بقلم / منى صفوان
في العالم  2011 حين كانت ليبيا تشتعل، خرج عزمي بشارة على الجزيرة ليقول، انها فرصة للتعرف على الشعب الليبي، فنحن لا نعرف من هذا الشعب الا القذافي، و الان نجدها فرصة للتعرف على الشعب القطري، الذي نراه لاول مره على الجزيرة.

من كان يتوقع، ان يهاجم “اعلام التحالف” قطر، في خضم عاصفة الحزم على اليمن، فهاهي الحرب الاعلامية على اشدها، حيث لن يوفر اي طرف جهده،  لمزيد من التصعيد، لا يوجد طرف يهمه احتوء الامر، فكانها فرصة كان الجميع ينتظرها. لاسيما الدوحة التي استبقت الامور وقفزت الى مرحلة التصعيد العسكري، واكدت ايضا علاقتها بايران، وكانها تقول ان كان التقارب مع ايران والاخوان يضايقكم ، فهاهو مزيد من التقارب، وهذه هي سياستنا الخارجية.

اُحرقت كل المراكب الخليجية، فلا قوارب للعودة، ها نحن اليوم نرى  الخليجي يطرد الخليجي من ارضه، ويحظر عليه السفر عبر سمائه، خطوه لم تفعلها السعودية باليمن التي تحاربها منذ عامين ونصف.

 اجواء تعيد للاذهان العام 1991، وقت الحرب على العراق، الوقت الذي دخل فيه الاسطول الخامس، ونفس الاجواء تعود، مع قرب تحرك الاسطول الخامس من موقعه، خطوات تصعيده ضد دولة مشاركة في عاصفة الحزم على اليمن، ضد الحوثيين،  حتى ان الحوثيين انفسهم استغربوا هذه الخطوة.  ووسط استغرابهم لايفوتهم اضافة مزيد  من البهار للاحداث غير المتوقعة، باعلان التضامن مع قطر.

هاهو التحالف ضد قطر، والحوثيين معها، اي عالم نعيش فيه، هل هذه هي  نتيجة  عاصفة الحزم التي شنت بنبرة اعلامية حازمة للقضاء على مليشيا ايران في اليمن، وانهاء الانقلاب، واستعادة الدولة “حكومة هادي”.

وعن موقف الحكومة اليمنية ، الذي لايقل هو الاخر هزلية، وجدت الحكومة التي  تتسلم  راتبها  من الدوحة  نفسها  مجبرة على تأييد الخطوة السعودية ، بل ان حزب الاصلاح الاسلامي ” الاخوان في اليمن”  اصدر بيانا يؤيد قطع العلاقات مع قطر.
لكن حزب الاصلاح   في اسطنبول يبدو اكثر تحررا من تبعية القرار السعودي، وقال  ان موقف الحكومة لا يمثله، وواصل  الاصلاحيون هناك  دفاعهم عن قطر “العظمى” .  دفاع شرس لم تنال  بلدهم “اليمن” على جزء بسيط منه، وهي تضرب وتحاصر من عامين.

فقد وصف “اصلاح اسطنبول”  قطر بالعظمى، فقطر العظمى محظوظة بهذا الكم من التعاطف اليمني معها، الذي جمع الفرقاء “الاصلاح والحوثيين”، الذي يتصارعون منذ سنوات على رؤوس الفقراء.
 السوبر ماركت كله محاصر

حالة تعاطف شديدة بين اخوان اليمن تظهرها مواقع التواصل مع الشعب القطري ، الذي يتزاحم على رفوف السوبر ماركت، بينما شعبهم الام ، في اليمن يعيش مجاعة حادة، وتفشي الامراض وتفاقم الكارثة الانسانية، لكن التعاطف الاصلاحي يذهب الى مأساة “الشعب القطري” الذي يقف في طوابير عربات  مكتضة بالمعلبات.

اي مهزلة نعيشها، بل لماذا  كتب الله لنا العمر لنعيش هذا الدمار الانساني في القيم وازدواجية المعايير، لم يعد احد يذكر اليمن، لا الحكومة الشرعجية، ولا الحوثيين، الذين رفضوا اولا الهجمة الاعلامية على قطر، والتي عرفت بتصريحات تميم، ثم تضامن محمد  الحوثي مع قطر نفسها بعد قطع العلاقات معها، بل  ودعا السعودية الى اعادة النظر بالامر.

لا نعلم  لماذا لم تاخذ السعودية كلام  “محمد الحوثي” بعين الاعتبار وعلى محمل الجد، وتعيد النظر بقرار قطع العلاقات، وتستفيد من العقل السياسي الحوثي الذهبي ، الذي ذهب ببلد كامل الى الهاوية.

وتكتمل فصول الهزل السياسي بثلاث موانئ ايرانية تفتح من اجل عيون قطر، في حين اليمن التي تضرب ليل نهار بسبب تهمة التعامل مع ايران ،لم تصلها المعلبات والاغذية الايرانية الصحية، بجانب شحنات الاسلحة.

اليمنيون يموتون امام اعين الايرانيين،الحوثيين ،الاصلاحيين والسعوديين والشرعجيين، والقطريين، فقطر نفسها في دائرة هذه المهزلة لا تنسى ان تذكر السعودية انها شاركت باخلاص في حرب ضرب اليمن، فكيف نسيت السعودية تعاونها معها للتخلص من اليمن.
لم نعد نسمع في قناة “العربية ” الا الاخبار التحريضية ضد قطر، قطر الارهابية، قطر المتأمرة ، قطر الصهونية ، قطر الايرانية ، والاخوانية، في حين تراجعت  حصة الحوثي الى الخلف مؤقتا،  وهو الذي كان يتصدر  المشهد، وظهر بديلا عنه تقارير  انسانية  عن تفشي وباء الكوليرا في اليمن.

هل كان احد يتوقع تراجع الخبر اليمني والحرب الاعلامية على الحوثيين من قائمة الاهتمام الاعلامي السعودي، مقابل مواصلة الحرب الاعلامية على قطر، اصبحت قطر هي هدف المدافع الاعلامية السعودية- الامارتية ليل نهار، في المقابل لم توفر الدوحة جهدا لحضور الجيش التركي.

قطر كانت تلعب لعبتها منذ اعوام على مراى ومسمع دول الخليج واولها السعودية، تماما كالفتاة اللعوب التي يعرف اهلها كل ما تفعله، فلماذا قرروا الان معاقبتها، لا احد متفاجئ من  حقيقة دعمها للارهاب،  لكن ان نسمع ذلك في منبر سعودي، فهذا هو المدهش.
مندوب اممي الى قطر

عزلة قطر لا تعنينا، فلا احد يهتم لعزلة بلد غني قادر على تغير مسار رحلاته، لن يهتم الا المتضرر، واليمن كبلد متضرر لن يتضرر بسبب عزلة  “قطر العظمى” وخلو بعض رفوف السوبر ماركت في سيتي سنتر الدوحة، لا يعني شيء ل 18 مليون يمني يعانون من الجوع.

لن تقطع الراوتب، ولن يموت الشعب القطري من الجوع، وتنتشر الاوبئة، وينهار النظام الصحي. وبنفس الوقت ليس لدينا ايضا رفاهية الشماتة، والتشفي ببلد يحلق باجنحة فخمة، فنحن شعب مشغول بامره،  ومغلوب على امره.

 اليمنيون من 7 اشهر بلا راتب، الامراض تنتشر، و الحصار الحقيقي يفرض  برا وبحرا وجوا، المليشيات لا تاخذ استراحة حرب حتى في رمضان ، والقتال متواصل والقصف والضرب العشوائي، وطيران التحالف لم ينشغل بالازمة  القطرية ليكف حربه على اليمن.

“العدوان على اليمن ماعادا قطر” هكذا اصبحت الجملة الهزلية مؤخرا، حيث يتضامن الحوثيون مع من يصفونهم منذ اعوام  بالدواعش، تضامن الحوثي وحكومة “هادي”  الشرعجية، ايدت قطع العلاقات، طفل جديد الان بترت اطرافه جراء قصف مليشيا الحوثي، وطفلة فقدت حياتها بسبب قصف التحالف، والحوثيون مشغولين باثبات حضورهم السياسي في المشهد الخليجي.

حتى الامم المتحدة مهتمة وتقول انه يمكنها لعب دور الوساطة، يمكن لنا ان نتخيل الان مندوب اممي الى قطر، و مبادرة يمنية لحل الازمة الخليجية، يال الماساة، التاريخ فعلا يكرر نفسه في المرة الثانية كملهاه.

قطر التي اشعلت الدنيا في اليمن وقبلها مصر ،سوريا وليبيا، وتكلمت عن الشعب العربي وباسم الشعب العربي، وحرضت الشعب العربي، هاهو اليوم الاعلام الخليجي يتحدث عن الشعب القطري، ويحرض الشعب القطري على حكومته الارهابية.
التعاطف الخليجي مع قطر ممنوع،  وهي عقوبة تصل للسجن، وبالتالي هذا التصعيد لايهم اليمن في شيء، لكن نجد  لليمنيين انوف كبيرة يحبون حشرها في الازمة السعودية – القطرية، من باب من يعادي السعودية يستحق دعمي.

 في المقابل لم يغرد “تميم”  شكرا لمحمد الحوثي، ويؤكد حرصه على العلاقات مع الحوثيين، بعد ان قال له الحوثي  انه لن يقطع العلاقات حتى لو فعلت الامارات والسعودية. يال المسخرة.

موقف حوثي  شهم ، من جماعة تبيع للمواطنيين في صنعاء ، بضائع غدائية فاسدة،  باسعار مضاعفة مقابل بطاقة تموينيه يتم صرفها بدلا من الراتب.

ماذا تريد ان تسمع ايضا عن مهزلة ومأساة القرن، ان تسمع الاصلاحين في اسطنبول يقولون انه الان انه  “عدوان سعودي على اليمن” ، فقط لان السعودية عزلت  قطر، الهذه الدرجة اصبح الانتماء.

انتماء الاصلاحيين لقطر، وانتماء الحكومة الشرعجية للسعودية، وانتماء الحوثيين لايران، اذا لماذا التباكي على اليمن طيلة هذه الفترة، لماذا كل هذا الحديث عن الشعب اليمني، لماذا تهتمون اكثر بهذا الشعب المنفي، دعوه يموت  جوعا وقتلا وقصفا ومرضا، لماذا تصرفون وقتكم  بالتعاطف، ام انها مجرد سياسية حكيمة اخرى من قبلكم لمزيد من الابتزاز السياسي .

دعكم من هذا الشعب الفقير، اهتموا بالشعب القطري الغني ،شعب تميم المحاصر،  انتظروا غارة جديدة للتحالف العربي بدون قطر، تقتل المزيد من الابرياء،  حتى تظهر  في شاشاتكم  صور الاطفال ، لتثبتوا للعالم شراسة السعودية،  وانها بلد شرير، ولينتظر الاصلاح  مزيدا من القصف العشوائي على “تعز″ ، ليظهر  الاطفال مبتوري الاطراف، ليؤكدوا للعالم ايضا كم هم الحوثيين اوغاد واصحاب قلوب قاسية.

 الانتقام المنصف

استمروا بالتلاعب وباحتراف صنعة المتاجرة بالوجع  اليمني، لا بأس، فانتم جزء من مهزلة  قدرية كبرى، فمن ينتظر منكم شي اخر او شي من جدية،  وتحمل لمسؤولية.

اما الوجع اليمني ، فهو في دائرة القضاء والقدر، وستدور  الايام والزمن على السعودية وقطر  ، ويرد العقاب لمن تسبب بهذا الوجع ، فسواء كنت تؤمن ام لا، فهناك قوة كونية كبرى، يمكنها حكم العالم بالعدل ، يمكنك الان ان تشاهد كيف ستدور الدائرة، ويحدث الانتقام المنصف لكل من نال من هذا الشعب العزيز، هذا الشعب الفقير الذي دخلت اليه ملايين الاسلحة لتغذية الحرب، وارسلت اليه مليارات الدولارات لانشاء الجماعات الارهابية المقاتلة، هذا الشعب الذي يتضور جوعا منذ سنوات بجانب اغنى الدول في المنطقة والعالم، والتي تعقد صفقات اسلحة بالمليارات، هذا الشعب الذي لم يترك لوجه الله .

نحن فقط ننتظر وننظر لانتقام القدر في هذه الايام المباركة،   ودائما انتقام القدر منصف.  نحن لا نتشفى ولا نشمت وكذلك لا نشفق على ذبح البقرة الحلوب ،  وكما قال  “خليل جبران”  نحن لا نشمت ولكننا نحب ان نرى الزمن والايام كيف تدور”.
نقلاً عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس