أسماء المحمد
عيد أضحى مبارك، أعاده الله على الأمتين العربية والإسلامية، وجميع المسالمين وكارهي الحروب في العالم بخير وسلام وحب للنماء، والكف عن التفرج على إزهاق الأرواح. كل عام وأنتم بخير، وفي بلدانكم آمنين مطمئنين مع صادق الدعاء بحل كرب المكروبين في الدول المنكوبة بحروب الإبادة.

في عيد الأضحى يقدم الناس أضاحي، قد ينسى أو يجهل الكثير كيف أصبحنا على هذا الحال، بعد قرون من الحدث الجلل والتحول من تضحية أب بولده الذي رزق به بعد طول ترقب وانتظار، وهو سيدنا إبراهيم عليه السلام، والد من كان مشروع الأضحية، سيدنا إسماعيل ومن سلالته رسولنا الكريم محمد بن عبدالله عليهما أزكى الصلاة وأتم التسليم. ورغم الروايات المتقاربة لحكاية الذبيح إسماعيل، إلا أنها في المحصلة النهائية أدت إلى حقن دم بني الإنسان، ووضع هذا في حيز العقوبات فقط، فلا يقدم الإنسان قرباناً بعد هذه الحادثة، وتتحول بصورة تاريخية الثروة الحيوانية إلى مصدر بديل، والتزام ديني مرتبط بالعيد.

الأضحية بمفهومها ومقاصدها وفقاً لفتاوى علماء يجمعون على أنها شرعت في السنة الثانية من الهجرة النبوية التي شرعت فيها صلاة العيدين، لتكون من جملة القربات إلى الله، وتفعل في أيام مباركات، ولتكون شكراً وذكراً تختم به الليالي العشر (والفجر وليال عشر) وتستفتح بها أيام النحر والتشريق. هي شعيرة من شعائر الإسلام بمسيرة الصالحين في مواطن الصبر على البلاء، والشكر على النعماء، ليكون الصبر والشكر منهجاً يسلكه الناس في مدارج البر والخير، وإحكام الأحكام في الدين.

والمقاصد من شعيرة الأضحية، شكر الله على نعمة الحياة وإحياء سنة سيدنا إبراهيم عليه السلام حين أمره الله بالفداء عن ولده سيدنا إسماعيل في يوم النحر، وأن يتذكر المؤمنون بالله أن صبرهما وإيثارهما طاعة الله ومحبته على محبة النفس والولد كان سبب الفداء ورفع البلاء، وفي هذا اجتمع بالمصطفين الأخيار من جهة، وفي إقرار مبدأ زمالة الشرائع والأديان من جهة أخرى. (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى* قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) الصافات. وقال لأمة الإسلام في شخص رسولها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (فصل لربك وانحر) الكوثر.

تتضح الرؤية الإسلامية بالعلاقة بين شكر الله والأضحية، كوسيلة للتوسعة على النفس ومن يعول الإنسان، والتصدق على ذوى الحاجات، وإكرام الجار والضيف. هي مظاهر فرح وسرور بنعم الله (وأما بنعمة ربك فحدث) الضحى .. وكل عام وأنتم بخير.

a.mohammad@alroeya.com

نقلا عن شبكة رائدات

حول الموقع

سام برس