الدكتور/ خالد الرويشان
ها هيَ النصال تتكسّر , والسهام تتوالى على القلب المثلوم والوطن المكلوم.. وصِرتُ إذا أصابتني سهامٌ تكسّرتِ النصالُ على النصالِ !.. وآخِرُها أن يقول أحد أقطاب مؤتمر الحوار ورئيس أهم لجنةٍ فيه أن اليمن الفيدرالي والمقلّم سيشكل النموذج الأمثل لدول المنطقة والعالم العربي !الشاهد , أن "لجنةً شعبيةً تسمي نفسها لجنة متابعة إقليم المناطق الشرقية -حضرموت وشبوه والمهرة وسقطرة- تقابل بعض سفراء دول الخليج العربي في صنعاء ربما على سبيل التبرُّك !.. والأرجح , أن اللجنة التي تضم في قوامها بعض أعضاء مؤتمر الحوار, ومحافظ سابق لحضرموت هي التي طلبت اللقاء بالإخوة السفراء ! وفي ظنّي أنه لا ضير من اللقاء بحدّ ذاته , وإن كان التوقيت لافِتاً ومناسبة التقليم محزنة !.. عدا ذلك , فإن بعض هؤلاء السفراء هم من العشرة السفراء المبشِّرين بجنـّة العهد القادم لليمن !.. وهم العشرة الرعاة والداعمون والضامنون !.. ما أجمله من توصيف !.. وما أبعدَ واقعنا عنه ونحن في الظلام على مدار الساعة !
في الواقع أن الخبر بصيغته المنشورة أثارَ تساؤلي عمّا إذا كانت اللجنة في لقائها بالسفراء قد روّجت لفكرة أن اليمن الفيدرالي والمقلّم سيشكل النموذج الأمثل لدول المنطقة والعالم العربي ! كما أنني لا أعرف فيما إذا كانت "لجنة متابعة إقليم المناطق الشرقية" في اليمن قد أعربت في لقائها بهِم عن رأيها في تربّص إيران ببعض المناطق في دولٍ خليجية , مثل المنطقة الشرقية في السعودية , أو حتى مطامع في دولةٍ كالبحرين مثلاً !
لكنني أرجّح أن اللجنة لم تجرؤ أن تعرب عن أحلامها الفيدرالية للمنطقة والعالم العربي في حضرة السفراء , أو أن تروِّج للحل السحري الفيدرالي لكل مشاكل دول الجزيرة والعالم العربي !.. لم تجرؤ.. ولن تجرؤ ! فهي خجولةٌ في حضرتهم.. وأُمُّ عيون جريئة في حضرة الوطن ووحدته وتقدّمه !
لا بد أن أشير في هذا السياق إلى مشاريع التوحد في العالم العربي خلال القرن العشرين , ولعلّ قيام المملكة العربية السعودية مثلاً بمساحتها الكبيرة في الثلث الأول من القرن العشرين كان هو الأهم خلال القرن كله.. وكما أثبتت ذلك سنوات القرن التالية.. لكن هذه الأهمية مرتبطة باليمن واستقراره ووحدته وقوّته , لا بضعفه وانهياره , وتكسيره وتقليمه. فالعلاقة بين البلدين معادلة واحدة , والتأثر والتأثير متلازمان بحكم الجغرافيا والثقافة والتاريخ.. ويكفي أن نقرأ ووفقا لمذكرات الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز كم كان لثورة سبتمبر اليمنية 1962م من تأثير كبير على التغيير في السعودية وتسريعه , والاهتمام بالتنمية وتعظيمها منذ أواسط ستينيات القرن العشرين.
الآن , اليمن وهو بشهادة القرآن الكريم أقدم دولةٍ في الجزيرة العربية مُعرّضٌ لامتحانٍ مؤسف ومحنةٍ محزنة في لحظة ظلامٍ مدروس وضعفٍ مدسوس ! وبالدرجة الأولى فإن أبناءه يتحملون مسؤولية ما يحدث ونتائجه.. كان هذا رأيي دائماً !
لكن كُرة الثلج إذا تدحرجت فلا شيء يمكن أن يقف أمامها ! وهاويات اليمن مرتفعة سامقة فما أسهل الدحرجة في زمن التدحرج لكُراتِ الثلج والنار أيضا !.. إنها علاقة الصوت بالصدى , والبرق بالرعود !
لذلك فالتنبّه واجبٌ , والحذرُ لازِبٌ من قبل دول المنطقة كلها , لأن حرائق البرق هنا هي ذاتها قواصف الرعد هناك.. جغرافيا البشر والحجر تقول ذلك !.. أمّا التاريخ فعاتِبٌ وغاضب ! عاتبٌ لأن أحداً لا يفهم.. وغاضبٌ لأنّ أحداً لا يتعلم !

حول الموقع

سام برس