اصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات بير- لبنان ، سلسلة مقالات علمية محكمة من ضمنها ، المقاومة الشعبية الفلسطينية خيار الواقع أم استراتيجية وطنية؟ مسيرات العودة الكبرى نموذجاً.

وأكد المركز على ان تلك الدراسات تهتم بالشأن الفلسطيني وبكل ما يتعلق به إسرائيلياً وعربياً وإسلامياً ودولياً.

ويمكن للباحثين والمختصين نشر مقالاتهم عبر هذه السلسلة، مع ضرورة مراعاة أن تتسم مقالاتهم بالمواصفات العلمية للأبحاث، ولم يسبق نشرها، وأن تناقش القضايا المتعلقة باهتمامات المركز وخصوصاً في الجوانب السياسية والاستراتيجية المتعلقة بقضية فلسطين.

ونظراً لاهمية تلك الدراسات العلمية الفلسطينية نتشر في صحيفة " سام برس" بنشرها لرفد القارئ الفلسطيني والعربي والمتخصص ومراكز الابحاث للفائدة العامة.

/ وائل عبد الحميد المبحوح


المقاومة الشعبية الفلسطينية: خيار الواقع أم استراتيجية وطنية؟
مسيرات العودة الكبرى نموذجاً
وائل عبد الحميد المبحوح

المقدمة:

شكّلت المقاومة الشعبية تاريخياً مقدمة موضوعية لنشأة حالات مسلحة من أشكال المواجهة مع الاحتلال، وكانت الأداة الأكثر تكراراً على أرض فلسطين في وجه الاحتلال المباشر. فمنذ مئة عام تقريباً مارس الشعب الفلسطيني، وفي اتجاهات مختلفة، ومسارات متعددة، أشكالاً متنوعة من النضال، ضدّ الاستعمار البريطاني تارة، وضدّ الاحتلال الصهيوني تارة أخرى، وما يزال يضرب على هذا المنوال منذ أكثر من سبعين عاماً، عقب احتلال الصهاينة فلسطين سنة 1947. منذ سنة 1917 وحتى إضراب سنة 1936، كانت المقاومة الشعبية هي السلاح الأبرز في مواجهة الاستعمار البريطاني وممارساته تجاه الفلسطينيين، وخلال الفترة 1937-1939، كانت الثورة الشعبية المسلحة هي الشكل السائد، وحتى ما بعد إعلان قيام "إسرائيل"، كانت الحرب النظامية مع بعض العمل الفدائي المحدود هو ما ميّز تلك الفترة، ثم غلب حتى سنة 1968 التوجه للأمم المتحدة والمطالبة بتطبيق قراراتها، كما شهدت أنماطاً للمقاومة المدنية؛ مسيرات، ومؤتمرات، وإضرابات ضدّ الممارسات الاحتلالية .

منذ سنة 1968 وحتى اندلاع انتفاضة 1987، كان العمل الفدائي والكفاح المسلح، هما السمة الأبرز في أغلب محطات هذه الفترة، وخصوصاً في السبعينيات منها. ويرى عبد الرحمن التميمي أن:

الانتفاضة الأولى 1987 اتسمت بالمقاومة السلمية، وانتهت ببدء مفاوضات السلام التي تمخضت عن إنشاء السلطة الفلسطينية، التي تعتبر المنطقة الرمادية بين انتهاء الكفاح المسلح والعمل الشعبي السلمي، وفي انتفاضة الأقصى 2000، كان هناك عدم وضوح في اتباع نمط الانتفاضة الأولى أو المزج بين العمل المسلح والمقاومة السلمية، وهذا الأمر أدى إلى تخبط واضح في الرؤيا الفلسطينية، وبخاصة أن الانتفاضة الأولى وقيادتها لم تكن جزءاً من أي اتفاقيات ملزمة، وهو ليس الحال في الانتفاضة الثانية .

من جديد وتحديداً منذ سنة 2002، "أحداث بلعين وجدار الفصل العنصري"، مروراً بسنة 2011، "فعاليات العودة في آذار/ مارس"، وغيرها، عاد الحديث عن ضرورة المقاومة الشعبية السلمية، وهنا اختلف الفلسطينيون، فمنهم من يرى أنها يجب أن تكون الشكل الوحيد السائد، وهناك من يرى أنها لا تصلح في ظلّ احتلال عنصري إحلالي استيطاني، وأن التجربة الفلسطينية لا تشبه كلّ تلك التجارب التي جعلت من المقاومة الشعبية السلمية خياراً واحداً ووحيداً، وآخرون يؤكدون أن هذا الأسلوب يجب أن يكون ضمن استراتيجية وطنية موحدة لا تستثني أو تستبعد كافة الخيارات، بما فيها الخيار العسكري، بل إن هناك من الفلسطينيين من يرى أن هذا الشكل من الممارسة لا يُجدي نفعاً في حالة "إسرائيل"، بمعنى أن الجدل حول جدوى المقاومة الشعبية السلمية ومشروعيتها ما زال قائماً.

تجدر الإشارة هنا إلى أن الرئيس الليبي السابق معمر القذافي دعا فلسطينيي الشتات إلى الاستفادة من الثورات الشعبية في منطقة الشرق الأوسط؛ بأن يحتشدوا على حدود وطنهم ليفرضوا على "إسرائيل" حقهم في العودة قائلاً: "إن أساطيل من القوارب يمكن أن تأخذ اللاجئين الفلسطينيين لينتظروا على السواحل الفلسطينية حتى تحل المشكلة". إن هناك حاجة لإيجاد مشكلة للعالم، في إشارة إلى تجمع ملايين اللاجئين الفلسطينيين على حدود بلادهم، قائلًا إن دعوته هذه دعوة للسلام لا للحرب. وأضاف:

"يجب أن تبدأ قوافل وطوابير من السفن تحمل الشعب الفلسطيني المشرد باتجاه فلسطين، وليعسكر في البحر، وفي البر، وفي كل مكان، لكي يتحرك العالم لخلق أزمة له. دعوا السفن مشحونة بالأطفال والعائلات المشردة. دعوهم الإسرائيليين يضربونهم بالقنابل الذرية، ليكن ذلك كذلك". وعدّ الزعيم الليبي إقامة أي دولة عربية أو إسلامية علاقة مع "إسرائيل"، بينما الشعب الفلسطيني لم يعد إلى وطنه ويأخذ حقه، "جريمةً وكفراً" .

عقب تفجير حافلة صهيونية في 21/11/2012، قال قائد حماس آنذاك خالد مشعل: "نحن ندافع عن شعبنا ونقوم بالرَّد، وأنا قائد حماس أقول: إننا على استعداد لسلوك سبل سلمية دون سفك دماء أو استخدام أسلحة إذا حصلنا على مطالبنا الوطنية الفلسطينية المتمثلة بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة وتلبية سائر الأهداف الوطنية". وهو ما عُدَّ مفاجأة كبيرة آنذاك، ذلك أن حركة حماس لا تؤمن في صراعها مع الاحتلال سوى بالخيار المسلح .

يرى أحمد أبو ارتيمة، وهو أحد منظري مسيرات العودة الكبرى في قطاع غزة أنه:

لا تقوم فلسفة النضال السلمي على الإيذاء الجسدي للعدو، لكنها تركز على هدف أكثر أهميةً؛ وهو إفقاد هذا العدو إجماعه النفسي للاستمرار في المعركة، إن هذا الهدف لا يتحقق سريعاً، فالعدو سيستدعي من جعبته مزيداً من الحيل النفسية لتبرير مواصلة استهداف المحتجين، لكن إصرار هؤلاء المحتجين على أسلوب النضال السلمي سيعري تلك التبريرات، وسيجعل المواجهة أكثر وضوحاً بين مؤمن مجرد الإيمان، سلاحه الكلمة والموقف، وبين قوة معتدية تواجه الكلمة بالقتل. وفي ضوء وضوح المشهد، لا تظل المعركة بين قوميتين متنازعتين، بل بين الكلمة والقوة، فيصبح أصحاب الكلمة مصدر إلهام روحي، ينحاز الناس إلى نصرتهم، وإحياء ذكراهم، ويصبح أصحاب القوة مذمومين، ملومين، يسيرون بين الناس ناكسي رؤوسهم: "ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً .

مشكلة الدراسة:

تميز السياق الفلسطيني بالديناميكية في إبداع أشكال المقاومة ضدّ الاحتلال، حيث مارس الكفاح المسلح، والإضرابات، والمقاومة غير العنفية، والمقاومة الشعبية، وتنوعت هذه الأشكال بسبب الظروف المحلية الفلسطينية أحياناً، وبسبب الظروف الإقليمية والدولية أحياناً أخرى. وفي ظلّ مجتمع فلسطيني يختزن ويستحضر التاريخ والتراث والدين والثقافة المجتمعية في عقله الباطن، فالنقاش حول آليات التعامل مع العدو لا ينقطع، خصوصاً فيما يتعلق بالمقاومة الشعبية السلمية اللا عنفية، من حيث جدواها وآلياتها، ووسائل تطويرها، وهل هي استمرار للنضال الوطني الفلسطيني، أم اجتهاد جديد؟

في كل الأحوال ومع كل شكل من أشكال المقاومة، يبرز جدل هنا وهناك حول أهمية هذا الشكل في هذه المرحلة بالذات، وهو الأمر الذي تعرضت له المقاومة الشعبية الفلسطينية في السنوات العشر الأخيرة، وازداد الأمر حدة إثر انطلاق مسيرات العودة الكبرى في قطاع غزة، التي أثارت وما تزال تثير جدلاً واسعاً في أوساط النخب السياسية والفكرية وعموم المواطنين.

تتمثل مشكلة الدراسة في الإجابة على السؤال البحثي الرئيسي التالي:
ما موقع المقاومة الشعبية السلمية في النضال الفلسطيني؟ وهل هي خيار استراتيجي أم خيار تكتيكي يفرضه الواقع؟
وينبثق عنه الأسئلة البحثية التالية:
1. ما أسباب ودوافع المقاومة الشعبية الفلسطينية؟
2. ما العوامل المعيقة للمقاومة الشعبية الفلسطينية؟
3. هل يمكن أن تتحول المقاومة الشعبية إلى استراتيجية وطنية فلسطينية؟

أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى ما يلي:
1. التعرف إلى موقع المقاومة الشعبية في النضال الفلسطيني، وهل هي استراتيجية وطنية أم خيار تكتيكي.
2. التعرف إلى أسباب ودوافع المقاومة الشعبية السلمية الفلسطينية وتحليلها.
3. التعرف إلى العوامل المعيقة للمقاومة الشعبية السلمية الفلسطينية.
4. التعرف إلى الآثار المترتبة على مسيرات العودة الكبرى في قطاع غزة.

أهمية الدراسة:

تتمثل أهمية الدراسة فيما يلي:
1. ليست الدراسة هي الأولى التي تتحدث عن المقاومة الشعبية الفلسطينية، لكنها ربما تكون الأولى التي جعلت من مسيرات العودة الكبرى 2018 نموذجاً للبحث.
2. قد تفيد الباحثين في الشأن الفلسطيني بشكل عام.
3. قد تفيد الباحثين في مجال المقاومة الشعبية.

منهجية الدراسة:

استخدم الباحث المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في جمع المعلومات، إضافة إلى المنهج التحليلي، معتمداً على الأدب المنشور حول المقاومة الشعبية، وعلى التجارب الخاصة بذلك، محاولاً استنتاج الآثار المترتبة على المقاومة الشعبية بشكل عام، وعلى مسيرات العودة الكبرى في قطاع غزة بشكل خاص، عارضاً ما أمكن الرأي والرأي الآخر في اقتباساته واستشهاداته المرجعية.

حدود الدراسة:

تركز الدراسة في حدودها الزمانية على المقاومة الشعبية منذ بداية ظهورها، إلى مسيرات العودة الكبرى الفلسطينية التي بدأت رسمياً في 30/3/2018، وخصوصاً في قطاع غزة.

المبحث الأول: إطار مفاهيمي
المقاومة الشعبية السلمية الفلسطينية: دوافع ومعوقات
تُعدُّ المقاومة الشعبية وسيلة من وسائل مقاومة وتحدي الظلم والقهر والاستبداد، كما لها فلسفتها الخاصة والتي تنبع من الروح الإنسانية للناس، ولها وسائلها وأساليبها المختلفة والمتجددة، فقد مارسها الإنسان بمختلف العصور اضطرارياً في بعض الأحيان لانعدام الفرص والإمكانيات في مواجهة الخصم عنفياً، واختيارياً في أحيان أخرى، بناءً على قناعات وفلسفة خاصة بكيفية شكل ووسائل الصراع التي يجب أن تكون بين البشر، أو بناءً على استراتيجية محسوبة لتحقيق الأهداف بأقل الخسائر .

أولاً: في التعريف:
شغلت المقاومة الشعبية علماء علم الاجتماع وعلم السياسة، فحاولوا تعريفها في أكثر من اتجاه، فعرّفها بيتريم سوروكين Pitirim Sorokin بأنها: "سلوك مسالم وهادئ يجنح نحو التفاهم والود والانسجام مع الآخرين، ويتجنب القوة والخصام، حتى لو كلّف ذلك خسائر مادية ومعنوية". بينما يذهب الفيلسوف البريطاني بيرتراند راسل Bertrand Russell إلى أنها: "سلوك عقلاني يهدف إلى تفادي الصراع مع طرف معين أو أطراف محددة، بغية إحلال السلام والانسجام مع الجهات التي قد تكون سبباً من أسباب القلق والتوتر". وأما مهاتما غاندي Mahatma Gandhi، فيذهب إلى أبعد من ذلك فيقول: "هي سلوك لا ينطوي على حب من يحبوننا فقط، بل يذهب إلى أبعد من ذلك، حيث إن اللا عنف يبدأ من اللحظة التي نشرع فيها بحب من يكرهوننا" . وأما جين شارب Gene Sharp فيعرفها بأنها "ممارسة حضارية تفرض على الجهة التي تعتمدها في حلّ مشكلاتها وصراعاتها مع الآخرين انتهاج أساليب إنسانية سلمية، تعتمد على التهدئة والمهادنة والتنازل عن بعض الحقوق، في سبيل التوصل إلى حلّ النزاعات التي تحقق طموحها ومصالح الأطراف المتخاصمة، دون اللجوء إلى العنف خياراً لحل المشكلات والأزمات" . ويؤكد عبد الرحمن التميمي وجود اتجاه آخر في التفكير عرّف المقاومة الشعبية بنمط مدني عنيف ونمط مدني لا عنيف، يتلخص الأول في المظاهرات، وإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة، والثاني هو اللجوء إلى القضاء من أجل منع مصادرة الأراضي أو هدم البيوت مثلاً . في حين يرى أيمن يوسف أن مفاهيم "المقاومة الشعبية" و"المقاومة المدنية" و"المقاومة السلمية" و"المقاومة اللا عنفية"، تتداخل ببعضها البعض في المحتوى والمضمون، وحتى في أساليب المقاومة، بالرغم من بعض الاختلافات في طرق تطبيقها، بناء على السياقات الثقافية والاجتماعية والوطنية من بلد إلى آخر. والتداخل هنا يحدث بسبب عدة عوامل مهمة، أولها، طبيعة الخصم أو العدو الذي تواجهه في ثورة شعبية، كأن يكون العدو أو الخصم نظاماً دكتاتورياً وطنياً، أو عدواً خارجياً أو محتلاً استيطانياً. أما العامل الثاني فيتوقف على التعريف العام للمقاومة في ظلّ بيئة ثقافية – اجتماعية – دينية - فلسفية لها نظرتها وتصوراتها ومفاهيمها العامة تجاه العنف واللا عنف. أما العامل ثالث، فينصب حول التجارب العالمية المتعددة في التحرر والاستقلال الوطني وآفاق التغيير الاجتماعي - السياسي في مناطق مختلفة من العالم، خصوصاً في دول العالم الثالث وشرق أوروبا، والوسائل والأدوات التي استخدمت لإحداث هذا التغيير البنيوي . ويرى أشرف صوافطة أن العديد من المصطلحات ارتبطت بمفهوم المقاومة للتعبير عن استخدام اللا عنف في المقاومة مثل: قوة الحقيقة، والاحتجاج السلمي، والمقاومة السلمية، والمقاومة المدنية السلمية، والمقاومة السلبية، والمقاومة غير العسكرية، والعصيان غير المسلح، والعصيان المدني، والمقاومة اللا عنفية، ونضال اللا عنف، وكفاح اللا عنف . ويؤكد أشرف المبيض أنه:
لا يتم في المقاومة ذات الطابع الشعبي أو المدني استخدام القوة المسلحة وأعمال العنف، وإنما تجري بأساليب مختلفة تعبّر عن السخط والاحتجاج، وتبدأ من مقاطعة السلطة التي تجري ضدها المقاومة إلى الصيام والامتناع عن الطعام، وقد تصل إلى حدّ تدبير التظاهرات والإضراب عن العمل، وقد توجه المقاومة الشعبية ضدّ السلطة أو السلطات القائمة بالاحتلال الحربي أو سلطات الاستعمار. وفي الحالة الأولى لا يمكن أن تختلط بالمقاومة الشعبية المسلحة التي تجري دائماً ضدّ قوى أجنبية، وأما في الحالة الثانية فقد تقع التفرقة بين نوعي المقاومة .
من جهة أخرى، يفرّق سفيان أبو زايدة بين مفهومي المقاومة الشعبية، والمقاومة الشعبية السلمية، فالأُولى عنده "يُقصد بها دمج كل الوسائل والإمكانيات الممكنة، واستخدام كل الخيارات دون استبعاد أيٍّ منها؛ الاقتصادية، والعسكرية، والسياسية، والقانونية، والإعلامية، بما فيها الكفاح المسلح". وأما الثانية فهي عنده مقاومة:

تعتمد على انخراط أو إشراك أكبر قاعدة أو شريحة من الجماهير في مقاومة الاحتلال بشكل سلمي، بعيداً عن استخدام أي مظهر من مظاهر العنف أو السلاح، مستندة على إرادتها وعزيمتها وطول نفسها وتعاطف المجتمع الدولي معها ومع عدالة قضيتها، مستخدمة ضعفها والخلل في موازين القوى التي تميل لصالح الاحتلال كنقطة قوة لها من خلال سلميتها، وهي ما يمكن أن نطلق عليها الطريق الثالث بين العمل المسلح الذي يكلف الشعب الفلسطيني والتنظيمات كأطر وأفراد غالياً، وبين الخنوع والاستسلام للاحتلال .

وتخلص سلوى بكر حسن إلى أن مفهوم المقاومة الشعبية هو مصطلح يهدف إلى التغيير والتبديل في قرار معين أو موقف معين أو نظام كامل بأكمله، إذ يشكل الهدف السابق عاملاً مشتركاً بين المقاومة الشعبية والعنفية، ويختلف في كونه يتبع أساليب شعبية سلمية الطابع أقرّها الدستور في الحريات الممنوحة لأفراد المجتمع، وخارجة عنه في بعض السلوكيات، كالعصيان المدني وعدم الالتزام بواجبات المواطنة، إذ إن جميع المصطلحات السابقة تعبر عن فعل غير عنيف يسعى لمقاومة فعل غير مرغوب فيه، ولكن بدرجات متفاوتة من الفعل اللا عنفي ابتداءً من المقاومة السلبية، وانتهاءً بحرب اللا عنف، وبذلك يمكن عدُّ المقاومة الشعبية مصطلحاً جامعاً لكافة أشكال واستخدامات اللا عنف، في مواجهة كافة أشكال الظلم والقهر . ويعتقد هشام المغاري أن المقاومة الشعبية:

ليست مفهوماً سطحياً، بل هي نضال له فلسفته واستراتيجياته وآلياته المتعددة والمعقدة، وهي في حاجة لاستخدام الأسلحة النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إذ إن وقودها الشعب ومؤسساته. والخطوة الأولى في اتجاه المقاومة الشعبية تبدأ من التربية على الانتماء الوطني والشجاعة والجرأة والتضحية، بحيث تكسب المواطن قدرة على مواجهة الأعداء في سياق جماعي، دون خوف أو وجل، ودون تهور يعطّل الخطط أو يؤدي إلى الهلاك .

ويرى الباحث أن مفهوم المقاومة الشعبية في الحالة الفلسطينية ما زال بحاجة إلى مزيد من النضج، والتفعيل، والتثقيف، وإنتاج استراتيجيات خاصة بها، والاتفاق على آليات لتنفيذها، لتصبح وسيلة دائمة الحضور في النضال الفلسطيني. لكنها في المجمل، تُكمل ثلاثية أشكال التعامل مع الاحتلال التي مارسها الفلسطينيون؛ فمن المقاومة المسلحة التي ما زالت مستمرة ويمارسها جزء منهم، إلى التفاوض المباشر أو غير المباشر مع الاحتلال، ثم المقاومة الشعبية، التي أصبحت تحظى بالكثير من التأييد بين أبناء الشعب الفلسطيني، شريطة ألا تطغى واحدة منها على أخرى فتلغيها، وتبقى هذه الخيارات الثلاثة قائمة يجري استخدامها حسب التطورات الحادثة أو حسب الحاجة إليها، فهي منظومة واحدة تكمل كل وسيلة الأخرى. كما يفضل أن تكون الأساليب المتبعة في المقاومة الشعبية قريبة من قدرات الناس، ولا تؤثر في نمط حياتهم بشكل جذري، مع ضرورة توفير البدائل لبعض الأمور التي تؤدي إلى إحداث ضرر في حياة الناس، ما يساعدهم على الاستمرار في حياتهم بشكل طبيعي، كي يكون بمقدورهم الاستمرار في المقاومة لمدة أطول، وبذلك يتحقق أحد شروط المقاومة الشعبية.

ثانياً: في خصائص أو مميزات المقاومة الشعبية:

يشير كلٌّ من سلوى حسن وأشرف صوافطة إلى مجموعة من الخصائص أو المميزات للمقاومة الشعبية لتجعلها مختلفة عن باقي أشكال النضال الفلسطيني على النحو التالي :
1. فوق الدستور: أي أنها لا تنفذ إلى الخصم عبر الجهات السياسية الرسمية، كرفع الدعاوى القضائية، وكتابة الخطابات والتصويت، بل تتخذ لنفسها قنوات خاصة تمكّنها من تحقيق أهدافها، فهي تختلف عن الوسائل الدستورية التقليدية في أنها لا تحدد بما تسمح به الدولة، فقد يكون قانونياً أو غير قانوني، فعلى سبيل المثال يعد العصيان المدني، الذي هو خرق جماعي للقوانين، نشاطاً سياسياً من أنشطة المقاومة الشعبية، بينما الإضرابات التي تحدث ضمن الأطر الرسمية في الدول الديموقراطية لا تُعدُّ عملًا لا عنفياً، بل تصنف ضمن الوسائل الدستورية التقليدية، لأنها تتم في إطار رسمي للتعبير عن الرأي وتندرج ضمن قائمة الآليات المسموح بها، فالمقاومة الشعبية تعمل على وضع قواعد جديدة للعبة الصراع السياسي.

2. المواجهة: ترفض المقاومة الشعبية الوسائل المتراخية أو الاستسلام، إذ تسعى لخوض الصراع عبر مواجهة مدروسة، سواءً كانت مواجهة مباشرة أو غير مباشرة، عبر تقويض قوة الخصم والضغط عليه وإجباره على تغيير مواقفه أو تنفيذ مطالب المقاومة.
3. غير متوقعة المسارات والنتائج: على العكس من المقاومة الشعبية، فإن النتائج النهائية لاستخدام الوسائل الدستورية التقليدية تحدد من خلال القوانين وقواعد الممارسة السياسية المتعارف عليها، بينما أساليب المقاومة الشعبية يصعب على الخصم التكهن بها أو بنتائجها، لأنها ترتبط بقوانين أو قواعد غير معروفة، ونتائجها مرتبطة بنمط الحوار الدائر، عبر الأنشطة بين القوى المختلفة المشاركة في الصراع، ويُعدُّ غموض قواعد وقوانين المقاومة الشعبية من أهم أسباب نجاحها، لأنها تعتمد على استراتيجية المفاجأة والمخاطرة بحيث لا يستطيع الخصم التكهن بالخطوة القادمة.
4. توفر عنصر المخاطرة: إن أبرز ما يميز المقاومة الشعبية وأنشطتها هي أنها ترتكز إلى فكرة المقاومة التي تقوم على العصيان، وهي تعني خرق المساحات المحرمة وكسر الخطوط الحمراء، فنتائجها مرتبطة بمدى القدرة على استثمار عواقبها، وهذه العواقب هي جزء لا يتجزأ من النشاط، ولا بدّ من استثمارها في إدارة الأحداث مع الخصم.
5. ليست سلمية بشكل مطلق: لا يمكن القول إن هناك مقاومة لا يوجد بها عنف بشكل مطلق عندما يتعلق الأمر باستخدام وسائل الفعل المباشر، وهنا يكون العنف ليس جزءاً أصيلاً لفلسفة أو أنشطة المقاومة، ولكنها طارئة في أقل الحدود، فاللا عنف يضبط العنف، ويتحكم فيه ويحجمه، ولا يدّعي إلغاءه، فالمقاومة الشعبية السلمية، بلا عنف، بشكل مطلق أمر مستحيل.

ثالثاً: في مشروعية المقاومة الشعبية:
يشير عبد الرحمن التميمي إلى مجموعة من الشرعيات التي تقوم عليها مشروعية المقاومة الشعبية السياسية والاجتماعية في الحالة الفلسطينية وهي على النحو التالي :
1. الشرعية المجتمعية؛ حيث لاحظ أن الشرعية المجتمعية يعتريها كثير من الغموض، وأحياناً الرفض المجتمعي لأسباب منها: عدم وجود برنامج سياسي واضح للمقاومة الشعبية، واختلاف الآليات والمرجعيات في المواقع، إضافة إلى العلاقات الاجتماعية والسياسية داخل المواقع نفسها، وبالتالي، فإن الصورة العامة هي عدم وجود غطاء اجتماعي لهذه المواقع، بمعنى أن هناك ضرورة لفحص أسباب غياب الحاضنة الاجتماعية.
2. الشرعية السياسية؛ فعلى الرغم من أن فصائل العمل الوطني كافة تعلن تأييدها الكامل للمقاومة الشعبية، وتشير إليها تلميحاً في برامجها وبياناتها السياسية، وكذلك الحال في بيانات السلطة الفلسطينية ومواقفها، غير أن هذه الشرعية لم تُترجم بمؤسسات حقيقية، وعادة ما تكون المشاركات من شخصيات وطنية أو رسمية، رمزية، ولهذا لم نشهد ولادة مؤسسة كإحدى مؤسسات السلطة أو المنظمة تتبنى المقاومة الشعبية كمؤسسة أو هيئة. ولم يتم اعتمادها منهجاً سياسياً، وهناك غياب واضح مثلاً لتعميمات حزبية للأعضاء بضرورة المشاركة في نشاطات المقاومة الشعبية، كما أن السؤال حول جدواها مطروح داخل الفصيل الواحد أيضاً.
3. الشرعية المؤسساتية؛ حيث إن تعدد اللجان التي تدّعي المقاومة الشعبية وتعدد الأسماء والدلالات والمسمّيات، أحدث إرباكاً في مدى الشرعية المؤسساتية لهذه المسمّيات، كما أن هذه اللجان لا تبني برنامجاً مؤسساتياً واضحاً، بمعنى آخر ليس لها برامج محددة تستند إلى رؤية واضحة يستطيع المراقب رؤيتها أو المؤيد لها الانضمام على هذا الأساس، وبالتالي فإن المؤسساتية (رؤى وآليات وبرامج) توجِد شرعية بالمعنى الحقيقي، وإن لم يأخذْ شكلاً قانونياً.
بهذا الخصوص يشير موقع وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) نقلاً عن الحرس الرئاسي الفلسطيني؛ العلاقات العامة والإعلام، هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إلى مجموعة من الأسباب التي تدفع باتجاه المقاومة الشعبية مثل :
4. ضرورة مسايرة روح وواقع الثورات الشعبية العربية، التي قدمت أروع النماذج في كيفية تغيير الواقع عبر استنهاض البعد الجماهيري، بعيداً عن اللجوء إلى العنف المسلح وأدواته.
5. انشغال الشعوب العربية في ترتيب بيتها الداخلي، يجعل التعويل على دور عربي شعبي واسع لمساندة القضية الفلسطينية ومواجهة الاحتلال، خارج السياق، ويفرض على القيادة الفلسطينية ضرورة التعاطي الذكيّ مع المعادلة الراهنة في الصراع مع الاحتلال عبر انتهاج أساليب غير عنفية.
6. ضرورة إبقاء روح المقاومة حية ومتقدة في نفوس الفلسطينيين.
7. ضرورة إحراج الاحتلال دولياً، والعمل على تشويش وإرباك مخططات التهويد والاستيطان؛ فكل يوم يمر دون فعل كفاحي فلسطيني يُنقص قدرة الفلسطينيين على مواجهة مخططات وإجراءات وجرائم الاحتلال، ويجعل مهمتهم في كبح التوغل الإسرائيلي على الأرض والمقدسات أكثر صعوبة.
8. الخروج من مأزق تناقض البرامج والأجندات الفصائلية، عبر التوافق على برنامج عملي لمواجهة الاحتلال يلقى تأييداً وتجاوباً من الجميع، ويضمن قبول ومشاركة الفصائل الفلسطينية دون استثناء.

رابعاً: في العوامل والخطوات الموضوعية الرافعة للمقاومة الشعبية السلمية:
يمكن الحديث هنا عن العديد من العوامل والمؤثرات التي من شأنها إنجاح المقاومة الشعبية السلمية، حيث يشير التقدير الاستراتيجي 73 لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات إلى مجموعة عوامل موضوعية نحو تعزيز المقاومة الشعبية كخيار في الضفة الغربية على وجه الخصوص وهي :
1. الثورات الجماهيرية العربية: أو ما اصطلح عليه بـالربيع العربي. لقد أعادت هذه الثورات ومنذ سنة 2010، حضور مفهوم قوة الشعب، ودور الجماهير في التغيير، وأعادت طرح التساؤل حول دور الجماهير في الحالة الفلسطينية والتي لطالما كانت سباقة وفاعلة في مواجهة المحتل، لكنها غابت بينما كانت حركة الجماهير تتصدر المشهد في تونس ومصر واليمن، ويمكن اعتبار هذا العامل بمثابة عامل تأسيسي بات اليوم أقل حضوراً في المشهد.
2. وصول التسوية السياسية إلى نهاية جديدة: كان الطريق المسدود الذي وصلت إليه مفاوضات أوسلو Oslo Accord وما بعدها في كامب ديفيد Camp David Accords سنة 2000، والفشل في الاتفاق على ملف القدس أو في إعلان دولة فلسطينية مستقلة، أحد أبرز العوامل التي مهدت الأرضية لانتفاضة الأقصى سنة 2000، وقد حرصت الولايات المتحدة والقوى العالمية على إعادة إطلاق "عملية سلمية" والمحافظة عليها مستمرة انطلاقاً من هذا الفهم، فانطلقت تجربة أنابوليس Annapolis سنة 2007، لكن الاستمرار فيها للأبد دون نتائج كان مستحيلاً. وجاءت محاولة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري John Kerry في تقديم مبادرة جديدة لاتفاق إطار محاولة منه لتقديم إنجازات تحيي هذه العملية وتحافظ عليها، وهذا ما يفسر الطابع "الرسالي" في إصرار كيري عليها، لكن فشله في إقرارها وفي الحصول على موافقة إسرائيلية عليها، أوصل تجربة أنابوليس إلى طريق مسدود جديد، وأعاد، بشكل من الأشكال، إنتاج المشهد المؤسس لانتفاضة الأقصى سنة 2000.
3. حرب غزة 2014: وحالة المفارقة التي أنشأتها بين "مجتمعين" و"سلطتين" و"واقعين" تقوم الازدواجية بينهما على الاستراتيجية والرؤية للمشروع الوطني، الأول مقاوم ومحاصر ومعزول ويتمكن من تحقيق إنجازات، والثاني ممول ومدعوم ومنفتح ويفشل في تحقيق الأمن الذاتي لأفراده.
4. اعتداءات المستوطنين وتغول الاستيطان: لقد أنتجت حالة التنسيق الأمني والمشروع الاقتصادي التخديري اللذين انبثقا من تجربة قيادة السلطة في رام الله وحكوماتها المتعاقبة منذ 2007 مجتمعاً بلا مخالب، وأنتجت السلطة الإسرائيلية التي تتجه أكثر فأكثر نحو سيطرة مطلقة لليمين الإسرائيلي مزيداً من الاستيطان ومن دعم المستوطنين، وهذا أنتج حالة تغول غير مسبوقة للمستوطنات على الموارد والكتل السكانية الفلسطينية، وللمستوطنين على سكان الضفة الغربية، بالذات في القرى وفي الطرق بين المراكز الحضرية المصنفة تحت المنطقة أ في جغرافيا اتفاق أوسلو، وهذا ما عزز ويعزز الشعور بالحاجة للمواجهة والحماية الذاتية لدى جمهور الفلسطينيين، خصوصاً في ظلَ قرار سياسي بعدم مواجهة الشرطة الفلسطينية لهم، وعجزها التام بالتالي عن تقديم أي حماية للجمهور.
5. التهويد المتواصل للقدس وحالة المواجهة المستمرة: فالمسجد الأقصى مستهدف بالتقسيم الزماني والمكاني، والاستيطان يتغول في القدس، والمقدسيون يوضعون تحت أسوأ الظروف المعيشية لدفعهم للهجرة، وإمكانية أن تكون القدس جزءاً، ولو بشكل رمزي، من أي دولة فلسطينية تنشأ عن التسوية باتت مستحيلة في عين من يعيش الواقع في الضفة الغربية، وبات واضحاً أن المقدسات والثوابت والهوية والوجود في القدس تواجه ضياعاً محققاً إن استمرت الأمور على ما هي عليه، وهذا أيضاً يعيد بشكل من الأشكال إنتاج أحد الظروف المؤسسة لانتفاضة الأقصى سنة 2000. لكن إضافة لذلك، تشهد القدس اليوم حالة مستمرة من الاشتعال، والمواجهات اليومية تتنقل فيها بين باب حطة وسلوان ورأس العمود وشعفاط ومخيم شعفاط وحاجز قلنديا والعيسوية، والمواجهات تندلع على خلفيات لا تنتهي: اقتحام الأقصى، ومنع من الصلاة، ومحاولات اعتقال، وإخلاء منازل، وهدم منازل، أو حتى افتتاح منشآت جديدة تابعة للبلدية، ويمكن القول إن القدس تشهد على مدى سنتين مضتا حالة مواجهة شعبية مستمرة لم تتح الظروف لها للانتقال إلى محيطها الملاصق في الضفة الغربية.
6. تواصل العمليات العسكرية الفردية: شهدت سنتا 2013 و2014 تصاعداً كبيراً في عمليات المقاومة الفردية، من الدهس بالجرافات والسيارات إلى عمليات القنص وإطلاق النار من سلاح ناري، إلى اختطاف المستوطنين، وهذه العمليات على الرغم من أنها لم تتسع لتصبح حالة شاملة، إلا أنها تؤشر إلى حالة مقاومة كامنة ومستمرة تعوق الظروف الحالية، والتي سنبحثها بالتفصيل أدناه، تعبيرها عن ذاتها، لكنها قد تتمكن من التطور والتأقلم لتظهر بصورة أخرى أكثر قابلية للاحتضان والانتشار، والمقاومة الشعبية هي إحدى هذه الصور.
7. البيئة السياسية المحيطة بالضفة الغربية: تشكل الضفة الغربية وحدة جغرافية معزولة، تحيطها "إسرائيل" من ثلاث جهات، بينما يحيطها الأردن من الجهة الرابعة، وكلتا الدولتين متفقتان على عدم السماح بنشأة قوة مقاومة مسلحة في الضفة الغربية، وعدم توفير فرص التسلح والإمداد والتنظيم لها، وهذا يجعل نشأة أرض آمنة للتصنيع والتدريب والتنظيم أمراً يكاد يكون مستحيلاً، كما أن الوجود الاستيطاني والعسكري الإسرائيلي يتخلل الضفة من كل الاتجاهات، وهذا ما يجعل المقاومة الشعبية أقرب إمكانية، بالرغم من كون المراكز المدنية الأساسية خاضعة للسلطة الفلسطينية، إلا أن إيجاد نقاط التحام مع الاحتلال ليس صعباً ولا مستعصياً. في الوقت عينه، يلوح في الأفق متغير محتمل يتمثل في المحاولات المتتالية للحكومة الإسرائيلية لإخراج الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة سنة 1948 عن القانون، وهذا إن حصل سيجعل المقاومة الشعبية والعصيان المدني الواسع أحد أبرز خياراتها.
8. الاتفاق النظري على المقاومة الشعبية: فالمقاومة الشعبية كانت الاستراتيجية المستقبلية التي اتفق عليها بين فتح وحماس في اتفاق مكة سنة 2007، والتي تبنتها حركة فتح في مؤتمرها السادس في بيت لحم سنة 2009، كما أنها شعار ترفعه فصائل اليسار وبعض قوى الساحة الفلسطينية مثل المبادرة الشعبية، وهذا ما يمنح هذا الشكل من المقاومة مشروعية واسعة، على الرغم من أن تبنيها في واقع الأمر كان مخرجاً من مأزق ثنائية المقاومة، المفاوضات، أكثر مما كانت أداة استراتيجية قصدت مختلف الأطراف فعلاً استخدامها.
فيما يعرض أبو زايدة مجموعة أخرى من العوامل منها على سبيل المثال :
1. السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها ومؤسساتها المختلفة يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من هذه المقاومة الشعبية السلمية من خلال تخصيص الموازنات وتغيير الأولويات وتسخير كل ما لديها من إمكانيات لإنجاح هذه المقاومة.

2. يجب أن يكون واضحاً للجميع وتكون القيادة صريحة مع نفسها، بأن هذه المقاومة السلمية هدفها التخلص من الاحتلال، وليس تحسين شروط التفاوض التي ستعيد الفلسطينيين إلى المربع الأول دون تحقيق الهدف المنشود وهو التخلص من الاحتلال.

3. الفصائل الفلسطينية بقياداتها ورموزها وكوادرها وعناصرها ومناصريها يجب أن تشارك بكامل قوتها في هذه المقاومة جنباً إلى جنب مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، لما سيكون هناك من أعباء اقتصادية من المفترض أن يشارك الجميع في تحملها.
4. لكي لا تتكرر الأخطاء التي ارتكبت خلال التجارب السابقة، يجب تعزيز الثقافة لدى الجماهير الفلسطينية في كل ما يتعلق بالنضال السلمي، بعيداً عن أي مظهر من مظاهر العنف، وعدم الانجرار خلف الاستفزازات الإسرائيلية من جيش ومستوطنين، بهدف حرف المسار من مسار شعبي وسلمي إلى مسار المواجهات المسلحة أو العنيفة.

5. يجب أن تُتخذ خطوات سياسية من قبل المنظمة والسلطة تشكل حافزاً للجماهير الفلسطينية للاقتناع بتبني هذا النهج، مثل وقف التنسيق الأمني وإعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال وفك الارتباط "التدريجي" مع الاحتلال.

خامساً: في العوامل الموضوعية المثبطة أو التي تُعيق تطبيق المقاومة الشعبية:

يشير التقدير الاستراتيجي 73 لمركز الزيتونة إلى مجموعة من العوامل الموضوعية المثبطة للمقاومة الشعبية في الضفة الغربية بما يلي :
1. التوجه الوظيفي للقيادة الفلسطينية: فقد نجح اتفاق أوسلو على مدى سنوات تطبيقه في إعادة قولبة القيادة الفلسطينية وتعريفها للمصالح الوطنية، فهي قيادة انتقلت للتفكير بمنطق البقاء والحفاظ على الكينونة، الذي هو منطق الدول، قبل أن تمتلك دولة، وباتت تعرف كل ما يؤثر على كينونة وبقاء السلطة خطراً، والمقاومة المسلحة أو الانتفاضة الشعبية من هذا المنطلق يصبح مجرماً، وكل ما يؤدي إلى قطع المساعدات والاعتماد الدولي يصبح خطراً، ومن هذا الباب نفسه تقرأ انتفاضة سنة 2000 على أنها هزيمة، لأنها أعادت بُنَى السلطة إلى الخلف وأدت لتدمير جزء منها، وتقرأ أي مخاطرة بهذه البنى على أنها عبث، وتقرأ ضمان تدفق الدعم الدولي للموازنة على أنه تحقيق للمصالح الوطنية، بغض النظر عن الثمن المدفوع لتحقيقه، ودون أدنى نقد أو تفحص لفكرة الدولة التي تعيش على المساعدات وتعرف مصالحها الوطنية من منظورها. هذا التوجه يعني ببساطة تجريم أي فعل يجر ثمناً على الفلسطينيين، وباختصار تجريم أي فعل مقاوم، شعبياً كان أم مسلحاً، وإعادة تعريف المقاومة في أشكال لا يترتب عليها ثمن باهظ.
2. التنسيق الأمني: وهو المظهر الأمني لهذه العقلية السياسية، فالمشروعية الإسرائيلية مدخل للشرعية العالمية واستمرار الدعم والحفاظ على المؤسسات، ومن هذا الباب يغدو "مقدساً". لقد أنتجت القيادة المقولبة في ظلّ أوسلو "فلسطينياً جديداً" في أجهزتها الأمنية ليست المواجهة مع "إسرائيل" واحدة من خياراته، وهو ما لم تفعله القيادة التي أسست أوسلو كحقبة سياسية، واحتفظت بمختلف أوراقها بما فيها توجيه قوى الأمن الفلسطيني تجاه المحتل عند الضرورة. وللتنسيق الأمني علاقة مركبة بالمقاومة الشعبية، فهو إذ يجعل تشكيل الخلايا العسكرية والتنظيمية صعباً، ويجعل التفكير بمثل هذا الخيار مخاطرة يبتعد عنها الجمهور، إلا أنه بهذه الطريقة يعيد توجيه البوصلة نحو المقاومة الشعبية، كشكل أقدر على تجاوز هذا التنسيق، وأقرب إلى التحقق حتى في ظلّ وجوده.

