سام برس
/ عاطف زيد الكيلاني / الاردن

بالأمس كانت لي تجربة شخصيّة أعادتني سنوات طويلة الى الوراء ، عندما كنت ما أزال أتمتّع بكامل لياقتي البدنية وبصحّتي وبقدرتي على التواصل اليومي والمستمرّ ، وعلى التفاعل الإيجابي مع كل ما يحيط بي من أحداث.

قبل أن يهدّني المرض ، أو بالأحرى مجموعة الأمراض ( القاتلة ) التي أعاني منها ، والتي استطاعت للأسف أن تشعرني بما يشبه الهزيمة أمام جبروتها ولؤمها ، قبل ذلك ، ولسنوات طويلة كنت ( على الأقلّ حسب رأي الرفاق والأصدقاء ) ناشطا جدا في كل تفاصيل الحياة السياسية والثقافية والإجتماعية في الأردن ، بحيث كنت دائم التنقّل والحركة ، من ندوة سياسية أو ثقافية هنا ، الى لقاء تلفزيونيّ هناك ، إلى اعتصام سياسيّ أو مطلبيّ مع باقي القوى السياسية والنقابية … الى غير ذلك من النشاطات الإجنماعية أو غيرها ، والتي تقام بشكل يوميّ في مختلف أنحاء عاصمتنا الحبيبة عمّان .

أمس ، وبعد الإفطار ، زارني الرفيق والصديق الأستاذ سالم الصويص ( ابو أحمد ) ، وهو من أنشط النقابيين على كلّ الأصعدة والعمل الوطني والقومي ، إذ أنه مقرر لجنة فلسطين والقدس في نقابة المقاولين الأردنيين.

زارني الرفيق سالم للإطمئنان على صحتي بعد الوعكة الأخيرة التي مررت بها ، والتي أوصلتني الى حافة القبر ، لولا لطف الله ومهارة الأطباء في مدينة الحسين الطبية ، إذ كان الرفيق العزيز آنذاك في زيارة الى الشقيقة سورية كعضو في الوفد الإقتصادي الأردني الذي زارها مؤخرا.

عرض عليّ الرفيق سالم أن نذهب سويّة لزيارتين : سأؤجل الحديث عن الزيارة الأولى التي انتهينا منها حوالي الحادية عشر ليلا ( وهي لجمعيّة ثقافية تنموية في أحد المخيمات الفلسطينية في العاصمة عمان ) ، وسأكتب عنها لاحقا .

أما الزيارة الثانية ، فكانت الى أحد الصروح الطبية الأردنية ( مدينة الحسين الطبية ) التي يرقد فيها أكثر من ثلاثين مناضلا فلسطينيّا من المصابين بجراح مختلفة ومتفاوتة في خطورتها على إثر المواجهات مع العدو الصهيوني خلال مسيرات العودة في قطاع غزة .

رأينا والتقينا شبابا ينبع الصدق من قلوبهم وعيونهم ومن كل جوارحهم .

جلسنا إليهم واستمعنا بشغف إلى أحاديثهم وعن ظروف إصابات كلّ منهم ، قد تبدو قصصهم مختلفة للوهلة الأولى ، ولكنها في الحقيقة تدور حول محور واحد ، وهو التمسّك بالثوابت الفلسطينية والإصرار على استمرار النضال ضد العدوّ الصهيوني وعلى مواجهته على كلّ شبر من أرض فلسطين التاريخية .

رأينا في وجوههم وعلى جباههم خارطة فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر والعلم الفلسطيني يرفرف عليها شامخا كشموخ مناضلي الشعب الفلسطيني .

ذهبنا لنشجّعهم ونشدّ من أزرهم ، فوجدناهم يزرعون الأمل في نفوسنا ، ويطمئنوننا بأن الغد الفلسطيني سيكون بالتأكيد أفضل من اليوم والأمس ، وأن في فلسطين رجالا صادقين في توجّهاتهم وفي إصرارهم على تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني .

غادرنا مدينة الحسين الطبية ، ( مفخرة الأردن والشعب الأردني ) ، والإطمئنان رفيقنا أن الجرحى في أيد أمينة حريصة أقصى درجات الحرص على شفاءهم جميعا ، ليعودوا إلى بيوتهم وعائلاتهم في فلسطين ، وليواصلوا نضالهم وانتفاضتهم في وجه المحتل الصهيوني .

جميع من قابلناهم من الجرحى لهجت ألسنتهم بالشكر لكل القائمين على علاجهم والعناية بهم ، مقرونا بالدعاء أن يحفظ الله الأردن قيادة وشعبا وجيشا.

* الصورة : الجريح المقاوم البطل احمد البنّا ( ابو محمد ) يتوسط عاطف الكيلاني وسالم الصويص.

حول الموقع

سام برس