بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
 نعيش الصدمة تلو الاخرى والفضائح المتتالية في  اقطارنا العربية والاسلامية ، إلا ان الصدمة الاعنف  والفاجعة الاكبر هو الحديث عن ما يتعرض له مسلمي  الرهيونجا من مجازر ومذابح وحشية ودماء ودمار  وحرائق يرتكبها جيش ومليشيات بورما بصورة ممنهجة  امام الرأي العام والمجتمع الدولي ، كما يرتكب " دواعش " العرب  والمسلمين المذابح دون ادنى رحمة أو ضمير انساني  ، لاستغاثة وصراخ وبكاء ومأساة ورعب اطفال ونساء  وشيوخ وشباب " الرهيونغا".

ولذلك فإن ما يتعرض له شعب الرهيونجا من اغتصاب  وجرائم مروعة منذ الغزو البورمي لأراكان سنة 1785  وفرار ما يصل إلى 35 ألف أراكاني إلى مقاطعة  شيتاكونغ المجاورة التابعة للبنغال البريطاني  سنة 1799 هربا من اضطهاد البورميين وطلبا لحماية الهند البريطانية ، ومازال مسلسل التوحش والتهجير الذي وصل منذ تاريخ 25 أغسطس الماضي  الى 145 ألف لاجئ وصمة  عار في جبين الانسانية والدول العربية و الاسلامية والامم المتحدة ومجلس الامن  والمنظمات الحقوقية  والانسانية.


ورغم تلك المجازر والمذابح يواصل رئيس أركان جيش  ميانمار وكتائب الموت متحدياً العالم بإن ما تقوم به قواته هو "إنهاء لمهمة بدأ تنفيذها منذ أيام الحرب  العالمية الثانية".


ما زلت أتساءل انا وأبناء جلدتنا وإخواننا في  الانسانية والاسلام أين دور منظمة التعاون الاسلامي  والازهر الشريف وعلماء مكة وقادتها الذين جمعوا أكثر من 170 زعيماً وقائدا دولة إسلامية تحت غطاء السنة الذين سفكوا دماء المسلمين بالشرق الأوسط بالفتاوى الشيطانية؟.


وأين مليارات وجيوش وصواريخ وبوارج وطائرات  وقنابل السعودية والامارات والبحرين ومصر وإندونيسيا وباكستان ،،؟ ، وأين دور قطر الذي قلبت المنطقة رأساً على عقب في  الربيع العربي الدامي وفتاوى القرضاوي والسديس وآلـ شيخ والقرني والعريفي والزنداني  التي أشعلت النيران في جسد كل عربي ومسلم ومدينة وقرية وشارع ومنزل  ومتجر ومؤسسة حكومية ؟.


ولماذا لاتُثار وتُحرك مليشيات الجنجويد السودانية  وبوكو حرام والقاعدة و"دواعش" تونس وليبيا والمغرب والجزائر وبريطانيا وفرنسا والشيشان وداين قروب ،،الذين تم تجنيدهم وتدريبهم والزج بهم في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وليبيا لأسقاط انظمتها وتدمير مقدرات شعوبها وأمنها القومي وازهاق أرواح اطفالها ونساءها ورجالها تحت ذرائع وحجج أضعف من بيوت العنكبوت .


ألم يحن الوقت لملوك وزعماء وعلماء وقادة  وسياسيي ودبلوماسيي الدول العربية والإسلامية  وشياطين مجلس الامن  الخمسة والانسانية جمعاء تفعيل الضمير والضغط على نظام بورما الارهابي  لإنقاذ ما تبقى من الرهيونغا بغض النظر عن كونهم  مسلمين او غير مسلمين والوقوف بحزم في الامم  المتحدة ومجلس الامن الدولي ومجلس حقوق الانسان  ومحكمة الجنايات الدولية ضد الجرائم البشعة التي  شردت وهجرت اكثر من 140 ألف رهيونجي ، وقتلت  واغتصبت وأحرقت منازل الالاف المدنيين .


لماذا كل هذا التخاذل ولمصلحة من كل هذا الضعف والهوان  والتلذذ  بدماء الشعوب ، ولماذا تتحرج الامم المتحدة من وصف نظام بورما بـ " الارهابي "، ولماذا لايُفعل البند السابع إلا ضد دول وقادة وشعوب بعينها في حين يعطى الضوء الاخضر لارتكاب المجازر وباتفاق جزاري مجلس الامن الدولي الذين يوفرون الغطاء الاممي  لاستمرار مسلسل سفك دماء الانسانية .


 كما نعجب ونطرح العديد من علامات الاستفهام من  المواقف العربية والاسلامية المخجلة والادانات  الاممية المهينة والمواقف الامريكية السلبية  والروسية المنحازة لجزاري لبورما وتدفق السلاح  الاسرائيلي لقتلة بورما ، والموقف الهندي الصامت ، التي شجعت الجلاد على استمراره في ارتكاب المجازر وسياسة التشريد والتهجير والجوع والعطش  والرعب  ونزيف الدماء بعد ان تحولت  البشرية الى وحوش مفترسة تأكل بعضها في ظل  انهيار القيم وتوظيف الاديان والنفاق العربي  والتخاذل الاسلامي والفجور الدولي .


 ومازالت مواقف الدول العربية والاسلامية المخجلة  مجرد  بيانات ادانه وشجب واستنكار لاتُقدم ولاتؤخر بعد ان تملكتهم شهوة الحكم وعبث السلطة ونزيف المسؤولية ، لان كل تلك الدُمى والقيادات الساقطة والمتساقطة قُتلت فيهم مشاعر الانسانية وماتت الغيرة وأصبحوا وصاروا كغثاء السيل بعد ان جعلوا كل همهم السلطة  والتسلط والمال  والتآمر وديدنهم الراحة والخمور والخمول وحياة القصور والليالي الحمراء.


كيف لنا نرتشف شربة ماء او نبلع لقمة أو تغو عيوننا أو تهدأ قلوبنا ومشاعرنا او نشعر بالسعادة والامن والاستقرار والسلام والامم المتحدة  ومجلس الامن الدولي على مدار الساعة تمارس  قمة  النفاق و الابتزاز والتوحش الدولي ، وهي في ذلك لا تقل بشاعة عن مجرمي بورما واسرائيل والصرب ومافيا المخدرات  وتنظيمات داعش  وجيش الشام والنصرة وبوكوحرام ، بل انها أفظع واخطر من كل هؤلاء الارهابيين بعد ان  نصبت نفسها الخصم والحكم.


 ويتجلى ذلك الارهاب في ممارسة الخمسة الكبار  بمجلس الامن الذين أشعلوا الحروب في كل رقعة من بقاع الارض تحت ايقاعات خداع الرأي العام الدولي  والحديث عن حقوق الانسان وسيادة الدول والسلام  العالمي ، لنكتشف ان هذه المنظمة الأممية  القذرة التي حان " زوالها"  تاجر  حرب تسببت في سفك انهار من دماء الشعوب المستضعفة ودمار مقدراتها وتجزئة اراضيها وتهجير وتشريد شعوبها ونهب خيراتها بعد ان مارسة الابتزاز  والرشوة والاغتصاب والتجسس واسقاط  الانظمة المستقلة وممارسة القمع  ودعم الأنظمة الرجعية والدكتاتورية التي سحقت شعوبها  ضاربة بتقارير منظمة  العفو الدولية التي أكدت ان جرائم بورما ضد الرهيونجا تُعد جرائم ضد الإنسانية" عرض الحائط وكذلك القرارات الصادرة ضد إسرائيل والجرائم المرتكبة  ضد الشعب الفلسطيني .


وانصافاً للحق نشيد بتصريحات ووقفة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع مسلمي الروهينغا وأستعداده لطرح القضية خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المرتقب في 19 سبتمبر ، ونقدر مواقف قادة وشعوب انونسيا والشيشان وكل من تضامن مع المعذبون في الارض كما نتمنى من اللجنة المنظمة لجائزة نوبل للسلام  ألا تتورط في منح الجائزة لرئيسة وزراء " بورما" أو على الاقل سحبها بعد ان أتضح  قواتها تمارس أبشع فنون التوحش ، ومنح الجائزة لشخصية ساهمت في احلال السلام العالمي لاحترام المصداقية.


وأخيراً نأمل من السعودية والامارات وامريكا وحلفاؤها وقف عدوانها على اليمن ورفع حصارها على قطر ، وتوجيه بوارجها وطائراتها الحربية وصواريخها وقنابلها  وجيوشها والمليشيات والدواعش والفتاوى ضد جيش ومليشيات بورما الارهابية لإنقاذ شعب من الانقراض ، او على الاقل انفاق جزء من المليارات في شراء ذمم القادة والدبلوماسيين والسياسيين والمنظمات الحقوقية والإنسانية ضد بورما التي سعت في الارض فساداً ، بدلاً من التآمر على الدول العربية وتدمير أمنها القومي وترويع شعوبها ، لاسيما بعد ان كشفت المنظمات والاقطاب الدولية ودول البترو دولار عن بشاعتها وحقدها على الإنسانية جمعاء في سبيل مصالحها الشخصية.


فهل ينجح الرأي العام الدولي في قلب الموازين والضغط على مراكز القرار في إيقاف المجازر والتهجير والانتصار للإنسانية بكبح جماح توحش بورما واحلال  السلام وتهدئة خواطر  مسلمي " الرهيونغا" وكل الاقليات والشعوب المستضعفة .. أملنا كبير .    أم انه لا حياة لمن تنادي؟ .


Shawish22@gmail.com


حول الموقع

سام برس