بقلم/ منى صفوان
ظهر لقاء قيادة حزب الاصلاح مع محمد بن سلمان ومحمد بن زايد في الرياض مساء الاربعاء تطورا جديدا في خارطة التحالفات اليمنية بعد مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

فدولة الامارات الى وقت قريب كانت ترفض التحالف او حتى الجلوس مع قيادات حزب الاصلاح الاسلامي – اليمني “اخوان اليمن” لموقفها المعلن من جماعة الاخوان، وكانت هذه احدى اسباب تعطل الحسم العسكري في بعض الجبهات كجبهة تعز، حيث يشكل الاصلاح القوة الكبرى هناك، فالامارات كانت ترفض حسم معركة تعز، حتى لايكون الاصلاح هو الرابح الاكبر.

ولكن في الشهر الماضي كان امين عام حزب الاصلاح ومساعده يجلسان في الرياض مع ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” في لقاء هو الاول من نوعه منذ بدء عمليات عاصفة الحزم في اليمن قبل 3 سنوات ، برغم ان حزب الاصلاح جزء من مكون وحكومة الشرعية التي تدعمها السعودية، غير ان السعودية تعمدت عدم التواصل مع الاصلاح مباشرة حتى لا تغضب حليفها الاماراتي .

بعد الجلوس الاول لحزب الاصلاح مع بن سلمان، بقيت الامور على الارض كما هي بدون تغير واضح في طبيعة سير المعارك، وربما كانت الامارات تعد لصفقة اخرى مع “صالح” فضلت السعودية الانتظار ورؤية ننائجها بعدما وافقت على التحالف مع صالح.

وحدثت مفاجاة “صالح” بقلب الطاولة على الحوثيين في صنعاء، وهي المغامرة التي انتهت بمقتله بعد يومين فقط من اعلانه انتفاضة ضدهم، وهو ما جعل “بن زايد” يظهر في الاعلام لاول مرة مع احمد علي صالح “نجل الرئيس صالح” المقيم في الامارات، والذي يتواجد هناك منذ بدء الحرب وتاكيد على بقاء العلاقات بين حزب المؤتمر الشعبي “حزب صالح” و دولة الامارات .

هنا ظهرت الصورة واضحة ، محاولة الامارات الاخيرة مع “صالح” فشلت، فقبلت الان المحاولة مع الاصلاح، كل هذا بعد ظهور بن سلمان مع الاصلاح وظهور الامارات مع احمد علي ، وتحالفها قبل ذلك مع “علي عبد الله صالح” الذي شكل مقتله بدء مرحلة جديدة لصياغة التحالفات.

فالتحالف العربي منذ مارس 2015 لم يستطع حسم الامور في اليمن وانهاء حكم الحوثيين وانقلابهم في صنعاء، بسبب عدم وجود حليف قوي على الارض، فليس هناك الا مجموعة من الحلفاء المنتشرين في مارب – تعز- وعدن ولكن الحليف القوي الذي يمكنه جمع الجميع حوله لم يتوفر حتى الان، ولطبيعة اليمن كان علي عبد الله صالح يشكل هذا الحليف ، نظرا لقوته وتحلفاته القبلية ولحكمه اليمن 33 عاما،غير ان قوته مقارنة بالحوثيين الان اصبحت اضعف.

الحليف الثاني الذي يمكن ان يشكل علامة فارقة في الحسم العسكري هو حزب الاصلاح الاسلامي نظرا لتواجده في الشمال والجنوب، وهي ورقة لم تستخدم بعد.

الاصلاح – المؤتمر

الهدف الرئيس الان للامارات والسعودية هو اغلاق ملف سيطرة الحوثيين، وحليفهم الايراني، بل انهاء التواجد الايراني في اليمن، وبعد استخدام اخر ورقة لهم في الشمال وهي ورقة صالح، لم يبق امامهم الا نسج تحلفات جديدة تحسم المعارك في تعز والساحل الغربي لغلق الشمال على الحوثيين ومحاصرتهم فيه ، ليبقى الحكم الحوثي هنا بدون منفذ مائي حتى يتم تحرير الشمال.

وهذه الخطة لايمكن لها ان تتم دون “حزب الاصلاح” نظرا لقوته في هذه المناطق، وقاعدته الشعبية، فبعد انتهاء ورقة صالح في الشمال وتحالفته القبلية، يبدو ان الامارات مستعدة للقبول بتحالف جديد مع “الاصلاح” الذي كانت ترفضه، في حين تقبل السعودية التحالف مع “المؤتمر” او تقبل قيادة احمد علي عبد الله صالح لحزب المؤتمر بدلا من الرئيس هادي ، حيث يريد الرئيس عبد ربه هادي الاحتفاظ برئاسة الحزب بعد صالح وهو ما ترفضه الامارات.

الامارات تريد عودة “احمد علي” بقيادة المؤتمر ، والسعودية تريد الدفع بقوات الاصلاح لحسم المعارك في اكثر المناطق الاستراتيجية اهمية “تعز- باب المندب – الساحل الغربي”
هنا يظهر مدى التنسيق السعودي- الاماراتي لتحقيق هدف واحد – واضح “دحر الحوثي” وكان بن زايد واضح تماما في تصريحه الاخير ردا على مفاضات الامم المتحدة والدعوة لحل سياسي في اليمن ” نحن مع الحل لكن لا حل سياسي يضمن بقاء التهديد لدول الخليج من ايران “الحوثيون لحد الان مازالوا هم التهديد الايراني الابرز لدول الخليج، وهي النقطة التي يستغلها حزب الاصلاح الاسلامي، حيث يوضح انه لم يكن يوما ضد المصالح الخليجية ولا حتى الاماراتية وانه ليس عدوا لابوظبي بل حليفا، في حين يهدد الحوثي بضرب ابو ظبي بعد ضربه الرياض بصاروخ باليستي.

