سام برس/ تونس / شمس الدين العوني
" نخلة العشاق" من انتاج "قرطاج الشعرية" آداء شكري الحناشي و ألحان عبدالرحمن العيادي..

أيام قرطاج الشعرية…هذا المهرجان والعرس التونسي الذي يجمع الشعر وأهله….


عندما يلتقي القصيد الرائق باللحن الجميل و الآداء المميز تكون هناك فسحة باذخة للأغاني حيث الطرب و جنال التلقي ..و هذا ما حدث خلال هذه الدورة الثانية لأيام قرطاج الشعرية حيث تابع جمهور الفعاليات أغنية رائقة كانت نتاج الالتقاء المذكور .. قصيدة" نخلة العشاق "عن قرطاج كانت مجال أغنية رائعة في آداء للفنان شكري الحناشي و ألحان وتوزيع للمايسترو عبدالرحمان العيادي و أما الكلمات فكانت للشاعر الاماراتي الرقيق محمد عبدالله البريكي وقد قرأها في افتتاح الدورة الأولى معبرا فيها عن هيامه تجاه تونس في ضرب من بلاغة الصور و متانة العبارة الشعرية لتكون من أبرز أحداث الدورة و منها ما يلي :
" للتينِ ذاكرةٌ في الطينِ حينَ بَدا
كأنَّهُ في مرايـا الدمعتينِ نَدى
يفزُّ من شفتي عصفورُ ذاكرةٍ
والياسمينُ لعينيها يمدُّ يَدا
أتيتَ وحدَكَ تشدو؟ قالت امرأةٌ
فقلتُ لا لا ولكن لا أرى أحدا
كلٌّ يُؤنِّقُ في قرطاجَ صورتَهُ
ونبضُ بوحي أتى بالشوقِ منفردا
قالت ليَ : الأرضُ أنثاكَ التي وجدتْ
فيكَ الأمومةَ ترتيلاً ، فكنْ ولدا
خفِّفْ منَ الوطءِ وادخلْ حاملاً قبساً
وطفْ إذا جئتَ بالأشواقِ محتشدا
وكنْ على حذرٍ لو جئتَ تخطبُها
فعينُ قرطاجَ تسبي كلَّ من وفدا
واملأْ كؤوسَكَ منها .. كُنْ بها ثملاً
وإنْ تجلّيْتَ كُنْ بالشعرِ مُتَّقِدا
قرطاجُ غيمةُ شوقٍ هرّبَتْ شَغَفاً
.....الى أن يقول :
قرطاجُ جئتُكِ من بحرِ الخليجِ فتىً
يصارعُ الموجَ كي يبني لهُ وتدا
قصيدتي نخلةُ العشاقِ أزرعُها
في تونس الوصل كي تبقى لمن وفدا "

و الشاعر محمد البريكي هو مدير بيت الشعر في الشارقة وأشرف على العديد من الملاحق الشعرية و له مسيرة هامة مع الاعلام و الصحافة الثقافية فضلا عن دواوينه الشعرية و كتبه التي منها ديوان “زايد” إهداء للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله و "همس الخلود" “شعر شعبي”. و " سكون العاصفة “شعر شعبي”. و " ساحة رقص” شعر شعبي”. و " كتاب “على الطاولة” قراءات في الساحة الشعرية الشعبية. و ديوان “بيت آيل للسقوط” شعر فصيح. و " بدأت مع البحر" فصيح و كتاب الشارقة غواية الحب الأبدي و كتاب بيوت الشعر مشاهد وإضاءات.و له حضور مميز و مشاركات في العديد من الفعاليات الشعرية العربية و الثقافية كذلك..

