علي البخيتي
هل الحوثيين مؤمنون بولاية آل البيت ( البطنين ) ؟
الإجابة : نعم بالتأكيد , وبقدر إيمان أهل السنة بولاية قريش وبقدر إيمان الشيعة بالأئمة الإثنى عشر وبقدر إيمان صالح ببقائه في (النهدين )، إذاً أين المشكلة ؟

أجمع علماء أهل السنة المعتبرين على أن من شروط ولي الأمر لدى المسلمين أن يكن قرشياً مستندين الى قوله (ص) (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم أثنان) رواه البخاري وقوله (إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار على وجهه ما اقاموا الدين) رواه البخاري .

وحصرة الزيدية الخيار أكثر وقالت من قريش ومن البطنين تحديداً , وحصرة الإثنى عشرية الخيار أكثر وقالت من قريش ومن البطنين بل ومحددين بالاسم وهم الأئمة الإثنى عشر ومن هنا نلاحظ أن جميع الفرق الإسلامية تحصر ولاية الأمر في مجموعة محددة من المسلمين ولا فرق بينهم الا في درجة الحصر .

فلا تزايد أي فرقة على الاخرى الا إذا تخلصت هي من ذلك الحصر , بمعنى أنه إذا أراد أهل السنة انتقاد الحصر في البطنين أو في الأئمة الإثنى عشر فعليهم أولاً ( ولكي نصدق انفتاحهم ) نفي الأحاديث الصحيحة التي تحصرها في قريش , أليس من حق المغربي والسوري والجزائري والماليزي والصيني والياباني والأمريكي من المسلمين إذا كان مؤهلاً للولاية أن يتولى أمر المسلمين ؟ أم أن ولاية الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان كما نص الحديث في صحيح البخاري ؟

هل حزب الله مؤمن بولاية الفقيه ؟ نعم , ولماذا لم يطبقها في لبنان ؟ ولماذا قبل برئاسة / ميشيل سليمان المسيحي الديانة للبنان ؟ وكيف يفسر قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) ؟

الجواب بسيط لمن أراد أن يعرف , وهو أن حزب الله يعلم أن في لبنان أديان ومذاهب فقهية اخرى غير مقتنعة بولاية الفقيه ولذلك فهو ميز بين ولاية الأمر في دولة يغلب عليها مذهبه وبين دولة فيها تعدد ديني أو مذهبي , فالأولى يكون ولي الأمر فيها في الامور الدينية وأيضاً المدنية , والثانية تنحصر ولاية الأمر فيها في الامور الدينية فقط وتترك الامور المدنية للدولة لمن يتوافق عليه أو ينتخبه الشعب ولو من غير ملتهم أو مذهبهم طالما وحريتهم الفكرية والعقدية مصانة .

ولذلك فلا مشكلة للشيعة أن يعيشوا في أي بلاد تحكمها أنظمة ملكية أو سلطانية أو في أي دولة أجنبية ولا يسعون الى قتال تلك الأنظمة او الدول بوصفها أنظمةً لا تحكم بما أنزل الله كما يفعل تنظيم القاعدة مثلاً .

وكذلك الحوثيين في اليمن فلا مشكلة لديهم في أن يحكم اليمن أي شخص ولو من خارج البطنين مع بقاء مرجعيتهم الدينية في السيد / عبدالملك الحوثي .

قد لا يطلق الشيعة أو الزيود والحوثيين على الرئيس ولي أمر بالمفهوم الفقهي الديني لديهم ويقبلون به كرئيس أو ملك أو سلطان لتسيير أمور الدولة المدنية وهذا من حقهم وليس مشكلة ( فولي الأمر هو الآمر والناهي مستنداً الى أصولية دينية مذهبية تختلف من طرف الى آخر , أما الرئيس فهو مكلف من الشعب لخدمته وفقاً للدستور المتوافق عليه من الجميع ) لكن الإشكالية تضل الى الآن لدى أغلب أهل السنة - وليس الشيعة - الذين يطلقون على السلطان أو الملك أو الرئيس ولي أمر مع أنه لا تنطبق عليه شروط ولي الأمر في مذهبهم خصوصاً ( القرشية ) ولم يجرؤا الى الآن على الاختيار بين أحد

الأمرين التاليين :
1) الحل الشيعي للإشكالية والسابق تفصيله عبر الفصل بين الأمور الدينية والمدنية في حالة تعذر الجمع بينهما ( عند تعدد المذاهب أو الأديان ) .
2) أو عدم الاعتراف بالأحاديث الصحيحة الخاصة بشرط القرشية والواردة في البخاري وغيره من كتب الصحاح , والى أن يحل أهل السنة تلك الإشكالية عليهم أن لا يزايدوا على غيرهم من أنصار البطنين أو الإثنى عشرية , خصوصاً وأنهم قد حلوا الإشكال .

لكن يضل السؤال لدى المتابع , لماذا يوسع الحوثيون سيطرتهم على الأرض ؟
من المعروف أنه وعند سقوط سيطرة النظام في مناطق معينه تظهر الحاجه الى بديل يملأ هذا الفراغ الأمني خصوصاً في المدن ومراكز المديريات لحفظ مصالح وممتلكات المواطنين , فالمناطق التي يغلب عليها تواجد الإصلاحيين ومن والاهم تؤول السيطرة فيها لهم ( مستخدمين شرعية الجيش المتمرد على النظام والموالي للثورة ) . والمناطق التي يغلب عليها تواجد الحوثيين تؤول السيطرة اليهم , وتظهر الإشكالية في المناطق المختلطة نتيجة لعدم وجود ألية متفق عليها سلفاً لكيفية ملئ الفراغ في السلطة .

