سام برس
الأردن العربي – عمّان

كان مشروع سايكس بيكو ووعد بلفور وخلق الكيان الصهيوني وإنتاج الدولة القطرية التابعة للقوى المعادية للأمة ضرباً لفكر الهوية العربية الواحدة، ثم كانت هزيمة عام 1967 التي كشفت عمق الهيمنة الأمريكية على المشرق العربي بمحاربة المشروع القومي العربي واجتثاث ثقافته. خلق ذلك كله حالة من الضياع والفراغ وغياب الحركات الوطنية والقومية وأدبياتها فتحقق بذلك الخنوع للغرب بقيادة أنظمة الحكم العربية الغارقة في الفساد والمسلحة بأدوات القمع فضاعت حقوق الشعوب وهوية الأمة.

وهذه الأيام تواجه الأمة العربية حالات الاعتراف الرسمي للنظام العربي بالرواية الصهيونية في أكثر من بلد عربي وتمثل ذلك بعقد معاهدات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة. ويجري إنكار وجود الأمة العربية وتغليب الثقافة القطرية بدل تغليب ثقافة العروبة أولاً.

إن الحكم الفردي المطلق هو أساس الفساد المطلق، ولتغيير ذلك لابد من عمل جماهيري طويل المدى يغير موازين القوى وصولاً إلى دولة المؤسسات المتمثل بدستور ديمقراطي تكون فيه السلطة الفعلية للشعب مع الحفاظ على حرية وكرامة الفرد لأن الحرية تأتي بالأمن وذلك بالضمانات الكاملة الدستورية بما فيها الحصول على المعلومات والنشر لكل القوى الوطنية.

إن النظام القطري العاجز أضاع ثروة الأمة ودمر نظام التعليم وهرّب الكفاءات مما زاد التبعية الكاملة للعدو الأمريكي الصهيوني، ومن هنا نفهم أن صفقة القرن الحقيقية هي الاعتراف بالرواية الصهيونية وكل ما يجري هو ثمرة هذه المعاهدات كما يجري الآن أمريكياً لتصفية القضية الفلسطينية من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة العدو وتصفية قضية اللاجئين والاعتراف بشرعية المستوطنات.

إن دعم الدولة السورية التي صمدت في وجه الهجمة الكونية الامبريالية والصهيونية والرجعية والداعشية هو واجب كل عربي وكل حر في العالم لتحرير الأرض السورية المحتلة تركياً وأمريكياً وداعشياً وذلك كله يتطلب دعم المقاومة وتحشيد الجماهير في ظل ثقافة المقاومة المسلحة بما فيها دعم صمود بقاء شعبنا في عام 1948 بالرغم من التنكيل الصهيوني. وأن الأمة تؤمن أنه لا حل إلا بالمقاومة وثقافة المقاومة واقتصاد المقاومة وإقامة التحالفات العربية والدولية على هذا الأساس مهما كان ثمن المقاومة والتحرير غالياً فهو أرخص من الاستسلام. ورفع شعار فلسطين قضية عربية وتحريرها هو واجب الأمة العربية وفي طليعتها الشعب الفلسطيني ورفض كل المعاهدات والاتفاقات والتطبيع مع العدو الصهيوني.

إن تحالف جماهير دول الطوق مع قوى المقاومة هو الذي ينهض بالشعور القومي ونتخلص بذلك إلى الأبد من الثقافة القطرية وثقافة المنابت والأصول، ونؤكد على ثقافة المواطنة المتساوية المنتمية إلى أمة واحدة وسوق واحدة وحرية حركة أفرادها دون عوائق من أجل هزيمة الهجمة الامبريالية وتحرير فلسطين وإقامة وطن عربي رافض للتبعية تأكيداً للسيادة القومية ورفضاً لكافة الأحلاف مع الدول الاستعمارية خاصة حلف الناتو الأمريكي العربي الذي يجري التبشير به الآن. إن الاقتصاد القومي على مستوى دول الطوق في حده الأدنى يكون البديل لكل سياسات التبعية الأمريكية الصهيونية ومن يتحالف معها، ورفضاً لسياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

إن إقامة اقتصاد قومي إنتاجي صناعي وزراعي يلبي حاجات المواطن الضرورية وإطلاق طاقات المبدعين في ظل نظام تعليمي حقيقي لخلق المواطن الخلاق بالمدرسة والجامعة وإشاعة حرية المواطن ومكافأة المبدعين ومعاقبة المقصرين والفاسدين هو الذي يقود إلى وطن حر سيد يبعث الكرامة في نفس كل مواطن، يجد فيه الرعاية الصحية والعمل وضمان الشيخوخة والسكن الكريم ومحاربة الفقر والبطالة على أساس المواطنة المتساوية الحرة.

ليكن شعارنا قوتنا في وحدتنا وتحالفنا في مواجهة الأعداء وإقامة حكم وطني حقيقي على مستوى الوطن ودعم ثقافة المقاومة بلا حدود، وهذا هو طريق الانتصار الذي لا طريق غيره.

حول الموقع

سام برس