جماعة الحوثي المدعومة من ايران لن تسمح لها السعودية بان تبقى تهديدا على خاصرتها الجنوبية ، بن سلمان اكد انه لايريد حزب الله على حدوده الجنوبية لكن دولة خليجية اخرى من مصلحتها بقاء هذا التهديد .

قطر تدفع الان بكل ثقلها لبقاء الحوثين وترسخهم في شمال اليمن لاسيما في الحدود اليمنية – السعودية، لابقاء القلق الاماراتي – السعودي، ولذلك صعدت توكل كرمان “الاصلاحية المدعومة من قطر ” على منبرها لتؤكد بعد مقتل صالح حان الوقت لعقد حوار وسلام مع الحوثيين.

دعوة توكل اثارات الراي العام اليمني ضدها، كون الشارع اليمني حاليا مجمع بجميع تياراته على محاربة الحوثي، خصوصا بعد قتل الحوثيين للرئيس الراحل صالح بطريقة وحشية.

ووسط هذا الاجماع اليمني تعلن توكل عن انشقاق من الاجماع اليمني لخدمة مصالح قطر في اليمن، فليس من مصلحة قطر القضاء على الحوثيين، وهي كانت احد اهم الداعمين لهم منذ اخر حروب ضدهم في 2007

خارطة التحالفات تتغير بسرعة، حليف الحوثيين انقلب عليهم وقتلوه، والامارات لاول مرة تقبل بالاخوان حليفا، والسعودية لاول مرة تقبل بنجل صالح وحزبه وريثا، وقطر تغذي خلية توكل كرمان في اسطنبول بعد حملتها ضد الحوثيين لتكون حليفتهم الجديدة.

وسط كل هذا 25 مليون يمني واكثر يعيشون ماساة انسانية تحت حصار خانق مفروض عليهم منذ 3 سنوات ، 7 مليون طفل يمني بحاجة لمساعدة عاجلة، مئات الالاف من النازحين، ويموت طفل كل 10 دقائق لاسباب يمكن الوقاية منها بحسب اليونسيف.

الولايات المتحدة ايضا كان موقفها بعد مقتل صالح مختلفا، حيث طلبت من السعودية لاول مرة بفتح كل المنافذ البرية والجوية وفتح الحصار ومطار صنعاء امام الرحلات الانسانية والتجارية ، وهو مالم تلبيه السعودية حتى الان.

اما روسيا فقد اغلقت سفارتها في صنعاء وغادرت الى الرياض، في خطوة مفاجئة، حيث كانت البعثة الديبلوماسية الروسية هي البعثة الوحيدة المتبقية الى جانب تمثيل ديبلوماسي ايراني وسوري في صنعاء، بعد اغلاق جميع السفارات الاجنبية في اليمن، ومغادرتها الى الرياض حيث الحكومة اليمنية لمباشرة اعملها كسفارات لليمن من السعودية.

مغادرة البعثة الروسية بعد مقتل صالح بايام، اكد ان روسيا غاضبة مما حدث، وانها كانت احدى حلقات الوصل بين صالح والتحالف وهو ما اثنى عليه صالح كثيرا.

العزلة الحوثية الديبلوماسية والسياسية التي تفرض عليهم الى جانب الحصار الجوي- البحري والبري، يجعلهم يستميتون بالقتال والدفاع عن اخر حصونهم في صنعاء ومدن الشمال، بعد فقدان كل حلفاء الداخل بقتلهم لرئيس حزب المؤتمر واعتقال قياداته.

بهذا يتحول المؤتمر الشعبي من حليف للحوثيين الى خصم وعدو، وينضم للحلف اليمني ضد الحوثيين مع حزب الاصلاح وقوات هادي والمقاومة الجنوبية وهي معادلة جديدة في المشهد اليمني، الذي يؤكد تغير خارطة التحالفات بالكامل
فبعد ان كانت المقاومة الجنوبية خصما للمؤتمر الشعبي العام، هاهم قادة المؤتمر اليوم يهربون من صنعاء ومن بطش الحوثيين ومن الاعتقالات التي تطالهم الى عدن، حيث المقاومة الجنوبية وحكومة الرئيس هادي.

وهنا رحب بهم رئيس الحكومة “احمد عبيد بن دغر” وطالب بوحدة الصف في حزب المؤتمر وان لايسمح للحوثي بشق صف الحزب، حيث ان بن دغر والرئيس هادي من قادة حزب المؤتمر.

كل ما ينتظره اليمن الان هو تغير سير وخارطة المعارك، وادخال عناصر حزب الاصلاح بقوة وحسم عدد من المعارك والجبهات، ولكن ما ينتظره سكان اليمن ايضا هو وصول المساعدات الانسانية وتخفيف الحصار ومحاصرة الامراض والاوبئة، والتعامل بجدية مع ملف الماساة الانسانية.

*نقلاً عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس