سام برس
صدرت، حديثا، عن المركز القومى للترجمة، النسخة العربية لكتاب (المسيحيون واليهود فى التاريخ الإسلامى العربى والتركى) من تأليف فيليب فارج ويوسف كرباج ومن ترجمة بشير السباعى.
يذكر المترجم الكبير بشير السباعى فى مقدمة الكتاب، أن هذا البحث المهم هو أول محاولة علمية لتناول مجمل التاريخ الديموجرافى للمسيحيين واليهود فى عالم الإسلام العربى والتركى منذ بدايات الدعوة المحمدية وإلى الآن.
ويكشف هذا التاريخ عن حركة ازدهار واضمحلال الدول التى عرفها عالم الإسلام العربى والتركى ومستويات ضغط الغرب على هذا العالم.
كما يكشف البحث عن تعرجات تاريخ الجماعات المسيحية واليهودية والمسلمة تبعا للتحولات التاريخية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأيدلوجية التى أثرت على تطور عالم الإسلام العربى والتركى.
وعبر 315 صفحة يأخذنا الكتاب فى رحلة زمنية طويلة، حيث يتحدث الفصل الأول من الكتاب عن (قيام الإسلام فى الشرق العربى)عبر تسعة قرون أى من الهجرة إلى سقوط المماليك ثم يتحدث فى الفصل الثانى عن (نزع المسيحية عن أفريقيا الشمالية) حيث إن المغرب البعيد عن القلب الجغرافى للإسلام سرعان ما سينقسم إلى كيانات صغيرة لها صبغات أمم أولية ومن ثم قادرة على تحقيق التجانس ثم يصبح شاهد وقوة الصدام الأمامى الكبير الأول مع الجماعة المسيحية اللاتينية لزمن إعادة الفتح (الأسبانية) وعندئذ تنتقل بقايا المسيحيين المحليين إلى الإسلام.
يأتى الفصل الثالث بعنوان (جماعتان مسيحيتان وجها لوجه فى زمن الحروب الصليبية) والذى يتحدث عن تحفظات الجماعة المسيحية العربية تجاه الجماعة المسيحية العربية اللاتينية والتى كان من المفترض أن تمد لها يد العون ولكن هذا لما يحدث، أما الفصل الرابع، والذى يأتى بعنوان (الإسلام تحت الهيمنة الاستعمارية فى المغرب) فيروى فيه الكاتب المواجهة الثالثة والأخيرة بين الإسلام والجماعة المسيحية والتى سوف يكون مسرحها المغرب الكولونيالى.
ثم يتحدث الفصل الخامس عن اجتياح العثمانيين للشرق العربى بعد فتحهم البلقان فإنهم سوف يكونوا مزودين بخبرة فى مجال الحوار بين الطوائف وسوف يسمحون بنهوض للجماعة المسيحية العربية بشكل غير مسبوق، ولما كانوا مؤسسين لإمبراطورية فأنهم يسعون للسيطرة لا للامتلاك فمنذ دخولهم للقسطنطينية سوف يعترفون بوجود جماعى للأقليات الطائفية برفعها إلى مصاف الملل وبمنحها استقلالا ذاتيا لتصريف شئونها الدينية والحقوقية والثقافية والصحية.
أما الفصل السادس فيأتى بعنوان (من الإمبراطورية المتعددة القوميات والطوائف إلى الجمهورية العلمانية:اختفاء المسيحية من تركيا،ثم يتطرق الفصل السابع إلى (إسرائيل والديموغرافيا) حيث يتحدث عن تأسيس الجماعة اليهودية لدولة قومية،أما الفصل الثامن والأخير فيتحدث عن الجماعة المسيحية فى القرن العشرين.

ويقول المؤلف إن هذا التاريخ ليس مجرد تاريخ لتعاقب ديانات تدعو إلى وحدانية الرب فهو أيضا تاريخ سلسلة من الاختراقات الصاخبة أو الصامتة.فمن فرسان الإسلام وبدو شبه الجزيرة العربية إلى الصليبيين ومن المغول إلى الأتراك ومن الأوروبيين اللاتينين إلى اليهود الأشكنازيين وتقدم جميع الأحداث شبها غريبا فى استهلالها فالقادم الجديد يستولى على السلطة.
والموجة التالية تسلك طرقا مختلفة،وتصبح بعض الأقليات اغلبية،فمثلا من هو التونسى الذى يحس اليوم بأنه غير عربي؟ حيث كانت النتيجة أن يذوب البعض فى البعض الأخر، أما بالنسبة للجماعة المسيحية المحلية التى كانت من قبل اغلبية فهى تصبح أقلية تواصل البقاء فى هذا المكان أو ذاك بينما تتلاشى فى أماكن أخرى.
المؤلف فيليب فارج يعمل مديراً للبحوث فى المعهد الوطنى للدراسات الديمقراطية فى باريس، وهو محاضر فى معهد باريس للعلوم السياسية وفى كلية الدراسات العليا فى العلوم الاجتماعية،ألف خمسة كتب وأكثر من خمسين بحثا حول موضوع “قطاعات السكان العربية". وهو مستشار للأمم المتحدة ولوزارة الخارجية الفرنسية.
كرباج يوسف،يعمل باحثا فى المعهد الوطنى للدراسات الديموغرافية بباريس،له العديد من المقالات فى مجال الديمغرافيا النسبية ودراسات الشرق الأوسط.
المترجم بشير السباعى،الشاعر والمؤرخ والمترجم المصرى المعروف،نقل عن الروسية والانجليزية والفرنسية أكثر من سبعين عملا ابداعيا وفكريا.

حول الموقع

سام برس