ونتيجة للتعبئة الخاطئة من مختلف المجموعات ضد بعضها إضافة الى ما مارسه إعلام النظام - ومن والاه وقتها ولا زال - من تشويه لمجموعات بعينها جعل ثقافة تقبل الآخر في أدنى مستوياتها إن لم تكن معدومة , إضافة الى محاولة أجهزة أمن السلطة جر البلاد الى فتنة طائفية قد تجد فيها حبل النجاة من الضغوط المحلية والدولية , إضافةً الى أنه قد تنشأ خلافات شخصية بين شخصيات قبلية أو اجتماعية ذات ولاءات مختلفة – ونتيجة لغياب سلطة القانون - سرعان ما تتحول الى صراع بين الجهات الموالين لها , ونتيجة لضعف إمكانات أحد طرفي النزاع الإعلامية وعدم امتلاكه منابر إعلامية – مرئية ومسموعة ومقروءة – إضافةٍ الى مواقفه التي تعارضها أغلب وسائل إعلام المنطقة وحروبه السابقة مع بعض الدول التي تمتلك الكثير من وسائل الإعلام ولها تأثير كبير – عبر المال - على بقية الوسائل جعل المتلقي العادي - وبحسن نية – يتصور أن الحوثيين يتوسعون ويقتلون والآخرين حملان وديعه يهربون من مكان الى آخر , والحقيقة أن هناك صراع , وطالما بدأ الصراع فالكل يخطئون ويتجاوزون حقوق الإنسان ولا اختلاف بينهم الا في الأعداد , فالحرب بشعه ولا ترحم أحداً ولا يستطيع كل طرف السيطرة على تصرفات كل أعضائه ومن هنا تبدأ الانتهاكات .

هناك أطرافاً كثيرة تعتبر أي تواجد حتى لمجرد الفكر الحوثي – وليس سيطرة حوثية - في المناطق التي تعتبرها تابعة لها خطاً أحمر وتستنفر كل قواها القبلية والعقائدية لمواجهته معتبرةً أن الفكر الحوثي – مجرد الفكر - خطراً ولا يمكن القبول به خوفاً من تلك الأطراف على مصالحها , ولو سألت أحداً من تلك الأطراف السؤال التالي : هل ستسمحون بدخول ملازم السيد / حسين بدر الدين الحوثي وأشرطته الى مناطقكم بطريقه سلمية وتسمحون للفكر الحوثي – وليس للسيطرة الحوثية – بالانتشار في مناطقكم ؟ من إجابته ستعرف ما هو سبب كل تلك المشاكل والحروب , وستجد تفسيراً لعبارة الحوثيين الشهيرة ( نحن ندافع عن أنفسنا ) فبعد سقوط النظام وضعف سيطرته على بعض المناطق وبسبب مناخ الثورة التي غيرة أولويات النظام ولو مؤقتاً عاد الكثير من أتباع الحوثي الى مناطقهم وبيوتهم التي فروا منها لسنوات , وخوفاً من تأثير ذلك على مصالح بعض الجهات والشخصيات ومحاولة البعض الارتزاق من السعودية بدأوا نشر أخبار توسع الحوثيين مفسرين عودتهم الى بيوتهم بالتوسع , لقد تم نشر الوهابية والإخوانية في المناطق الزيدية والشافعية منذ عام 62 م وبشكل منهجي وممول وعبر استخدام السلطة عبر المعاهد العلمية وغيرها من المؤسسات التعليمية ولم يعترض أحد الى درجة انه حصل تغير كبير في الخارطة المذهبية في اليمن , وعندما أتى من يحاول مواجهة هذا المد فكرياً قامت الدنيا ولم تقعد , وجُنة السعودية ودفعت بأتباعها في السلطة ومن القبليين والمذهبيين الى مواجهة ذلك وبشتى الطرق خوفاً من فشل خطتها الاستراتيجية بالقضاء على الزيدية والشافعية في اليمن , هذا هو جوهر الصراع اليوم علينا أن نعترف به ونطلب من جميع الأطراف التوافق على
المبادئ التالية :

1 ) من حق الفكر السلفي ولإخواني والحوثي والشافعي وكل فكر أو مذهب آخر نشر قناعاته بشتى الوسائل السلمية , مع عدم تدخل أجهزة الدولة مع أو ضد أي فكر .
2) وجود صراع أو إشكالات في منطقة معينة لا يبرر قمع أو منع أي فكر في نفس المنطقة أو في مناطق اخرى بحجة انه داخل في ذلك الصراع .
3) من حق كل طرف أن يعتقد عن الطرف الآخر ما يشاء لاكن عليه أن لا يدعوا الى العنف ضده ولا يحرض عليه بأي شكل من الأشكال .
4) على الجميع أن يعلن قبوله الواضح بمبدأ الديمقراطية كأساس لتبادل السلطة مع عدم إقصاء أي طرف وأنه من حق أي يمني الترشح للرئاسة وغيرها من المناصب بغض النظر عن دينه أو مذهبه أو عرقه أو جنسه .

مقال قديم كتبه الكاتب في القاهرة بتاريخ 26 / 11 / 2011 م

حول الموقع

سام برس