بقلم/ حسن الوريث
قال لي صديقي الصغير عندما كنت أتابع معه الأخبار في إحدى الإذاعات وسمعنا عن قرارات بتعيين أعضاء في مجلس الشورى ماهو مجلس الشورى فقلت له ياصديقي مجلس الشورى عندنا هو المكان الذي يتم فيه التخلص من الأشخاص الذين لم نعد نريدهم أو بمعنى آخر هو مكان يضم شخصيات أكاديمية واجتماعية وخبراء في مختلف المجالات لكنهم عمالة معطلة ولانستفيد منهم أبدا فمن كان وزيرا أو محافظا أو مسئولا تنفيذيا وتم تعيين بدلا عنه يتم إرساله إلى هذا المجلس حفاظا على مشاعره.

فبادرني صديقي الصغير بسؤال اخر عن أعضاء المجلس لماذا لايتم الاستفادة منهم طالما وهم خبراء وكفاءات فقلت له هكذا نظن مجلس الشورى عندنا مجرد واجهة ليس الا غير ماهو معمول به في بلدان العالم الذين يبحثون عن أصحاب الكفاءات والخبرات لتعيينهم في الوزارات والمؤسسات والهيئات للارتقاء بها ودورها في خدمة المواطنين بينما في بلدنا المسكين يتم تفصيل وزارات وهيئات ومؤسسات على مقاس البعض من الحاشية أو الذين لم يجدوا لهم عملا أو من أجل تخريب تلك الهيئات ولايهم الكفاءة أو الخبرة التي يرسلون أصحابها إلى مجلس الشورى ..

سألني صديقي الصغير قائلا.. هل هناك دليل على كلامك فأجبته فورا بالتأكيد وساحكي لك حكاية هيئة تم انشاءها وتفصيلها على مقاس أحد الأشخاص وهي هيئة تنسيق الشئون الإنسانية التي تم إنشاؤها من أجل شخص واحد تم تعيينه رئيسا لها إلى جانب خمس وظائف اخرى وفي عين الشعب المظلوم وحتى ان التعيين صدر قبل الانشاء للهيئة وقبل ان يتم إصدار لائحتها ونظامها وهذا ليس خافيا على أحد وربما إلى الان ان الهيئة مازالت تعمل بدون لائحة تنظيمية داخلية ويمكن ان الأمر مقصود .. فكان السؤال التالي من صديقي الصغير كيف مقصود ؟ فأجبته ان الهيئة الآن استحوذت على عمل أكثر من وزارة وأكثر من جهة وربما أنهم الان يجمعون قوانين ولوائح هذه الوزارات والهيئات والجهات لوضع نظام كوكتيل يجمع كل تلك اللوائح والقوانين .. فقال لي صديقي ماهي تلك الوزارات ؟.

قلت له ياصديقي العزيز تقف وزارة التخطيط والتعاون الدولي في صدارة تلك الوزارات التي تم الاستيلاء على مهامها وعملها ودورها من قبل هذه الهيئة التي يشغل رئيسها منصب وكيل الوزارة فيها ومن ثم تأتي وزارة الشئون الاجتماعية والعمل في المرتبة الثانية من بين الوزارات التي استحوذت الهيئة على جزء كبير من مهامها وبعدها وزارة الخارجية وليس بعيدا ان تلحق بقية الوزارات لأن شهية الهيئة ورئيسها السوبر مان مفتوحة على آخرها للسيطرة على كل شيء وربما تكون بديلا عن حكومة بن حبتور.

طبعا وفي وسط النقاش عبر صديقي الصغير والذكي عن دهشته مما يحصل وقال لي .. كيف تم سحب صلاحيات وزارات قائمة وتعمل بناء على قوانين نافذة إلى هيئة جديدة لاتستند إلى اي قانون؟ بصراحة ترددت قليلا في الإجابة لأن السؤال فعلا فيه احراج شديد إذ كيف يتم إلغاء مهام وصلاحيات وزارات تم إنشاؤها وفقا لقوانين وتحويلها إلى جهة يفترض أن مهمتها تنسيقية وليس تنفيذية وفقا لقرار انشاءها وحتى بناء على مسماها الواضح للعيان اما ان تصبح هي التنفيذية والجهات التنفيذية تصبح غير تنفيذية فهنا تكمن الصعوبة في الإجابة على السؤال لكنني استجمعت بعض ما امتلكه من معلومات قانونية بسيطة وقلت له .. أعلم ياصديقي الصغير ان ما تقوم به الهيئة لا يستند إلى الدستور والقانون وان سحب صلاحيات وزارات وجهات بهذه الصورة وتحويله إلى جهة تم إنشاؤها بقرار غير منطقي فالدستور لايلغى الا بدستور جديد والقانون لا يلغى الا بقانون بديل والقرار لا يلغي القانون لأن القانون أعلى مرتبة من القرار هذا من جانب قانوني اما من جوانب إدارية فهذا مخالف لكل القوانين والأنظمة واللوائح.

فعندما توقف اصدار تراخيص الجمعيات والاتحادات وتمنع وزارة الشئون الاجتماعية من إصدارها او تجديدها وتمنح الهيئة حق إصدار التراخيص فهذه مصيبة والمصيبة الكبرى ان تفرض على هذه المنظمات والمؤسسات نسبة من مشاريعها للهيئة وهذا لعمري من الكوارث كما ان المصيبة ان تمنع المنظمات الدولية من التواصل مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي وتحويلها إلى الهيئة وربما ان المصيبة الأكبر ان وكيل وزارة التخطيط هو نفسه رئيس الهيئة وهو ربما من أصدر التعميم .. فسالني صديقي العزيز وهل استجابت المنظمات لذلك ؟ فقلت له ياصديقي الصغير ساجيب عليك بما قالته السيدة انجالي سن من منظمة اليونيسيف في مؤتمر الطفولة حيث كانت تشكو بمرارة من تعامل الهيئة وتعقيداتها وقالت بالحرف الواحد .. للاسف هناك مبالغ كبيرة كانت مرصودة لمشاريع في اليمن سيتم إعادتها لليونيسيف والامم المتحدة بسبب تعقيدات الهيئة ولم تكن شكوى هذه المسئولة الدولية هي الوحيدة ياصديقي فكل المنظمات والمؤسسات الدولية والمحلية تشكو بالم ومرارة وحزن تصرفات الهيئة وتعقيداتها والتي انعكست أيضا على فروعها في المحافظات فالتسلط والبيروقراطية والتعقيد للأمور لايتناسب مع الوضع أولا ولا مع مسمى الهيئة التي يفترض أنها جاءت للتنسيق وتسهيل العمل الإنساني وليس تعقيده ووضع العراقيل أمامه..

باندفاع شديد قال لي صديقي الصغير الا يمكن ان تكون الهيئة وضمن عملها التأكد من سلامة العمل في المنظمات وشفافيته وأنهم لا يثقون في اي أحد من موظفي الوزارات والمنظمات الدولية والمحلية وبالتالي انشأوا هذه الهيئة للمزيد من الشفافية والنزاهة ؟ فقلت له ربما ان فيما تقوله جزء من الصح إذا ان هناك بالتأكيد فساد في بعض الوزارات والمنظمات ولكن ياصديقي هناك إجراءات تكفل سير العمل بدون تعقيد وفي نفس الوقت مراقبة الفساد بتعيين أشخاص ممن يثقون فيهم في المراكز الحساسة في تلك الوزارات لضمان النزاهة والشفافية ومراقبة أي أعمال غير قانونية اما ما يجري حاليا فهو غير معقول وغير منطقي ويمكن ان يجعل المنظمات الدولية للانسحاب من العمل في اليمن وعدم تمويل أي مشاريع عبر حكومة الإنقاذ وتحويلها إلى حكومة فنادق الرياض رغم ان فساد تلك الحكومة يفوق بآلاف المرات أي فساد يمكن ان يكون هنا .. كما ان الكثير من المنظمات المحلية يمكن ان تلجأ إلى العمل السري دون المرور على الهيئة وتعقيداتها وربما تنفذ مشاريعها بعيدا عنكم او ان تستلم قيمة هذه المشاريع وتخلي عهدتها دون علمكم انتم وهيئتكم الموقرة والتي جاءت تكحلها فاعمتها..

عندها أصدر صديقي العزيز تنهيدة قوية وقال لي .. ماهو الحل من وجهة نظرك لتلافي هذا الوضع .. فقلت له ياصديقي الصغير .. الحل في ان نعيد لكل وزارة صلاحياتها وفقا لقوانينها وان نعيد الثقة للجميع كي يعملوا لخدمة بلدهم ونراقب سير الأداء ومن يثبت تلاعبه فهناك إجراءات يمكن اتخاذها في حقه وثانيا .. ياصديقي العزيز ان نبحث عن الكوادر الكفؤة والمؤهلة لتعيينهم في الأماكن المناسبة لا ان يتم إنشاء وزارات وهيئات على مقاس أشخاص.. فقال لي صديقي الصعير من المعني بالأمر .. فقلت له بالتأكيد أن هذا الأمر على طاولة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ورئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط ومدير مكتب الرئاسة أحمد حامد ورئيس الجهاز المركزي للرقابة علي العماد وكل من يهمه الأمر.

حول الموقع

سام برس