بقلم/ عبد الباري طاهر

احتشاد الأساطيل والبوارج الحربية وحاملات الطائرات في مياه الخليج ليس نزهة. يتكلم الرئيس ترامب وقادة إيران للتبشير بعدم "وقوع حرب". تأكيد ترامب وقادة إيران قد يعني أموراً كثيرة، لكن ليس من بينها عدم قيام حرب؛ فهم يشتركون في الإعداد للحرب، لكن أين ستدور؟ هذا هو السؤال المؤرق والفاجع.

الأساطيل والبوارج وحاملات الطائرات والطائرات الإف 15 و16 وما بعدها والبي 2 والبي 52 والشبح لم تأتِ للاستجمام في مياه الخليج، وتعرض أربع بواخر نفط في الفجيرة، وقصف سبع طائرات مسيرة لمنشأة نفطية بالقرب من الرياض، وتحركات الحشد الشعبي في العراق كلها مؤشرات للحرب القادمة التي ستدور على الأرض العربية بين العرب أنفسهم، وسيكون الإيرانيون والأمريكان والإسرائيليون - مشعلوها - غير بعيدين عنها.

الحكام المستبدون في المنطقة العربية والإقليم يتقنون تصدير أزماتهم الداخلية، ولا يجيدون غير الحرب في مواجهة بعضهم. لن يقتل جندي أمريكي، ولن تطال الحرب إيران، ولكن الموالين العراقيين واليمنيين واللبنانيين والسعوديين والخليجيين يراد لهم أن يكونوا وقود هذه الحرب، وأن تكون أراضيهم ميادينها، وثرواتهم وقودها وغنائمها .

احتمالات الحرب راجحة، والأرجح أنها حرب بالوكالة. لن تكون إسرائيل بعيدة عن الحرب؛ فإسرائيل "أم العروسة" في هذه الحرب التي تدعو إليها، وتحضر لها منذ أمد، وهي تقدم نفسها كحامية حمى الجزيرة العربية والسنة في مواجهة التغول الإيراني، ومحاولته مد نفوذه إلى منابع الثروة العربية، وهي أيضاً حريصة على إعطاء هذه الحرب البعد الطائفي السني- الشيعي، وهو حاضر في طبيعة النظامين الإيراني والسعودي- بطلي الحرب- .

احتمالات المواجهة بين الأمريكان والإيرانيين مستبعدة. هذا ما يؤكده ترامب وحكام إيران، ولكن الحرب عندما تندلع نيرانها لا يمكن لأحد أي أحد أن يحدد مسارها، ويضبط إيقاعها، خصوصاً إذا ما قتل أفراد أمريكيون، أو دخلت إسرائيل على الخط، وهو أمر ليس بالمستبعد؛ فإسرائيل من مصلحتها جر المنطقة كلها إلى حرب شاملة؛ لأنها تعتقد أن ذلك سبيلها الوحيد لتسيد المنطقة، وفرض الحماية عليها بعد تدميرها أصالةً عن نفسها، ونيابةً عن البيت الأبيض وأوروبا .

الأمريكان والإسرائيليون الطرف الأساس والأقوى في الحرب، وإيران مستفيدة طالما ووكلاؤها في المنطقة العربية هم من يخوض الحرب، وهو أيضاً هروب من أزمتها وحصارها.

المنطقة العربية ميدان الحرب، والهدف الرائس. هدف ترامب من الحرب تركيع إيران، والحد من توسعها وامتداد أذرعها، وبنفس القدر استلاب الأموال، وفرض صفقة القرن.

(المقال الذي لم ينشر في الرؤية الإماراتية)

"من صفحته في الفيس بوك"

حول الموقع

سام برس