بقلم/ طه العامري
(2)

تواصلا مع موضوع يوم أمس أعود وأقول هل يفكر أطراف الصراع بعدد الضحايا الذين سقطوا من أبناء الشعب على خلفية الفتنة والحرب والعدوان والحصار والجوع والقهر وكل ما يخيم على سماء الوطن منذ تفجرت الأزمة في أوائل العام 2011م ؟

هل فكر هولاء بالقدرات التي أهدرت ؟ والامكانيات التي تدمرت ؟ والمكاسب التي ضاعت ؟ هل توقف هولاء أمام العوامل والتبعات النفسية التي لحقت بأبناء الشعب ؟ هل تخيل هولاء بمعانات اجتماعية نفسية وسلوكية سنقف أمامها بعد انتهاء الفتنة وتوقف الحرب والعدوان ؟ وماذا سيكون موقفهم منها ورؤيتهم لها ؟!!
هل يدرك أطراف الصراع الوطني ، فداحة السلوكيات الاجتماعية الراهنة وتلك التي سنواجهها بعد انتهاء الحرب ؟ ومدى تأثيرها على السكينة الاجتماعية والاستقرار الاجتماعي ؟!

هل فكر هولاء بفداحة الانشطار الوجداني الذي يستوطن أبناء المجتمع اليمني ؟ وكيفية التعاطي معها وبأي لغة أو وسيلة سيتم معالجتها والتغلب عليها ؟

هل توقف هولاء أمام ثقافة الشحن الثقافي والسياسي والحزبي والقبلي والطائفي والمذهبي والمناطقي وثقافة الحقد والكراهية والتمزق والثارات الاجتماعية التي تراكمت حتى أصبح المجتمع مشطر ومزعزع الهوية ومتعددة الولاءات والانتماءات ؟!

هل فكر هولاء المتصارعين أيا كانت دوافعهم بمرحلة ما بعد تصالحهم وتسوياتهم وهو ما سيحدث اكيد وبأي لغة أو وسيلة سيعملوا على دمل الجراحات الاجتماعية النازفة ؟!

لن يستقل المتصارعين في مربعاتهم ،ولن تقطع الخارطة الجغرافية اليمنية ويأخذ كل طرف حصته من الأرض والبشر والشجر والحجر والتضاريس والماء والهواء ، قطعا لن يحدث مثل هذا ، ولم يحدث في سابق العصور ، وبالتالي فأن نهاية أي حرب أهلية ونهاية اي عدوان هو إعادة ترميم الجبهة الداخلية ، فكيف سترمم جبهتنا الداخلية وعلى يد من ؟! هل على يد ( الروافض والمجوس والشيعة عملاء إيران )؟!!
أم على يد ( التكفيريين والدواعش والخونة ومرتزقة العدوان )؟!!

وأي طرف من هولاء يمكنه أن يقوم بعملية ترميم ما دمرته الفتنة والحرب والعدوان ؟ وكيف ؟ أم أن الطرفين سيتفقوا اخيرا للقيام بهذه المهمة ؟ وإذا لم يتفقوا فكيف ستكون النهاية ؟ وأن اتفقوا فمن يتحمل وزر كل هذا الذي حدث ويحدث ؟!

وأن اتفقوا فلماذا لم يتفقوا بدون حرب وقتال وخراب ودمار ؟ وبلاء مآسي ستظل محفورة في ذاكرة الناس والتاريخ لعقود بل ولقرون طويلة من الزمن فما جرى ويجري يصعب بل يستحيل نسيانه وتجاوز تبعاته ، كما لا يمكن إعادة الثقة بين المكونات المجتمعية التي ستظل متنافرة لعقود وربما أكثر من عقود ..!!
ثم كيف يقتنع المواطن بعد كل هذا أن ما جرى ويجري من أجل الوطن ؟ طالما والوطن شعار يرفعه الجميع ؟ أو من أجل الدين طالما الدين بدوره أصبح مظلة يستظل بها الكل والكل وظف الدين لتحقيق أهدافه السياسية ؟!!

وأن كانت السلطة والثروة هما المحركان الرئيسان لكل هذا الدمار ؟ فهل تستحق السلطة والثروة كل هذا الدم ، وكل هذا الدمار ؟ !!

هل السلطة والثروة اهم من الوطن والشعب وقدراتهما ؟وأهم من الدماء التي نزفت ومن أشلاء الشيوخ والنساء والأطفال الذين قضوا تحت قصف العدوان في جرائم غير مسبوقة وغير مبررة ولم يتركب مثلها الغزاة والمعتدون منذ الغزوات الصليبية وارتكبها الامريكان في العراق وافغانستان ومن ثم اقتداء بهم المعتدين بحق الشعب اليمني ؟!

قلنا سابقا وها نحن نعيد ما قلنا أن في الحروب والصراعات الأهلية ليس هناك منتصر ومهزوم ، وأن مواجهة العدوان الخارجي يتطلب تعزيز الجبهة الداخلية واصطفافها في مواجهة المخططات الخارجية التي تستهدف الداخل الوطني وان من يتصدي للعدوان الخارجي يتطلب منه المبادرة في إنجاز وتحقيق هذه الخطوة بمنطق وطني جامع تقبل به جميع الأطياف الوطنية وان اضطر لتقديم تنازلات أن كان فعلا حريصا على وحدة الصف الوطني وتعزيز الجبهة الداخلية ، وان واجبه الوطني يحتم عليه المرونة وليس التشدد ودفع الآخر ليكون ( كرت ) يبرر به العد عدوانه ؟!!
يتبع غدا

حول الموقع

سام برس