3. التخدير الاقتصادي: المبني على تضخم في الكادر والرواتب، وانتزاع الجمهور من الأعمال المنتجة زراعياً وحرفياً إلى وظائف ريعية تعتمد على الدعم الخارجي، وبناء فكرة "أسهل" عن الدخل، تقابلها تسهيلات واسعة في القروض البنكية تبني نمطاً استهلاكياً من الحياة، وتجعل التفكير بعمل مقاوم أو خارج إطار موافقة السلطات ضرباً من المخاطرة المذلة لصاحبها الذي سيغدو مهدداً بفقدان مسكنه وأثاثه ووسيلة تنقله. هذا العامل هو العامل الأساس في تحويل خيار المقاومة إلى خيار مستبعد شعبياً، وهو أبعد أثراً وأعمق وصولاً من التنسيق الأمني، ولا يمكن استعادة حالة مستعدة للمقاومة ومنتشرة جماهيرياً دون تأسيس حالة مضادة له.
4. الانقسام السياسي: الذي منح الخيارات السياسية الوظيفية لقيادة السلطة غطاء وطنياً من "العصبية" التي تمثلها نتيجة الاستقطاب، وأنشأ حالة غريبة ومركبة؛ فالقيادة السياسية تتبنى باسم فتح خيارات لا يرضى عنها معظم أفراد فتح، لكنها تكتسب المشروعية لكونها تمثل العصبية في مواجهة العصبية المناقضة. هذه الحالة تجعل تثبيط المقاومة ومواجهة المقاومة أسهل، وتكتسب مرجعية وطنية، وتصبغ عليها حالة من الضياع بين كونها أجندة تناقض أهداف المشروع الوطني الفلسطيني، أو تناقض أهداف وسلوك فصيل منافس يسعى إلى السلطة.
5. تشوه مفهوم المقاومة الشعبية: في ظلَ ثنائية المقاومة المسلحة في مواجهة المقاومة السلمية واللا عنفية، إذ نشأت في بعض أوساط النخبة اليسارية والنشطاء الفلسطينيين حالة تمجد المقاومة السلمية، وتعيد تأويل ورسم تاريخ النضال الفلسطيني بوصفه نضالاً سلمياً رومانسياً "تشوه" بالمظاهر المسلحة لانتفاضة سنة 2000، ونشأت حالة تبني على وجود المتضامن الأجنبي والإسرائيلي اليساري أحياناً، وتسمح بتسلل تعريفاتهما لأهداف المشروع الوطني الفلسطيني وأولوياته وأدواته، أو تحولت إلى حالة طقوسية أسبوعية في بؤر محددة ضدّ الجدار، لم تفلح على الرغم من تضحيات أهل تلك القرى والمشاركين في تلك المواجهات في اكتساب الشعبية والتحول لخيار جماهيري حتى الآن. إن المقاومة الشعبية ليست رديفاً للمقاومة السلمية أو اللا عنفية، وهي تعني ببساطة التبني الشعبي لخيار المقاومة الشاملة، وانخراط أكبر عدد من الجماهير فيه، سواء استخدم أدوات اللا عنف أم الشغب أم التخريب أم السلاح، لكن الثنائية أعلاه دفنت تحتها هذا المفهوم.
ويقدم أبو زايدة مجموعة من الأسباب التي من الممكن أن تعيق تطبيق المقاومة الشعبية الفلسطينية كما يلي :

1. النموذج الجديد في المقاومة الشعبية السلمية حتى الآن محصور التأثير من حيث عدد المشاركين ومن حيث النتائج، وذلك لعدم قناعة الغالبية العظمى من أبناء الشعب الفلسطيني بأن هذا النهج قد ينجح في تحقيق نتائج ملموسة على الأرض، لذلك يجب التحضير جيداً لإقناع الجماهير بجدواه.
2. الخلاف القائم بين الفصائل الفلسطينية على مفهوم المقاومة الشعبية السلمية.
3. استمرار الانقسام السياسي الفلسطيني يلقي بظلاله على أي خطوة أو جهد، وكفيل بتعطيل أي خيار قد يتخذه الفلسطينيون للخروج من أزمتهم.

4. التخوف من الانجرار إلى مربع العنف بإخراج المقاومة الشعبية عن سياقها السلمي، وتدهور الحالة إلى مواجهة مع الاحتلال على غرار 2008، و2012، و2014، مما ينهي حالة الشعبية والسلمية عن النشاط.
5. الخشية من عدم القدرة على ضبط الأعمال الفردية التي قد تحرف المقاومة الشعبية عن سلميتها، مما قد يؤدي إلى حدوث فوضى وبروز العديد من المظاهر المسلحة التي قد تُستغل لتعطيل عمل مؤسسات السلطة، خصوصاً الأمنية منها، الأمر الذي سيفسح المجال أمام مسلكيات فردية سلبية تزيد من الأعباء، وتضاعف من المعاناة الملقاة على كاهل الناس بشكل كبير.
يذكر أيمن يوسف عدّة أشكال للمواجهة للنضال السلمي مع الخصم المحتل أو الدكتاتور في الميدان من بلد إلى آخر، ومن موقع إلى آخر اعتماداً على طبيعة هذا الخصم أو العدو، واعتماداً على إمكانيات الحركة الشعبية وقدراتها، على النحو التالي :
1. المقاومة الرمزية Symbolic؛ عبر المحافظة على قنوات الاتصال الفعال بين أعضاء المقاومة نفسها، والعمل على استخدام الإشارات والرموز والأسماء الحركية وحتى اللباس في سبيل تدعيم الشعور الوطني بين الناس، وحضور المناسبات الوطنية وإحياء التراث الشعبي.
2. المقاومة التراكمية Accumulative؛ من خلال المحافظة على أداء الحركة في الميدان، ونقل الاحتجاجات إلى أوساط الحركة الشعبية، والعمل الجاد لتشجيع الآخرين للمحافظة على الكفاح أو النضال ضدّ الخصم أو العدو.
3. المقاومة الهجوميةOffensive ؛ عبر تنظيم سلسلة فعاليات على الأرض لإحباط الخصم ودفعه للشعور باليأس، وتكثيف المظاهرات والإضرابات وكل النشاطات الأخرى المباشرة التي تأخذ من الشعب والجماهير صفوفاً مؤيدة لها.
4. المقاومة الدفاعية Defensive؛ التي تعمل على المحافظة على الإنسان والبشر وعدم الانسياق وراء قوة الخصم المدمرة، والمحافظة على أخلاقيات المقاومة والقيم الإنسانية العالمية، خصوصاً فيما يتعلق بالعنف والقتل وتخريب الأملاك والممتلكات. مثل هذا النشاط يهدف في المحصلة النهائية إلى تحييد قوة الخصم المدمرة، ويمنعه من الاستخدام المكثف للقتل والتدمير.