و بخصوص التأسيس و الدورة الأولى التي حل بها ضيفا قال"...لتونس وهجها وحضورها في المشهد الشعري العربي، فهي بلد نضال وإنسانية ، ولذلك فلا غرابة من أن يسعى كل محب للشعر والجمال في تحقيق هذا الحلم ومطاردة غيوم القصيدة كي تمطر تواصلا إنسانيا وأدبياً رائعا، وهذه الفعالية أتمناها فاتحة خير وموفقة خصوصاً وأن وزارة الثقافة أعطت الثقة لشاعرة لها حضورها في المشهد التونسي والعربي وتحظى باحترام وتقدير ولها إسهامات كبيرة قدمتها بمحبة للقصيدة، ونحن مع كل مشروع يخدم اللغة والشعر فهما هوية الأمة ومستقبلها. .."

و بخصوص الشعر و الكونية قال "..الشعر حالة من التحليق والهروب خارج الزمن ومدار الأرض، هو القلق الكبير الذي ينشغل بالوجود لكنه لا ينفصل عن جذوره وعن الأرض ومن يعيشون عليها، هو الساعي بكل قوة وحب إلى ترميم الكثير من الأشياء وإعادة التوازن إلى الروح ومنها إلى استقرار الحالة الكونية الباعثة على إيجاد مناخات كثيرة قابلة للحياة وطاردة لكل ما من شأنه إثارة ما يعكر هذا الصفاء. ..الشاعر البريكي من ضيوف هذه الدورة لأيام قرطاج الشعرية ويتحدث الينا عن الفعالية وفق عنوان هو"أيام قرطاج حلم الشاعر والجمهور " قائلا: "...

إن فكرة إقامة أيامٍ شعرية تجتمع تحت مظلتها آهات الشعراء، وتترنم على منابرها مواجدهم، وتغني على أغصان قلوب الجمهور عصافير أشعارهم، هو في حد ذاته إنجازٌ للشعر، وانتصار لعمل إبداعي إنساني في ظل ما يتردد على أن الشعر تنازل عن عرشه، واستلم دفة قيادة الإبداع حقلٌ أدبي آخر، ومع أن هذا الرأي الملتبس، والذي لا ينم عن متابعة، ولا يستند إلا إلى آراء يمكن بكل بساطة مناقشتها وتقديم رأي آخر حولها، إلا أن هذا الجهد الإبداعي لا يكتمل إلا بالكلمة المتشظية، والقادرة على فتح بوابات المشاعر وهزها، وتقديم إبداعات تمارس التحليق في فضاءات القصيدة، ويسيل من حروفها ماء الشعر، وهذا لا يأتي إلا بحسن الاختيار، والمتابعة الدقيقة للمشهد، وتغليب المصلحة العامة على المحسوبيات، وهنا تأتي الخطورة في أن الإخلاص للفعل الثقافي قد يواجه بالكثير من المحبطات، وتوجه إلى صاحبها سهام الحقد والحسد والغيرة، ومن وجهة نظري فإن المثقف الحقيقي والشاعر المبدع يمتلك قدراً كبيراً من الفروسية والأخلاق، ولا يقدم نفسه بقدر ما يستدعى متى ما سنحت له الفرصة، وفي أيام قرطاج الشعرية، هذا المهرجان والعرس التونسي الذي يجمع الشعر وأهله، والذي تابعته منذ دورته الأولى، وتوقعت لها النجاح قبل أن تنتهي، وقد حدث من خلال معطيات كثيرة أهمها الشعر والحضور الجماهيري، وحضرت دورته الثانية وأنا أتابع عن قرب ما تقوم به الشاعرة جميلة الماجري من اختيارات رائعة عالية النسبة في الدقة، وما يقوم به معالي وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين من متابعة وحضور، ومشاركة مجموعة كبيرة من الأسماء اللامعة من تونس والوطن العربي، هو خير دليل على أن هذه الأيام قد حققت الكثير للشعر، وأنصفت العديد من الأسماء، وأمتعت الجمهور الذي ابتعدت ذائقته في بعض المهرجانات من خلال مشاركة أسماء تدعي الشعر، وختاماً أقول:

لن يسلم الناجح من انتقاد أو نقد، وهذا ما يذكرني دائماً بقول ابن الوردي: ليس يخلو المرءُ من ضدٍّ وإن حاولَ العزلةَ في رأسِ جبلْ .".

حول الموقع

سام برس