بقلم/ طه العامري
الاستاذ مهدي أمين سامي شاعر ومثقف ،حالم بالدولة المدنية ، عاشق لرسول الله وعاشق لمدينته ( تعز ) ولكل تراب وطنه ، غير أن لتعز مكانة خاصة في وجدانه بعد مكانة الله ورسوله ، مع تفجر الأحداث أجبر الاستاذ مهدي أمين على مغادرته منزله في حي ( المجلية ) الراقي في تعز قهرا وقسرا وعنوة ترك الأستاذ مهدي وأسرته منزلهم الذي يحظن كل ذاكرتهم وكل حجرة فيه لها في ذاكرتهم حكاية وقصة وكل زاوية لها ذكرى مع هذه الأسرة العصامية التي لم تشيد منزلها بأموال المكارم ولا بصفقات الفساد ، ويصعب بل يستحيل وصف مكانة وغرف ونوافذ هذا المنزل التي تستوطن وجدان ساكنيه الذين اجبروا على مغادرته خوفا على حياتهم ، وحين تركوه تركوا فيه كل ذكرياتهم وقصص طفولة الاطفال وحكاية الكبار الذين شيدو تلك الدار بالجهد والعرق والأماني والأحلام والتمنيات العطرة للأسرة التي كانت على يقين بأن جدران هذا المنزل ستبقي محصورة عليهم ولن تدنسها يوما نظرات غريبة أو تدوس على أرضيته اقدام همجية ..

لكن للقدر قراره ، فقد تركت هذه الأسرة الكريمة منزلها وتركت فيه كل أحلامها الجميلة ، ومع كل هذا تركوا شخصا قريبا مهمته ( حراسة ) هذا الوكر الأسري حتى العودة بعد إزالة الغمة وتبدد سحب الفتنة ، لكن وبعد خمس سنوات اكتشفت قوات التحرير الوطنية خطورة هذا المنزل فقررت اقتحامه والعبث به وبمحتوياته وتدنيس طهارته وعفته ؟!

يا للهول منزل الاستاذ مهدي أمين في المجلية - تعز - أصبح فجأة جزءا من استراتيجية جيش يطلق عليه الجيش الوطني ، هذا الجيش الذي ترك كل المحاور والجبهات الملتهبة وحشد قواته إلى ( المجلية ) للسيطرة على منزل الاستاذ مهدي أمين الذي الذي اصبحت السيطرة عليه بنظر الجيش الوطني ذو أولوية قصوى في ما يطلق عليه عملية تحرير تعز ويعلم الله كم هي المبالغ التي دفعت لكتيبة المغاوير الذين اقتحموا المنزل وسيطروا عليه ؟!

في الوقت الذي لم نعلم فيه بعد عن الجهة التي مولت عملية الاقتحام ؟ وما إذا كانت تابعة للامارات أو السعودية أو بتوجيهات شاملة من قوات التحالف الدولي وربما بتوجيهات من مجلس الأمن الدولي تجسيدا للقرار 2216 ؟!!

اعتقد أن من العيب والعار لجيش يزعم حماية وطن وشعب وينتمي لما يوصف بالشرعية ، اقول عيب وعار على هذا الجيش الذي اهان نفسه وقادته وقيمه واهان الزي الذي يرتديه حين يقوم باقتحام منزل مواطن مسالم لا ينتمي لأي عصابة من عصابات العبث التي تعبث بهذا الوطن وأمنه واستقراره وأمن واستقرار مواطنيه ؟!
أي جيش هذا ؟ وأي قيم يحملها ؟ أو شرف عسكري يدعيه ؟ وأخلاقيات يزعمها ؟ حين يوظف ويسخر كل قدراته للسيطرة والنهب على منازل المواطنين ومصادرة محتوياتها بدءا من لعب الاطفال وكتبهم المدرسية وحقائبهم إلى حقائب وملابس النساء وكل محتويات واثاث المنزل دون خجل أو حياء أو خوفا من عقاب أو رادع ؟ وأي شرعية بنت الكلب هذه التي تسمع وتشاهد وتعلم بهكذا حوادث دون أن تعاقب وخلال ساعات مرتكبيها بالاعدام رميا بالرصاص في ميدان عام بعد محاكمة عسكرية لن تستغرق سوى ساعة زمن بالكثير ، هذا أن كان لهذا الجيش قوانين وتشريعات ديمقراطية تسمح للمتهم فيه أن يبرر دوافعه ، والا فالاعدام الفوري هو القانون لمثل هذا التجاوزات التي يمكن تقبلها من اي عصابة مسلحة أو مليشيا لكنها غير مقبوله وايا كانت دوافعها من منتسبي القوات الرسمية سواء كان جيشا أو شرطة أو أي قوة أمنية معنية بحماية الوطن ومواطنيه وليس مكلفة بنهبهم واقتحام منازلهم وسرقتها ؟!

وان كانت المقدمات تدل على النتائج فان من اقتحموا منزل الاستاذ مهدي أمين لا يمكنهم أن يكونوا الا مجرد لصوص وقطاع طرق وليسوا حماة وطن وسكينة ولن يكونوا كذلك بل هم حرامية يجب القصاص منهم بجرم مركب اولا لأنهم لصوص والثانية لأنهم مارسوا لصوصيتهم باسم الجيش الوطني المزعوم وتحت راية الشرعية المزعومة التي اتمنى أن تكون قد قدمت اعتذارها للاستاذ مهدي أمين وأسرته ودفعت له التعويض المادي والمعنوي والاعتباري واقتصت من مرتكبي الجريمة التي لا تبرر وليس هناك قانون فوق الارض وتحت الشمس ولا منزل من السماء أو كتبه أهل الأرض يبرر مثل هذه الجريمة النكراء ..؟!

الاستاذ مهدي أمين ليس محسوب على طرف من أطراف الصراع ومنزله لم يكن مدجج بالأسلحة المختلفة بل كان منزله مدجج بذكريات اطفاله وبارشيفه ومكتبته وسلاحه قلمه وفكره ولذا أقول إن من المحتمل أن تكون الشرعية وسلطات محافظة تعز قد اعتذرت للاستاذ مهدي ولأسرته ومنح التعويض المادي والمعنوي والاعتباري وان الجناة قد نالوا عقابهم الرادع وتم الاقتصاص منهم بحكم المهمة التي من اجلها أوجدت الشرعية واوجدت سلطاتها وبحكم الدستور الذي تزعم الشرعية ومؤسساتها أنهم يعملون به ..!!

حول الموقع

سام برس