5. المقاومة الإيجابية Positive؛ البناءة التي تعمل على إيجاد بدائل على مستوى القانون العام أو المؤسسات والتي تخدم بدورها الناس، وتدفعهم لعدم اللجوء إلى مؤسسات المستعمر أو النظام الدكتاتوري، وتفصلهم مع مرور الوقت عن بنية المستعمر، وتركيبته الاقتصادية، والتنموية، والبيروقراطية، والأمنية أيضاً. فيما يجعل هشام المغاري أشكال المقاومة الشعبية الفلسطينية في نمطين رئيسين، هما: المقاومة الشعبية الشاملة التي شاركت فيها فئات الشعب كافة، وامتدت إلى جميع المناطق الفلسطينية، واستمرت عدة سنوات. والمقاومة الشعبية المحدودة، من حيث الفئات أو المناطق المشاركة فيها، وعادة ما تستغرق فترة زمنية قصيرة .

سادساً: في التجربة الفلسطينية للمقاومة الشعبية:
شكّلت المقاومة الشعبية الفلسطينية حالة قادرة على ترسيخ الشعب الفلسطيني في جذوره وتراثه وأرضه، وكان الشعب الفلسطيني وما يزال يتصدى لكافة عمليات استئصال تلك الجذور والتراث والأرض والهوية العربية الإسلامية أمام مختلف القوى الاستعمارية التي مرّت على فلسطين، ويمكن استعراض تاريخ الشعب الفلسطيني الحافل بالمقاومة الشعبية بمجموعة من المراحل التي تلازمت مع كل أزمة مرت على الشعب الفلسطيني بدءاً بانتهاء الحكم العثماني وتبلور المشروع الصهيوني، مروراً بالانتداب البريطاني، وصولاً إلى الاحتلال الإسرائيلي، على النحو التالي :
1. بدأت الثورة الفلسطينية بالمقاومة الشعبية ضدّ المشروع الصهيوني قبل الانتداب البريطاني سنة 1917، حيث برزت المقاومة الشعبية الفلسطينية بداية العقد الأخير من القرن الـ 19، عندما تنبه الفلسطينيون إلى خطر المشروع الصهيوني المتمثل في الهجرة اليهودية الجماعية والاستيطان الصهيوني، إذ بادر العديد من الأدباء والكُتّاب والصحفيين برفع العرائض والاحتجاجات إلى السلطات العثمانية لتقييد الهجرة الصهيونية، بعد كشف مخططاتها وأهدافها ومخاطرها. وتعدّ انتفاضة موسم النبي موسى سنة 1920، أولى الانتفاضات الشعبية الفلسطينية.
2. كانت المرحلة الثانية في أثناء الانتداب البريطاني حتى سنة 1948، إذ شهدت المقاومة الشعبية بدءاً من عهد الانتداب نشاطاً واسعاً في مقاومته، وتميزت تلك المرحلة بتقديم البراهين والأدلة التي تدعم حقّ العرب في فلسطين، وتفنيد الادعاءات الصهيونية، كما نفّذت العديد من الإضرابات وأُجريت مفاوضات مع الحكومة البريطانية. ولعل من أبرز صور المقاومة الشعبية في هذه المرحلة؛ الإضراب الكبير الذي استمر 178 يوماً، الذي شلّ الحياة العامة في عموم فلسطين سنة 1936؛ والذي كان أطول إضراب لشعب في التاريخ، حيث طالب الفلسطينيون بوقف الهجرة اليهودية، ومنع انتقال الأراضي لليهود، وتشكيل حكومة وطنية مسؤولة أمام مجلس نيابي.

3. وأما المرحلة الثالثة فتمتد بين 1948 و1987، حيث شكّلت النكبة الفلسطينية مرحلة جديدة في تاريخ الشعب الفلسطيني، إذ تراجعت المقاومة الشعبية أمام المقاومة المسلحة التي امتدت حتى انتفاضة الحجارة سنة 1987، مع الأخذ بعين الاعتبار بقاء حالة المقاومة الشعبية في تلك الفترة بين حالتي المد والجزر على شكل ردود أفعال لا استراتيجية ممنهجة. وكان أعظم فعل شعبي في هذه الفترة تلك المظاهرة الشعبية التي نُظمت سنة 1955، رداً على مشروع توطين الفلسطينيين، وخصوصاً أهل غزة في سيناء، فيما عُرف حينها بـ"مشروع جونستون Johnston Plan"، وارتقى خلالها ثلاثون شهيداً. ومن صور المقاومة الشعبية أيضاً، ما يعرف بـ"يوم الأرض"، فقد شكل تاريخ 30 آذار/ مارس، مناسبة سنوية لذكرى الهبّة الشعبية التي قامت في أراضي فلسطينيي 48 سنة 1976، ضدّ قيام الاحتلال الصهيوني بمصادرة آلاف الدونمات من قرى فلسطينية في الجليل في سياق مخطط تهويدي، واستشهد فيها ستة فلسطينيين على أيدي قوات الاحتلال.
4. وأما المرحلة الرابعة فيمكن التأريخ لها منذ بداية انتفاضة الحجارة كانون الأول/ ديسمبر 1987، التي تميزت بشعبيتها وسلميتها، مما أكسبها تأييداً محلياً، وعربياً، ودولياً، حيث شكّلت هذه الانتفاضة نقلةً نوعيةً في تاريخ الصراع مع الاحتلال، فعملت على إرهاقه مادياً وعسكرياً وسياسياً، حيث استمرت أكثر من سبع سنوات، وتمكنت من تجنيد كافة فئات الشعب الفلسطيني الاجتماعية، ومستوياته الفكرية، وانتماءاته السياسية، لإيجاد مقاومة شعبية جماهيرية، في وجه غطرسة واعتداءات قوات الاحتلال.

5. بعد إنشاء السلطة الفلسطينية سنة 1994، كانت المرحلة الخامسة من مراحل المقاومة الشعبية الفلسطينية، حيث تميزت الفترة من 1994-2000 بانحسار دور الفصائل في مقاومة الاحتلال، إلا ما كانت تقدمه حماس والجهاد الإسلامي من عمليات استشهادية أو اشتباكات مسلحة مع قوات الاحتلال والمستوطنين في غزة والضفة الغربية. حتى مطلع 1996، الذي شهد البداية الحقيقية للصراع السياسي مع السلطة التي كانت ترفض العمل المسلح، قامت باعتقال المئات من نشطاء حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وشنت حملة واسعة ضدّ مؤسساتهما الاجتماعية والخيرية، كذلك أدى انخراط العديد من نشطاء انتفاضة 1987 في السلطة، وتقلدهم وظائف مختلفة، إلى تخفيف حدة العمل المقاوم ضدّ الاحتلال، حتى انطلقت شرارة انتفاضة الأقصى أيلول/ سبتمبر 2000، التي عاد الفلسطينيون عبرها إلى استخدام وسائل المقاومة الشع

حول الموقع

سام برس