بقلم/ محمد العزيزي
تحت مقولة كيفما وجدت القوم يعبدون فولي وجهك و اعبد معهم .. و عملا بقول القائل دبدب مع الناس بالحاصل .. و المثل القائل " إذا دخلت مدينة العوران إعور عينك " ..

الأمثال و الحكم الشعبية كثيرة في كل مناحي الحياة و مجالاتها و مواقفها و المشاكل التي تعترض الناس في حياتهم اليومية في الخير و أيضا الشر بالفعل و القول .

كل هذه الأمثلة الشعبية و المأثورات القديمة و الحكم و الحكايات جميعها تؤكد أن هناك سلوكيات و أفعال و ممارسات مختلقة أو طارئة يمارسها البعض منا بشكل اعتباطي أو بقصد او بدون قصد بهدف تحقيق مصلحة شخصية صرفة و غير مدروسة يسلوكها هؤلاء الناس و هي لا تمت للمبادئ و الأخلاق و الإنسانية و الوطنية و ما يمليه علينا الوازع الديني و الشرف و العادات و التقاليد و حتى الأعراف القبلية و غيرها من المنهجيات التي تقوم عليها الحياة الإنسانية منذ القدم و القرون التاريخية المنصرمة و ما تعاقبت فيه من أمم قد خلت ..

و هذه الممارسات ليس لها أية صلة بالمصلحة العامة أو الجامعة و الجمعية للوطن و المواطن و الإنسانية و البلاد و الأرض و كأن هؤلاء يمثلون أنفسهم في المصلحة حتى و لو غرق و انتهاء كل الناس و كل أبناء جلدتهم .

البعض من أبناء هذا الوطن تسوقهم بل تجرفهم رياح المصالح جرفا بكل سهولة و يسر و برضى تام .. و منهم من يلهث وراء المكاسب و لو كلفه ذلك حياته و حياة الأبرياء و ربما دمار و خراب وطن بكامله و بما عليه من بشر.

لا يهم .. لأن المهم غايته و مصلحته التي يجب أن تتحقق و هو لا يعرف هنا أن كل ما يبدر عنه من أفعال و ما يرتكبه من ممارسات هي محسوبة عليه مواقف يحاسب عليها سواء كانت بقصد أو بدون قصد خاصة تلك الجرائم المرتكبة بحق الوطن و الشعب و حقوق الناس و ما يمس المال و العرض و الكرامة و الشرف و الدماء كونها حقوق مكتسبة لآخرين لا تسقط بالتقادم .

كما أن البعض ممن يعيشون معنا و ينتمون لهذا الوطن الغالي و العزيز علينا تجدهم لا يستطيعون التمييز بين ما يضرهم و ما ينفعهم و لا يدري إلى أين هو ذاهب ليس بمفرده و لكن بمصير أمة و شعبا بأسره ..

فمثلا ترى أناس ينضمون إلى مظاهرات أو إعتصامات و هو لا يعلم ما أهداف و مآرب خروج المتظاهرين و ماذا يريدون ؟ و ما هي المطالب و الفوائد و النتائج المرجوة منها ؟ .. كل هذه الاحتمالات و التساؤلات و التوقعات و ما يمكن أن تؤول إليه الأمور من نتائج ليست بالحسبان من وراء فعل كهذا . . المهم أنه يفتخر و يتباهى بأنه شارك و هتف و شتم و خرب ليس هذا و حسب بل حتى لو كان ذلك الخروج و المشاركة على قطع رأسه و دمار و خراب وطنه أو جلب لأبناء شعبه الويلات و المصائب و كل آفات و كوارث العصر. .

أيضا هذا لا يهم عند أمثال تلك النوعية من البشر و المحسوبين علينا من ذرية أدم مع الأسف الشديد لأن الأهم بالنسبة له أنه شارك أو كسب على حساب غيره .
و هنا قد يسئل ساءل عن السبب الذي جعل مثل هؤلاء يضعون عامة الناس في مأزق و مشاكل جمة لا تعد و لا تحصى .. نجيب عليه و بالله العون و الاستعانة بأن هؤلاء قد زاغ الله قلوبهم و أعمى بصيرتهم و أبصارهم و أبعدهم عن كل القيم و المبادئ و الصفات الفطرية و الدينية و الربانية و الوضعية و البشرية و العادات و التقاليد و الأعراف الإنسانية المتعارف عليها بين الأمم و الشعوب و كل تلك القيم التي سردناها أعلى هذا الموضوع بالإضافة إلى قلة الوعي و التربية الوطنية لديهم و معنى الإضرار بالوطن و المصلحة العامة لأبناء وطنه و شعبه و ما قد يلحق بالجميع من أذى و خرب و دمار. وكذا غياب التربية المجتمعية و الأسرية القائمة على الفضيلة و التكامل و التكافل الشعبي و المجتمعي .. و قبل كل ذلك التقليد الأعمى في تحقيق المصلحة الذاتية و الشخصية ومصالحهم و رغباتهم على حساب الشعوب و الأوطان و التراب الذي نمشي عليه و الوطن الذي نستنشق هوائه .

الأوطان و المبادئ لا تقبل نظرية مشي حالك أو دبدب مع الناس و الأوطان لا تنتظر الحماية و الذود عن حياضها و قدسية ترابها من مثل تلك الأشكال و النوعية اللاوطنية من بعض الناس الحاملين لهذه النظرية المصلحية الأنانية , كما أن الأوطان لا تقاس و ليست بمقياس من يحملون أفكار و مبادئ و نظرية مشي حالك أو دبدب مع الناس و أن تتحول مواقفهم بحسب اتجاه الرياح و ظروفها و المكاسب التي سيتحصلون عليها ..

مثل هؤلاء لا يعلمون أن الأوطان انتماء و مسؤولية كبيرة و عظيمة لا يدركها إلا المخلصون و العارفون بقيمة الوطن و ثمنه الباهظ و ليس من يقيسون حجم الأوطان و الشعوب بحجم المكاسب التي يمكن تحقيقها و لو على حساب مكانة الوطن و مصالح الشعوب.

كما أن الشعوب و الأوطان لاتموت من أفعال و حماقات و ممارسات المتمصلحين و بائعي الشعوب و الأوطان بسوق النخاسة و لتجار الحروب .. و لا تموت من ويلات الحروب التي قد تشتعل و يشتد سعيرها نتيجة فعل و جرم تلك العقول الناقمة و الحاقدة ولكنها تموت من خيانة أبنائها، وتعصبهم لفكر طائفي ,عنصري, فئوي,عصبوي أو مناطقي يقتلون به و من خلاله شركائهم في الوطن أو لأجل مكاسب مادية أو سلطوية و على رأس هؤلاء أصحاب مبدأ مصلحتي أولا و لو كانت مع إبليس أو بالتعاون معه .

المغامرون و المتهورون و العاقوون لشعوبهم و لأوطانهم و من يستخدمونهم و يستعملونهم ويدورون في فلكهم لا يشعرون و هم لا يعلمون أن الوطن ليس فندقاً نغادره حين تسوء خدماته و أيضا ليس مطعماً نذمه حين لايروق لنا طعامه ..

هم لا يدركون أن الشعوب و الأوطان أغلى و أسمى من كل كراسي السلطة و ما يمكن أن يكسبه الكاسبون من وراء الهرولات خلف المصالح الشخصية و الفردية أو حتى الشللية ببيع المبادئ و القيم و الوطن و الإنسان .. و رغم هذا كله يظل الوطن شرف وعز وانتماء وولاء و إباء و شموخ و شعوب و قبائل تتعارف و تتشارك بكل مقومات الوطن ..

و أخيرا و مهما عمل هؤلاء و ما اقترفوه من بواطل الأعمال و مهما أذنبوا بحقنا و بحق أوطانهم و ما تسببت بها نزواتهم و سخفهم من ضرر لحق بالجميع سيظلون عرضة للمساءلة و المحاسبة و العقاب و محل ملاحقة من المجتمع و عامة الشعب أجلا أو عاجلا و الأيام و السنوات كفيلة بذلك. . و لا عزاء .

حول الموقع

سام برس