سام برس
في ماضِ ليس ببعيد، كان الجميع من محبي كرة القدم في شتى بقاع الأرض، على موعد من الإثارة والمتعة، يترقبون نهائي مونديال ألمانيا 2006، يتابعون مجرياته بين عملاقين كبيرين في اللعبة، يتساءلون لمن يا تُرى تكون الغلبة؟.. هل يفوز المنتخب الإيطالي بالكأس؟.. أم تقتنصه الديوك الفرنسية؟.

كل ما كان يتمنى الجمهور أن يشاهده وجده، خلال تلك المباراة وأكثر، فحملت لهم ما يفوق توقعاتهم، وما لم يطرأ أبدًا في أذهانهم، إثارة من نوع آخر، أصبح ملعب المباراة للحظات، كما لو أنَّه ملعب لمباراة مصارعة، أو كاراتيه، وليس كرة قدم، كان بطل تلك اللحظات الفرنسي زين الدين زيدان.

يومها كان يعلق الفرنسيون آمالهم على زيدان، يريدون له أن يسجل ثم يسجل ثم يسجل وأخيرًا يرفع الكأس، نفس الأمر أراده هو، كانوا يريدون حصد لقب البطولة، كما يتمنون تألقه في آخر مباراة في مسيرته الكروية. كانوا يريدون أن تكون مباراتهم أمام الآتزوري مسك وخير ختام له ولهم.

كانت المباراة متكافئة بين الفريقين والندية واضحة. كل منتخب يريد أن يظفر بلقب بطل كأس العالم، وزادت نتيجة اللقاء هذه الندية، بالتعادل الإيجابي بهدف لكل منهم، خلال الـ 90 دقيقة. هذه النتيجة التي لا ترجح كفة طرف على آخر، ولا تمنح الكأس لأي منهم.

وعليه امتدت المباراة لشوطين إضافيين، ومعها تضاعف حماس الجماهير، وترقبهم وولعهم لمعرفة البطل، حتى جاءت اللحظة التي لم تكن في حسبان أحد.

ففي الدقيقة (110) من المباراة، بينما كانت الكرة بعيدة عن الفرنسي زين الدين زيدان، والإيطالي ماركو ماتيرازي. كان اللاعبان يتبادلان الكلام، وفجأة تطور الحديث إلى ضرب، فالأول تراجع إلى الخلف، ثم نطح الأخير في صدره برأسية أسقطته أرضًا.

وقتها لم يفهم أحد، ما الذي حدث، حتى الحكم نفسه، الذي أوقف اللعب لدقيقتين، يستوضح فيهما الأمور، قبل أن يتخذ قراره الذي صدم زيدان وجماهيره.. نعم تلقى بطاقة حمراء مباشرة لضربه لاعب آخر دون كرة، وغادر على إثر طرده الملعب، دون أن يحمل الكأس.

وطرد زيدان الذي كان يبحث عن اللقب، طُرد لأنه لم يتمالك أعصابه أمام استفزاز ماتيرازي، الذي أمسك بقميصه بشده إلى الخلف، فقال له "إذا كنت تريد القميص. سأعطيك إياه بعد المباراة".

كان ماتيرازي، يريد أن يُخرج زيدان عن تركيزه، ويفقده أعصابه في هذه اللحظات الحرجة من عمر المباراة، فزاده استفزازًا برده، وسب شقيقته بألفاظ نابية، وقيامه بسباب والدته التي كانت في المستشفى، في حالة حرجة، فكان له ما أراد، فهجم عليه الفرنسي ونطحه برأسه، ما كلفه طردًا، سيبقى كنقطة سوداء في تاريخه الكروي.

ولم يكن هذا ما يريده الفرنسيون من زيدان وله، لا يريدون هذه النهاية ولم يتمنوها، فتعالت صيحات جماهير الديوك، وصافرات استهجانهم على هذا القرار، ومعها اعتراض مدرب المنتخب الفرنسي، واللاعبين.

لكن هذا كله لم يغير من الأمر شيئًا، طُرد زيدان، وفازت إيطاليا بالبطولة للمرة الرابعة في تاريخها، بضربات الترجيح (5-3)، بعد أن انتهت هذه الملحمة بالتعادل (1-1).

شعر بعدها زيدان بالذنب، وأنه ربَّما يكون سببًا في هذه الخسارة، ودخل إلى غرف الملابس، بعد انتهاء اللقاء، يطلب من زملائه العفو.

وقال لهم زيدان "سامحوني. ذلك لا يغير شيئًا، لكنني أعتذر للكل. أطلب الصفح من كرة القدم، من الجماهير، ومن الفريق".

لكنه لم في المقابل، لم يغفر لماتيرازي كلماته، أو حتى شعر بالذنب لإسقاطه أرضًا بهذا الشكل أمام الملايين في العالم، ولم يفكر في الاعتذار له "لا أستطيع الاعتذار له أبدًا. مطلقًا سيكون ذلك مشينا لي.. أفضل الموت".

المصدر: كووورة

حول الموقع

سام برس