سام برس
قدم الكتاب السنوي (التوازن العسكري)، الذي يصدره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS حول الإنفاق العسكري العالمي، صورة واضحة حول وضع القوى العسكرية العظمى حول العالم الآن.
واحتفظت الولايات المتحدة بموقعها على قمة العالم، بأكبر إنفاق عسكري بلغ 600 مليار دولار في عام 2013.

واحتلت الصين المركز الثاني وبلغ إنفاقها العسكري 112 مليار دولار خلال العام الماضي، وهو ما أثار جدلا حول حقيقة هذا الرقم وإذا ما كان يشمل جميع ما تنفقه بكين عسكريا.
وركز المؤتمر الصحفي الذي عقده المعهد على تنامي القدرات العسكرية الصينية ومنافستها للولايات المتحدة، وكانت أحد الإجابات أنه بحلول منتصف أو ربما في نهاية عام 2030 ستستطيع بكين منافسة واشنطن في الانفاق العسكري.
ومن الحقائق التي كشفها الكتاب أيضا تراجع بريطانيا على خريطة الإنفاق العسكري، وبلغ إنفاقها الدفاعي 57 مليار دولار، لتهبط من المركز الثالث إلى الخامس عالميا خلف روسيا التي جاءت ثالثة وانفقت 68.2 مليار دولار، والمملكة العربية السعودية التي احتلت المركز الرابع بحوالي 59.6 مليار دولار.
وتعني هذه الحقائق أن كلا من موسكو والرياض تعملان على تحديث جيوشهما، في الوقت الذي هبط فيه الإنفاق العسكري لبريطانيا.
ولم تكن منطقة الشرق الأوسط بعيدة عن سباق الإنفاق، ففي ليبيا تجري إعادة بناء القوات الأمنية، والعراق تعيد تسليح الجيش، وهناك زيادة واضحة في إنفاق السعودية وبلدان خليجية أخرى.
ويعد البرنامج النووي المحتمل والقدرات الصاروخية التي تمتلكها إيران، مصدر القلق الرئيسي لدول الخليج، لذلك فإن الحصول على أنظمة الدفاع الصاروخي تمثل أولوية لدول الخليج.
وتحرص كلا من قطر والإمارات والسعودية على شراء صواريخ غربية وأنظمة دفاع وهجوم جوي، لكن تبقى كيفية تحسين التعاون الدفاعي أحد أهم التحديات التي تواجه دول الخليج حاليا.

السعودية أنفقت 59.6 مليار دولار على التسليح العام الماضي لتحتل المركز الرابع عالميا
الاتجاهات العامة
لكن يجب الحذر في التعامل مع تلك الأرقام، فالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية يأخذ في الاعتبار عوامل مثل أسعار صرف العملات والتي قد تؤثر على الصورة الحقيقية للانفاق.
فبالنسبة لبريطانيا يظهر أنها بالفعل قلصت مستوى إنفاقها العسكري، لكن تراجعها إلى المركز الخامس عالميا جاء كنتيجة جزئية لسعر صرف عملتها.
فإذا تم احتساب الإنفاق العسكري البريطاني وفقال لسعر صرف الجنية الاسترليني مقابل الدولار الأسبوع الماضي، فسوف يرتفع إنفاق لندن من 57 مليار إلى 61.1 مليار دولار، لتحتل المركز الرابع بدلا من المملكة العربية السعودية.
ومع هذا يرى جيري راجندرين المحلل بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أنه حتى بدون تأثير سعر صرف العملة، فإن تراجع مكانة بريطانيا ليس له تأثير كبير مثلما يبدو من الوهلة الأولى.
فعندما كانت تحتل المرتبة الثالثة في عام 2012، كان إنفاقها يزيد عن روسيا بنسبة 1.5 في المئة فقط بالدولار الأمريكي، وهو ما يعني أن أي انخفاض طفيف في قيمة العملة أو تراجع للإنفاق سيؤدي بسهولة إلى فقدان بريطانيا لموقعها في الترتيب.
ودافع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن ميزانية الدفاع البريطانية الشهر الماضي، وأنها مازالت أكبر رابع ميزاينة دفاع في العالم، ولكن الإنفاق وحده هو المؤشر على القدرات العسكرية.
وهناك عدة أسئلة هامة الآن، ماذا يمكن أن تشتري الأموال في الواقع؟ كم قيمة التمويل، على سبيل المثال للرواتب وأماكن إقامة الأعداد الكبيرة من المجندين؟ وماذا عن استعداد البلاد لاستخدام القوة؟
وكل هذه العوامل لا يمكن أن تعبر بسهولة عن أرقام التوازن العسكري، لكنها تكشف الخطوط العريضة والتي تشير إلى استمرار نمو الآلة العسكرية في دولة مثل الصين.
كما أن السخاء العسكري الصيني أدى بالتالي إلى زيادة الإنفاق في مناطق أخرى بأسيا التي شهدت ارتفاعا بنسبة 23 في المئة منذ عام 2010.
وتحمل الصين طموحا بأن تصبح قوة بحرية كبرى، ورفعت حجم ما تنفقه ليتخطى الهند بثلاث مرات، كما تتفوق على اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وفيتنام مجتمعه.
حقائق التوازن العسكري
ومن الحقائق المثيرة فيما يتعلق بالتوازن العسكري في العالم استمرار تحول ميزان القوى بعيدا عن الغرب، وخاصة من أوروبا التي فقدت حوالي 57 في المئة من إنفاقها العسكري العام الماضي، لصالح الدول الأسيوية.
وتسابقت الدول الأسيوية في شراء القدرات العسكرية التي كانت حكرا فقط على روسيا ودول حلف شمال الأطلنطي "الناتو".
ومع هذا لا يتوقف الأمر على الإنفاق العسكري فقط، فعلى سبيل المثال تظل بريطانيا ومعها فرنسا تمتلكان أفضل قدرات للتدخل العسكري السريع بعد الولايات المتحدة.

بي بي سي

حول الموقع

سام برس