بقلم/ احمد الشاوش
أثبت اليمنيون خلال حقبات التاريخ انهم ثلاثة أصناف ، الاول على الفطرة يملك منظومة من القيم والاخلاق والصدق والصبر والشجاعة والمرؤة والنخوة والحكمة والوطنية وأن اموال الدنيا لايمكن أن تجعله سلعة للبيع والشراء أو سمسار لبيع البيت اليمني ، وهؤلاء هم الامل وسر بقاء اليمن مهما تكالبت عليه الفتن والمحن.

وأثبت هؤلاء النجوم انهم متحررون من العبودية والقيود السياسية والدينية والاجتماعية المريضة كأقيال وأبناء سبأ وحمير، لذلك ساهم هؤلاء اليمانيون الاوائل في بناءاليمن السعيد والحضارة الانسانية وصارت أثارهم تدل على الاصالة والشموخ ومناقبهم منقوشة في اعماق التاريخ واعمالهم شموع مضيئة في الافاق.

والثاني أشعث أغبر أدبر ، عنوان للجهل والابتذال والثقافة الانتهازية حتى لو لبس البدلة والعمامة وثوب الوقار ، أينما وجهته أنطلق كالسهم في المساجد والجامعات والمؤسسات والمعسكرات والشوارع والاحياء والمدن ولو اقتضى الامر من دولة الى أخرى وما الفتوحات والغزوات والمعارك في فارس واسبانيا والصين وجنوب فرنسا وافغانستان والعراق وسوريا وغيرها إلا خير شاهد على التضحيات مقابل الغنائم والسبي تحت راية التوحيد، رغم ان الله تعالى يقول أدعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ، لكم دينكم ولي دين ، والاسلام دين تسامح وتعايش وبناء ورحمة ، بعكس مايعمله البعض من اعمال القوة والبطش واجبار الاخرين على الدخول في مذهب او ديانة او حزب أو جماعة عنوه تتعارض مع نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية وقيم الحرية والانسانية التي تدعو للتسامح والتعايش وحفظ أموال وأعراض ودماء الناس .

لكن العجيب في الامر ان عقول بعض الرعية منذ الازل قابلة للبرمجة في ظل سياسة التجهيل وذواكر الشداد الغلاظ قابلة للتعبئة والجرع السياسية والنفخ الايدلوجي والتزود بقرون الاستشعار والصواعق المتفجرة.

والغريب وماغريب الا الشيطان ان بعض الجهلة يتم تزويدهم بتكبيره أرض -أرض .. وأرض - جو وبفتوى طائشة ولمسة زر تفجر "غبي منه فيه" في سوق لاناقه له فيه ولاجمل في سبيل الحصول على الفتات من المال والعيش وأحياناً تأثراً بالفكر القاتل بالمجان والمدمر للمجتمع والوطن ، وانه لافرق بين " ارحام " للايجار لولادة غير طبيعية وقبائل للايجار في عمل غير انساني .

والثالث مرتزق بالفطرة ومحترف أب عن جد رغم عدم انتمائه للتربة اليمنية، لان جيناته الخارجية التي جاءت به غازياً من بريطانيا والحبشة وفارس وتركيا والبرتغال وغيرها قائمة على ثقافة التسلط والكراهية والغرور والقوة التي مكنته من زرع جماعات لاتؤمن بثقافة وبساطة اليمنيين وانما بثقافة تعكس عقلية الغزاة وقطاع الطرق والسجناء.

ونتيجة للفوضى السياسية والفكرية الهدامة انهارت حضارة آلاف السنين من القيم والعراقة والحضارة والفخر والحكمةامام أموال وأقدام وثقافة فارس والاحباش و بريطانيا وتركيا وامريكا والسعودية وقطر والامارات وايران ، وتم التضحية بتاريخ عريق جذوره في أعماق الارض عن طريق الادلجة وتلغيم الادمغة والقلوب والمشاعر والاحاسيس مقابل بعض التحويلات والارصدة والشقق والشاليهات في اسطنبول والقاهرة والاردن والرياض وابوظبي والدوحة ولبنان ولندن وباريس وواشنطن.

لقد دمرنا نحن معشر اليمانيون دولة سبأ وحمير ،،، وأندفع الاباء والاجداد للاغارة على بعضاتنا البعض ليس من اجل مصلحة بناء القبيلة والعشيرة والمدينة والدولة وانما من اجل الغنيمة وتقاسم النساء والاطفال والبنات والمال والمتاع ، تحت مسمى الكثير من الرايات والشعارات الزائفة.

لذلك قال البريطاني ديفيد سمايلي الذي ارسلته بريطانيا والسعودية الى اليمن في الستينات للوقوف مع الامام محمد البدر وخوض الحرب ضد الجمهورية في كتابه .. كنا نعتقد اننا المرتزقة في الحرب اليمنية واذا باليمنيين مصيبتهم "الجهل "وقلة "الامانة" لذلك فاقونا ارتزاقاً .. هذه الكلمة قالها المرتزق البريطاني الذي شارك في قلب عدد من الانظمة في العالم ، مؤكداً انه استعان بإحد رجال القبائل الى منطقة معينة مقابل جنيهات من الذهب أخرجها من صرة فطمع اليمني وقال له هات الصرة مالم سأبلغ عنك انك مع الملكيين وضد الجمهوريين فما كان من المرتزق الكبير إلا ان يدفع بالجنيهات الذهبية الى المرتزق الصغير ويواصل المسير الى الهدف المنشود دون متاعب ، حيث كشف الصراع بين الملكيين والجمهوريين بالامس واليوم حقيقة التقلبات وثقافة الارتزاق.

والسنوات الاخيرة خير شاهد على فضائح العديد من السياسيين والدبلوماسيين والصحفيين والمثقفين ومشائخ العلم والقبيلة والقادة والناشطين والمدرسين والقضاة ، وما فوضى الربيع العربي إلا دليل على الفضيحة والارتهان والابتزاز والسقوط والتآمر والعمالة وتدمير المجتمع اليمني ومؤسساته والدولة وصولاً الى تجزءة اليمن أرضاً وانساناً وتشريد الملايين وتقطيع أوصالها وطرقها ومدنها نتيجة للهث وراء " المال"القطري والسعودي والاماراتي والبريطاني والامريكي والتركي والايراني الذين فعلوا ترمومتر العمالة والارتزاق وحولوا بعض اليمنيين الى بنادق للايجار والرعب وساحة تصفية حسابات للدول الاقليمية والدولية وادوات لتنفيذ الاغتيالات السياسية والقتل لتنفيذ المشاريع المشبوهة المدمرة للبيت اليمني الآمن.. فهل من رجل رشيد؟

shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس