بقلم / عارف الشرجبي
 فرصة سانحة ثمينة لا تعوض جادت بها أواخر شهر رمضان المبارك لوجهاء وكبار وعلية القوم في تعز لاستعادة ماء الوجه المسكوب على قارعة الطريق التي يسلكها نازحو تعز أطفالا ونساء وشيوخ في شوارع العاصمة صنعاء وغيرها من المدن اليمنية هربا من الموت المحقق الذي جلبه العدوان السعودي الأرعن منذ عامين وثلاثة أشهر عجاف فرصه سانحة لنعيد لأنفسنا ولكرامتنا ولآدميتنا ولو جزءا يسيرا مما فقدناه حين توارينا خلف عجزنا عن عمل شي يذكر لنجدة امرأة أو طفل أو شيخ عجوز تقطعت بهم سبل الحياة وهم يبحثون عن بصيص أمل في العيش الكريم الأمن ولكي نكون على بنية من أمرنا لابد من التوضيح باني هنا أخاطب وجهاء تعز الذين صمدوا في وجه العدوان وليس اؤلئك النفر الهارب خلف الحدود ممن أيدوا العدوان وتسببوا بهذه المعاناة لليمن عامه ولتعز ونازحيها بشكل خاص والتي تتعاظم وتتسع بكل آلامها وقسوتها ومذلتها مما يجعلنا نبحث عن هؤلاء الوجهاء الذين يبدو أن الهم الوطني الكبير قد جعلهم يديرون ظهورهم ويشيحون بوجوههم بعيدا عن نازحي تعز وكان الأمر لا يعنيهم من قريب او بعيد في الوقت الذين يفترض بهم أن لا يتخلون عنهم كونهم( الوجهاء) قد صعدوا الى أبراجهم العالية على حساب هذه الشريحة المنكوبة التي يفترسها الالم وتعتصرها الحاجة والجوع ويمزقها التشرد في الوقت الذي توارت النخب خلف جدران منازلهم وأسوار  أبراجهم  أو خلف عساكرهم وحجابهم او عجزهم المهين او خلف حدود الوطن تاركين نساء وأطفال تعز تجوب الشوارع بحثا عن الفارس المأمول الذي يخلصهم من الموت جوعان خلف الجدران خجلا وعفة وعزة ومحافظة على آدميتهم من الهوان ومن ذل السؤال.

اختبار صعب فشل الكثير من ابنا تعز خلال العامين الماضيين من اجتياز. هذا الاختبار يتجلى في إيواء وإغاثة وعلاج النازحين المشردين والمهجرين قسرا من تعز الى مناطق شتى في بلادنا الحبيب لاسيما في هذه الأيام والليالي الرمضانية المباركة التي تتضاعف فيها الحسنات . نعلم علم اليقين أن كل وجها تعز الذين ينتشرون في عموم الساحة اليمنية داخل دهاليز وأروقة السلطة بتدريجاتها من أعلى قمة هرمها الى أدناها قد صعدوا على حساب العامة من أبناء تعز كممثلين لهذه المحافظة في السلطة الرسمية او كواجهات قبلية واجتماعية أو برلمانية أو وروية بما فيهم التجار وأصحاب ورءوس الأموال فالجميع دون استثناء صعدوا على حساب الذين نشاهدهم اليوم يجوبون الشوارع بحثا عن لقمة عيش وبقايا طعام وكسرة خبز جاف أو قطعة قماش تقي أجسادهم وأجساد أطفالهم ونسائهم من البرد والانكشاف بعد أن أجبرتهم الضيوف على مغادرة مناطقهم تاركين خلفهم كل شي لينجون بأنفسهم وأطفالهم ونسائهم فوقعوا بين كماشة الجوع وتجاهل نخبة تعز بعد أن تنكرت الدولة لهم وتخلت عن القيام بواجبها الدستوري في إنقاذهم باعتبارهم نازحي حرب تتكفل الدولة بإيوائهم طبقا للقانون الدولي الإنساني. لاشك أننا جميعا نقف اليوم أمام اختبار متعدد الأوجه والمعاني والدلالات فهو اختبارا إيمانيا لمدا ارتباطنا بالله وتمسكنا بتعاليم دينه القويم في قوله تعالى (أو إطعام في يوم ذا مسغبة ) وهو اختبار أخلاقي يعزز قول الشاعر (فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فان هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا.) أقول وبشفافية متناهية إما أن نكون أو لا نكون بعد اليوم إذ كيف لنا إن نرفع رؤوسنا وهذه الآلاف من الأسر النازحة تنظر إلينا بكل احتقار وازدراء وربما حقد وشماتة معا كيف يمكن للمسئول من أبناء تعز أو الشيخ وعامة من حسبوا على طبقه النخبة التعزية أيان كان موقعهم ان يرفعوا رؤوسهم بعد اليوم وقد تخلى الكثير منهم عن ابسط قيم تلك المعاني _الوجاهة _ المرتبطة ارتباطا وثيقا بقيم ومعاني الرجولة والشهامة ونجدة الملهوف حين تخلى الكثير عنها بل وذبحها جهارا نهارا حين  ترك واجبه في نجده نازحي تعز ومهجريها .

ندرك تماما أن كثير من واتجاهات ووجهاء ومسئولي وتجار تعز قادرين على فعل الكثير لهواء المنكوبين ولكنهم لا يفعلون وبالتالي كيف للشيخ أن يسمي نفسه شيخا وقد تخلى عن ابسط معاني وقيم المشيح  وأعرافه في نجدة الملهوف وكيف يمكن ان نسمي المسئول مسئولا وقد تخلى عن مسئوليته عن أبناء جلدته ومدينته في وقت عصيب كهذا وكيف لنا ان نحترم تاجرا تعز حين يتخلى عن واجبه الديني تجاه أبناء جلدته في تعز واليمن عامه ولم يعمل بقول الرسول الكريم خذوا من اغنيائهم وردوده على فقرائهم. وقوله خيركم خيركم لأهله.

 

وكيف يمكن أن نحترم أنفسنا كنخب مثقفة دسينا رؤوسنا بالرمل كالنعامة وكان أمر هؤلاء المنكوبين لا يعنيا كيف يمكن أن نحترم المقصرين الذين يغلقون تلفوناتهم وقلوبهم وأبوابهم ويتخلون عن واجبهم والوطني والديني والأخلاقي في إنقاذ أبناء جلدتهم مع سبق الإصرار بل أن المخزي والمؤلم أن نجد البعض يبحث عن فرصة للتكسب من هذه المعاناة او انه ينكر وجودها أو يقلل من وطئتها فيصبح جزءا من هذه المعاناة فيزيدها ألما وقسوة. وحتى لا يتهمني البعض خطئا أقول أن هناك جهود بذلت ولازالت تبذل من اجل النازحين قام بها أناس وواجهات ومشائخ هم معروفين للجميع وقد تطرقت لجهودهم وذكرتهم بالاسم في مقال سابق قبل أسبوع من ألان وسأتحاشى تكرار ذكرهم حتى لا يحسب الآخرين الذين لن أتطرق لهم. في مقالي باني استهدفهم أو إني أوجه اللوم لهم فهناك الناس قدموا الشيء الكثير من الجهد والمال وان كان لا يرقا الى مستوى الكارثة الكبيرة التي يعانيها النازحين الذين قصرنا جميعا بحقهم مع تفاوت حجم التقصير ومبرراته وحيثياته. يتبع. رؤية متواضعة عاجلة وملحة لإنقاذ النازحين بمافيها كسوة العيد.والله من وراء القصد

حول الموقع

سام برس