سام برس
صدور كتاب "رحلة مع مارغريت تاتشر.. السياسة الخارجية في ظل السيدة الحديدية" للكاتب روبن رينويك عن بيتبيك- لندن- 2013.
ارتبط اسم مارغريت تاتشر، بالتاريخ البريطاني الحديث، باعتبارها كانت إحدى الشخصيات السياسية التي تركت بصماتها في بلادها، خلال القرن العشرين.. وأحد كبار "رجال الدولة" الأوروبيين.
وإذا كان قد كُتب وقيل الكثير عن سيرة حياتها وعن سياساتها المالية، وعن مساهمتها في نهوض بريطانيا بعد فترة انكفاء طويلة، فإننا لم نسمع، ولم نرَ، الكثير عن مفاهيمها وطريقة عملها على صعيد السياسة الخارجية. وهكذا يأتي كتاب الدبلوماسي البريطاني السابق، روبن رينويك، ليسد هذه الثغرة. إذ يتعرّض بالتحديد لـ "السياسة الخارجية البريطانية للسيدة الحديدية"، كما يقول عنوانه الفرعي، تحت عنوان رئيسي هو "رحلة مع مارغريت تاتشر".
يسرد روبن رينويك الكثير من المشاهدات والمواقف التي خبرها وعاشها عن قرب. وبحكم عمله كسفير سابق لبريطانيا في جنوب إفريقيا، يعود طويلاً إلى وصف سلوك السيدة الحديدية في منطقة عمله المباشر. إنه يعود إلى عام 1989 عندما انهار اتفاق وقف إطلاق النار في ناميبيا المجاورة لجنوب إفريقيا، في سياق كان يتطلّب فيه تجنب الكارثة، صدور "قرار دولي". ولم يكن من رئيسة وزراء بريطانيا سوى أن خفّت للقيام بجولة إفريقية.
يروي المؤلف ـ السفير في جنوب إفريقيا آنذاك ـ انه اتصل هاتفياً برئيسة الحكومة، ليعلمها أن هناك أزمة كبيرة تلوح في الأفق مع ناميبيا التي تبدو على حافة الهاوية.
وأن الخشية كبيرة من أن تقوم حكومة التمييز العنصري في جنوب إفريقيا بضربات عسكرية جوية ضد المتمرّدين السود الموجودين في المناطق الحدودية مع ناميبيا. ولم تتردد تاتشر من "إظهار صرامتها المعهودة"، كما يشير المؤلف، وأنذرت قادة جنوب إفريقيا إذا "تجرؤوا" ونفّذوا ضرباتهم قائلة :" إن العالم كلّه سيكون ضدكم. وبقيادتي".
ومن الأمور التي يؤكّد عليها المؤلف، أنه كان للسيدة مارغريت تاتشر نفوذ كبير لدى الرئيس الأميركي الأسبق رينالد ريغان. ويلفت الى أنه كان لها تأثيرها على السياسة الخارجية الأميركية، وأنها هي التي أقنعت ريغان بضرورة التعامل مع ميخائيل غورباتشوف، وتقديم التجهيزات من أجل بناء خط أنابيب نقل الغاز السيبيري للمحافظة على المصالح البريطانية.
ويشير المؤلف الى أن وزير الخارجية الأميركي آنذاك، جورج شولتز، كان يعاني من ضيق وغضب كبيرين كونه كان لرئيسة وزراء بريطانيا، وزن لدى الرئيس الأميركي، أكبر من وزنه.. وكذا أن كلمتها هي التي كانت تعلو لدى الرئيس ريغان على كلمته.
ومن ميزات هذا الكتاب، أن مؤلفه يعرّف بالسياسة الخارجية لتاتشر، عبر توصيف السياق الذي تمّت فيه. ويبدو من المفيد لمعرفة مواقفها التعرّف على حقيقة أنها كانت تكنّ مشاعر خشية دفينة وعميقة، من تصاعد قوة ألمانيا، بسبب التاريخ القريب الذي شهد الحرب العالمية الثانية. وبالتالي كانت مناهضة تماماً لعودة توحيد الألمانيتين.ومن موقع فكرها الرأسمالي، كانت تاتشر، حسب المؤلف، تكنّ كرهاً عميقاً للشيوعية.
وتعتبر أنها العدو الرئيسي الذي تنبغي محاربته بأي ثمن. وينقل المؤلف عنها أنها كانت تعلن بوضوح، أنها لن تقبل أبداً الدخول في حرب لا نهاية لها، بعد هزيمة السويس أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.
ويبين أن تاتشر كانت تشجب بعمق، التمييز العنصري. وألحّت باستمرار على إطلاق سراح مانديلا. ويقدم المؤلف الكثير من الحكايات "الشخصية" عن وقائع وأحداث عاشها بصفته الدبلوماسية.

المؤلف في سطور

روبن وينويك. دبلوماسي بريطاني سابق. عمل سنوات في سلك وزارة الخارجية البريطانية، خاصّة في فترة رئاسة مارغريت تاتشر للحكومة البريطانية. اشتغل في عدّة مناصب، من بينها: سفير حكومة التاج البريطاني في جنوب إفريقيا.

حول الموقع

سام برس