بقلم / بسام ابو شريف
نائب الرئيس الأميركي بنس تمخض فنطق بلغة صهيونية ، يقول بنس : لن نتساهل بعد اليوم بشأن الاتفاق النووي مع ايران ، ويضيف فورا : ” اننا لا ننسى ابدا مقتل رجال المارينز في بيروت على يد الارهابيين من حزب الله …” .

حديث بنس واضح – اضافة الى محاولته ابلاغ ترامب خضوعه الكامل له ولسياسته العدوانية ، فان بنس وجه بوضوح أكبر رسالة حول استراتيجية ترامب وأهدافه ، مأخذ ترامب على الاتفاق بين ايران والدول الاوروبية والولايات المتحدة ليس الاتفاق بحد ذاته بل ” روح الاتفاق ” ، الذي لم تلتزم بها ايران وأزهقتها ، فماهي روح الاتفاق بالنسبة للسيد ترامب ؟؟ ، ان روح الاتفاق حسبما يفهمها ترامب هي الاعتراف باسرائيل والكف عن دعم الشعب الفلسطيني وحقه في العودة الى وطنه وتحرير أرضه من الاستعمار الاستيطاني الصهيوني ، وهذا يعني أيضا : الكف عن دعم فصائل محور المقاومة التي تتصدى للعدوان الصهيوني ولمخططات الولايات المتحدة واسرائيل لتدمير الدول العربية ، وتقسيم أراضيها وخلق دويلات مثل” اسرائيل ” ، تشكل قواعد جديدة لها ولشريكتها الامبريالية الصهيونية ، والهدف خلق شرق أوسط خاضع للهيمنة والاحتلال الأميركي والصهيوني وفتح الأبواب على مصاريعها لنهب ثروات الأمة العربية والاسلامية دون رقيب أو حساب ، وهذا هو الهدف الذي تسخر الولايات المتحدة الآن كل أجهزة التزوير والادعاء لخدمته ولايخفى على أحد أن الادارة الأميركية واسرائيل تركزان على فصائل المقاومة التي تدعمها ايران وتعتقد أن توجيه ضربات قاسية وكاسحة لهذه الفصائل سوف يفتح الطريق لها لاخضاع ايران ونستطيع أن نرسم نسخة من استراتيجية ترامب التي يسميها جديدة ( وهي تجديد لاستراتيجية الولايات المتحدة العدوانية القديمة ) ، من خلال مايقوله ترامب وجوقة الردح العدواني الاميركية والاسرائيلية : ليبرمان الذي يطمح بأن يرتقي الى منصب المرغوب به لدى الولايات المتحدة ( بدلا من نتنياهو ) ، يتهم حزب الله بأنه أطلق صواريخ في الجولان ( لم يصب أي هدف ) ، لجر اسرائيل وسوريا لحرب !!! وكأن ضربات اسرائيل لشرق دمشق ليست حربا ( اضافة لدعمها للارهابيين والغارات المتتالية على سوريا ) ، رغم وعود نتنياهو للرئيس بوتين ، وتقول اسرائيل باستمرار ان حزب الله يمتلك ترسانة صواريخ خطيرة تهدد أمنها ، والآن يأتي بنس ليقول ان الولايات المتحدة لاتنسى قتلاها وأنها ستنتقم لمقتل المارينز في العام 19083 ، وأن حزب الله سيكون الهدف .

وعلى صعيد أوسع يقول ماتيس وكذلك تيليرسون – الضابطان المطيعان لترامبفي الدفاع والخارجية الأميركيتين : ” ان الولايات المتحدة لن تنسحب من سوريا ولن تنسحب من العراق ؟!!” . ويعمل الاثنان على تطبيق سياسة ترامب الاستعمارية ” استعمار قديم ” بالتمدد للسيطرة على حقول النفط في سوريا وشمال العراق من خلال استخدام تطلعات الشعب الكردي وتسليح وتدريب فئة منهم لها صفة يرفضها معظم الأكراد وهي العمالة لأميركا واسرائيل .

جاء رد العبادي واضحا عندما قال لتيليرسون ان الحشد الشعبي مؤسسة رسمية وهي جزء من القوات العراقية ( بعد أن اتهم تيليرسون الحشد بأنه ايراني ) ، وجاء رد سوريا التي اعتبرت كل أرض سورية لايدخلها الجيش العربي السوري يجب أن تحرر من مستعمريها ، وردا على هذا استمرت قوات المارينز التي تقاتل تحت علم منظمة كردية تسمى سوريا الديمقراطية ، وتستخدم كيافطة للاحتلال الأميركي في التمدد باتجاه بقية حقول النفط الغنية في محافظة دير الزور بعد أن قتلت الاف المدنيين في الرقة وسيطرت على حقول النفط هناك .

وأصاب مخطط ترامب صداع كبير حينما تقدم الجيش العراقي والحشد للسيطرة على كركوك ، وخرج الجبير وزملائه من الهتيفة لدعم موقف ترامب وتوج ولي العهد ابن سلمان الأمر بزيارة “تاريخية” لاسرائيل وقع خلالها على اتفاقيات عديدة عسكرية وسياسية واقتصادية في الوقت الذي انهى فيه الملك سلمان توقيع عقود السلاح وغيرها في موسكو ، ( وتذكر الملك سلمان كلام مسؤول المخابرات الاسرائيلية في الجزيرة – بندر بن سلطان وزميله تركي بن عبدالعزيز حينما قالا :

روسيا لها ثمن علينا أن ندفعه ) ، بالطبع روسيا توقع العقود التي تخدم مصالحها الوطنية لكنها لاتتراجع عن مواقفها المبدئية وهي ملتزمة بمحاربة الارهاب وتحالفها مع ايران وسوريا .

يبقى أن نقول ان الحرب الأميركية والاسرائيلية على محور المقاومة بدأت وهي في تصاعد فمتى نبدأ نحن في التخطيط الهادىء لتنفيذ خطة هجوم دفاعي ؟

لقد دمر حزب الله مقر المارينز لآن المارينز قوة محتلة وغازية ، وهذا حق الدفاع عن النفس وهذا حق ومشروع ، والآن قوات المارينز في شمال سوريا وفي منطقة الحدود العراقية السورية هي قوة غازية ومحتلة ولذلك فهي هدف مشروع للمقاومة ، ان أي قوة اجنبية غازية هي هدف مشروع للمقاومة الشعبية دفاعا عن الوطن ووحدة ترابه وسيادته .

ونقول للسيد بنس – لماع الأحذية – لماذا لايتجرأ على مواجهة عائلات الضباط والجنود الأميركيين الذين قتلتهم حليفته اسرائيل في العام 1967 لطمس الحقيقة حول حرب 1967 ، الباخرة ليبرتي كانت باخرة التجسس والتوجيه الالكتروني التي قادت هجوم القاذفات الأميركية من قاعدة ويليس في ليبيا لتدمير الطيران المصري والدبابات المصرية في سيناء ، واسرائيل أغرقتها وقتلت من عليها لاخفاء ذلك وادعاء بطولة الانتصار في ست ساعات ، هل يستطيع بنس أن يواجه أهالي هؤلاء ، هل يستطيع أن يقول الحقيقة من أنهم قتلوا على يد اسرائيل ؟؟؟، طبعا لا تماما كما لم تتجرأ كل الادارات الأميركية على كشف أن بن غوريون أمر باغتيال جون كيندي على خلفية مفاعل ديمونة .

الامبرياليون الأميركيون والاسرائيليون يتصرفون كأن العالم مزارع لهم ” أ, على الأقل العالم الثالث ” ، ويظن ترامب أن هذا التصعيد العنصري الفاشي ضد دول العالم وشعوبه سوف يمر على تلك الشعوب والدول  .

لم يعد قرار الولايات المتحدة ” مجلسها للأمن القومي وادارتها ” سيد العالم ، ولم يعد العالم خاضعا لقوة عظمى واحدة ووحيدة ، فمثل هذه الادارات الفاشية تستخدم القوة العسكرية المدمرة وتقتل المدنيين سعيا وراء مكاسب احتكارات تسلطية صناعية في بلدها ، ومثل هذه الادارات أصبحت عارية ونقاط مقتلها واضحة ، لماذا هرولت القوات الأميركية خارج لبنان بعد مقتل مئات من ضباط وجنود المارينز ؟ ، لماذا هرولت القوات الأميركية من ” سايغون ” ، التي أصبح اسمها بعد التحرير هوشي منة ؟ لماذا هرولت القوات الأميركية خارج الصومال بعد أن أفنى المقاومون قوة المارينز المهاجمة في مقديشو ؟ ، وسوف تهرول القوات الأميركية خارج العراق وخارج سوريا ، وسوف يهرول الاسرائيليون خارج الجولان والضفة الغربية بعد أن يشن رجال المقاومة عمليات الدفاع الهجومية ، كل من يعتدي على أرضنا ويدمر بيوتنا ويقتل أطفالنا هو هدف مشروع سواء رفع علم واشنطن أو تل أبيب أو سوريا الديمقراطية أو البرزاني .

امتنا تحترم مكونات بلادنا وحق الانسان بالعدالة والمساواة والحرية والديمقراطية حق يجب أن تصونه القوانين والدستور ، أما أن يتحول مكون من مكونات شعوبنا العربية الى أداة لخلق اسرائيل جديدة أو عدة بؤر تخضع لأعداء امتنا الصهاينة وعملائهم في واشنطن فهذا أمر لايقبل ولن يقبل ، وستتعامل معه امتنا كعدوان صارخ يستهدف وحدة البلاد وشعوبها وسيادتها .

*كاتب وسياسي فلسطيني
نقلاً عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس