بقلم/ وائل الطاهري
من خلال قراءتنا وتفحصنا المنهجي للتاريخ البشري لكل الامم والمجتمعات والحضارات منفصلة على طول الزمن الوجودي للانسان ، نجد انه لكل منها متلازماتها وإشكالياتها التاريخية بجذورها العميقة المتنوعة والمتفاوته من مجتمع لاخر ومن حضارة الى اخرى والتي كلاً منها عانت أزماناً طويلة حتى تمكنت من فهم الديناميكية التأريخية وتعاملت معها وتفهمت ايضاً غاية العقل الانساني ووعية الوجودي .

فكل واقع كما نعرفه الان في كل المجتمعات المتقدمة يحكي لنا مراحل الصراع التي مر بها و تجاربة النظالية وثوراتة ضد متلازماته الخاصة به وسلوكها وافرازاتها على طول المسار الزمني التأريخي وكيف استفاد مجتمعه من مشاكله المزمنة واخفاقاته المتعاقبة في محاولات التحول والتغير وتحقيق الاصلاح والنهضة وصولاً الى ذروة النهضة والتقدم للحضارة الانسانية الحديثة كما يسمي دارون هذه المقاومة بنظرية (الانتخاب الطبيعي ) وكما يسميها الرأسماليين بنظرية (البقاء للأقوى أوالاصلح ).

وما نشاهده الان من تفاوت وتباين في التطور والنهضة من مجتمع لاخر في العالم الحديث ماهو الا تطور تدريجي طبيعي واستمرار متأقلم للماضي مع تدخل الطفرات التنويرية والاصلاحية والتقدمية المزامنة وغالباً ماكانت الطفرات بجهود فردية والتي تفتح الازهار لتلك الجذور التاريخية الماضية و تحدث تغير ثوري مجتمعي جماهيري بأسلوب مسالم ومتميز ومبتكر ومواكب لعجلة التطور التاريخي الطبيعي في الجوانب الاجتماعية والانظمة الادارية والديموقراطية والاقتصادية والعلم والمعرفة ووسائل الانتاج والوعي والفكر والثقافة والقيم وكل ماتقتضيه الحتمية الخلقية والكائنية والوجودية لعقل وادراك الكائن البشري المتطور والنامي كما يسمية الاشتراكيين بالمادية و الجدلية التاريخية او الديكاليتكية وهي دراسة التطور والتقدم في المجتمعات والذي عادةً يكون مواكباً بحيث لايتعارض مطلقاً مع العجلة .

وما نلاحظة من خلال مطالعة التطور التاريخي في منطقتنا العربية وخاصة في اليمن فقط منذ سقوط الدولة العثمانية بسبب اهتمامها المبالغ بحروب الفتوحات في اوروبا ونفقات تلك الحروب المتواصلة وقلة مصادر وموارد الدخل الاقتصادي للدولة العثمانية جعلها ذلك في نهاية المطاف تصطدم بواقع نهضة المجتمعات الاوربية واصبحت غير قادرة على استيعاب الثورة الصناعية في اوروبا وظهور ثورة وسائل الانتاج الصناعية مايسمى بثورة (المكننة) وعجزها عن مواكبة ومنافسة الثورة الصناعية في اروربا وامريكا وشرق اسيا مما جعلها الاضعف بين مجتمعات العالم وكان لهذه الاسباب دورها في التقسيم الجغرافي واعادة الفصل القومي الى ماكان عليه قبل ظهور الدولة الاسلامية ومنها جغرافيتنا وقوميتها اليمنية المستقلة.

لكن وان اسقلت اليمن بقوميتها وجغرافيتها التاريخية او ظلت مرتبطة بدولة العرب او الدولة الاسلامية الا انها تظل تحمل المتلازمات والاشكاليات نفسها منذ الفي عام والى الان بل ربما زادت تعقيداً ولم يتغير الا الشئ القليل مقابل مااستغرق من زمن طويل جداً .

ولذلك يعتبر مجتمعنا اليمني نائياً ومن أكثر مجتمعات العالم تأخرا في كل مجالات الحياة والذي يعاني من متلازمات تجعله يتعارض مع عجلة التأريخ ويقع في الصراع والرجعة للماضي والعودة الى البداية مرة اخرى ولم يستفيد من هذه التجارب المتعاقبة والمتتالية لاحلال التغير الذي يوازي العجلة ويحقق النهضة والتنمية والتقدم حتى بالنسبة للتنظيمات والحركات الاجتماعية والسياسية والتي تعتبر نفسها من التيارات الناضجة والواعية من خلال ثوراتها المنادية للتغير والاصلاح والنهضة هي كيانات ماضوية ورجعية عكس كل الثورات في مجتمعات العالم التي تقوم بها تيارات ثورية تقدمية ونهضوية وهذه هي اهم متلازمة تعيق عملية التغير والنهضة في المجتمع اليمني اضافة الى الاشكاليات والمتلازمات الاخرى مثل التركيبة الاجتماعية القبيلية البدائية وعدم ذوبانها في التحضر والتمدن والثورة المعرفية بالعالم وكذلك التمايز والعنصرية العرقية والتعصب المناطقي والطبوي الايدلوجي واشكالية اسقاط العملية الديموقراطية وغيرها من المتلازمات.

فواقع مجتمعنا اليمني يتعارض مع عجلتين وليس عجلة واحدة الاولى هي الفجوة التي تتسع لحظياً بينه وبين المجتمعات الاخرى المتقدمة والنامية وعجزه عن استيعاب التغيرات والتحولات السريعة في العالم، والثانية تعارضة مع عجلة السباق والتطور التأريخي التي سوف تفنية ان ظل يحاول اثبات نفسة بوسائلة القديمة.

اما معبر المستقبل فهم شباب اليمن والجيل الطالع الناضج والواعي والمتعلم والمواكب فهم أملنا الأخير الذي يمكن ان يغير واقع مجتمعنا تغيراً ريدكالياً شامل ويقلب كل الموازين ويغير المعادلة ويوجهنا ويوجه الوطن نحو المستقبل الافضل ويشارك العالم والبشرية في بناء الحضارة الرقمية.

*وزير الادراة المحلية في حكومة الشباب اليمني المستقل

حول الموقع

سام برس