس الطويل  لدولة قطر تواصل السعودية غرورها وجبروتها وحماقتها ويُخيل اليها أن قطر تحتضر وانها ستلتهم الدوحة وتسقط النظام على غرار غزو العراق وتنصب حكاماً " خونة" من البيت القطري أو غيره لنفيذ مراميها واشباع رغباتها الغير مشروعة ، في حين لاندري  مايدور وراء الكواليس وكم من " قشة " قصمت ظهر البعير والتاريخ السياسي ملي بالعبر والمفاجآت ، لاسيما بعد غموض الموقف الروسي والإيراني والتركي وهدوء جماعة الاخوان المسلمين وغيرها من الدول والمنظمات والحركات التي ترتبط بعلاقة وثيقة مع الدوحة علاوة على الثروة التي لها سحرها في تغيير المواقف كما فعل بن سلمان بإمريكا والامم المتحدة واوروبا والمنظمات الحقوقية والانسانية!!.

ورغم تلك العواصف العاتية والزلازل المدمرة ورغبة الانتقام وتسعير الحرب نتمنى ان يحتكم الجميع الى لغة العقل والمنطق وان يكون الحوار والمصارحة والمصالحة هي الغاية لحماية البيت الخليجي من خلال المساعي الحميدة لدولة الكويت وسلطنة عمان وكل وسيط " نزية" للتوصل الى أرضية مشتركه واتفاق مرضي بدلاً من المغامرة والمقامرة والتشرذم الذي قد  يشعل المنطقة ويدخلها في مستنقع قد يدمي ويغرق الجميع.. أملنا كبير.

Shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس