سام برس
الفنانة والباحثة دارين فرحات في معرضها الشخصي"يوطوبيات علاجية" بصوفونيبه بقرطاج :

اعمال في سياق تجربة جمالية و بحث بتعبيرات متنوّعة وفق أمزجة وتمثّلات نفسية و شعوريّة يعيشها الفنّان..
"هي حالات من اعتمالات الشّاعر والكاتب والموسيقي تجاه قضايا وجوديّة نبحث من خلالها عن ذواتنا التّائهة، عن أنفسنا ضمن هذه التداعيات الخارجيّة"..
شمس الدين العوني

في هذه المسيرة الانسانية المحفوفة بالقلق و المجد و البحث عن الذات في خضم المتغيرات و التحولات المتعددة و المختلفة بقي الكائن على حلمه تجاه الفنون باعتبارها حاضنة خيال و حمالة توق و شعور نحو ما به تمضي الذات في حلها و ترحالها بكثير من النظر و التأويل تجاه العناصر و الأشياء تقصدا لهناءات الكينونة و ريبتها وفق رغبات شتى منها الذهاب للجوهر و الكنه و الأساس في تفاعلات عميقة من عناوينها جماليات الالاحوال حيث التبدلات العاصفة بالأشياء و المقولات و الأفكار...

من هنا كان الفن في جوهر المؤثرات و العوامل حيث الفنان ذات مؤثرة و متأثرة في اتجاهات عدة نشدان للتعافي في واقع مثقوب و متحول و مربك ليكون الحلم الابداعي حاضرا في كل عملية تفكيك و تأويل و فهم لترميم ما تداعى من الأحوال و الشؤون و الشجون بكثير من حرقة الفن و شجن الفنان ..هي محاولات على سبيل العلاج و التصويب و التعافي تجاه أدران الوقت و الوقائع و الأحداث ..هي فكرة الطمأنينة المفقودة و المبحوث عنها في الفنون و بها ...

و هكذا نمضي في السياق الدال على هذا و بعضه ضمن الاشتغال الجمالي لفنانة تخيرت الدرب و مضت فيه من سنوات..درب الفن و هو ينفذ للذوات نحو تعالجها و تعافيها في طقوس من لعبة الفن و ما يحف بها وفق فعل جمالي و اكاديمي ديدنه البحث ..و ما الفن بالنهاية الا هذه اللعبة الباذخة نحو التجدد و الابتكار و الخروج عن المألوف .

الفنانة و الباحثة هنا هي دارين فرحات التي تعمل من سنوات في مبحثها الفني و الجمالي و العلمي لتأخذنا الى محطته الراهنة و حيز من المحصلة و نعني معرضها الشخصي الذي ينتظم بفضاء المعارض الفنية صوفونيبه بضاحية قرطاج وفق عنوان دال و هو "يوطوبيات علاجية " حيث كان الافتتاح يوم الجمعة 19ماي 2023 على الساعة الرابعة مسا و بحضور نخبة من الفنانين و النقاد و رواد الفضاء حيث تنوعت الأعمال الفنية يجمع بينها العنوان و التيمة و الرغبة الجامحة من قل دارين في القول بالأشياء و منها الفن كحالة و أداة و تعلة تقصدا لهناءات الذات حيث الكائن لا يلوي على غير القول بالسعادة المشتهاة و السلامة و البهجة العارمة في ضجيج كوني أخاذ.. ، هي لعبة الفن و من خلال الأعمال المعروضة بأسلوبها المخصوص في كونها تلك المحاولات بألوانها التعبيريّة تجاه دواخل و شواسع الفنان و الذهاب الى كينونته لكشف جملة أسئلة و قلق و حيرة، لأجل الحلم و تأمّلاته الجمة في ضروب من الوجد و المناجاة جوهر الروح أمام متغيرات جماليّة و ذوّقية في مساحات التعاطي بالتّلقّي و والتأويل و النّقد...لقد صار هناك توق لنظم معيارية جماليّة مختلفة تأخذ في الحسبان تعانق الفنون في ةجهتها الانسانية و لم لا القول العميق أكثر بفكرة العلاج بالفنون مثل الموسيقى و الشعر والرسم و الكتابة بتلويناتها الشتى ...


عن هذه الرؤية و التي يتنزل في جوهر تعاطيها المعرض بصوفونيبه تقول الفنانة الباحثة دارين فرحات "...لعلّ ما نعيشه اليوم من تحوّلات ضمن واقعنا المعاصر قد حرّر المثقّف والرسّام من الحدود الضّيّقة للتّوصيف الأكاديمي الذي انحصر في مجال المكتسبات المعرفية والتّقوقع داخل مجال المعرفة المقننة والمضبوطة وإن كان ذلك يوفّر له في الكثير من الأحيان الرّاحة والحماية والسلطة إلاّ أنّه في جانب آخر يكبّله بالقواعد والنّظم وينفصل به عن واقع مجتمعه وتطلعاته واشكالياته، وكذلك رهاناته الذّاتيّة والابداعيّة، فما حقّقته الفنون من امكانات انفتاح المجالات الإبداعيّة، تناصّت فيها النصوص وتداخلت فيها التّخصّصات تحريرا للإنسانيّ فينا ولاستعادة تصالحنا مع ذواتنا وواقعنا، تحريرا للفكر والمشاعر من تلك الضوابط المقنّنة. وكما يقول نيتشه: "لنا الفن كي لا تقتلنا الحقيقة" ويؤكّد بيكاسو في نفس السياق أهميّة دور الفنون وتأثيرها في الروح بقوله "الفن ينفض عن الروح غبار الحياة".

وإذا ما تحرّر الفرد عبر آليّاته التّعبيريّة كلّ من مجال تخصّصه أو عبر تواشج الفنون والمجالات الإبداعيّة فهو حتما سيؤثر في محيطه وبالتّالي في المجتمع فالإبداع معد مثل السّعادة والفنان في بحث دائم عن سعادة منشودة وبارقة أمل، خاصّة في خضم ما يعيشه عالمنا اليوم من ضغط فيصبح الفنّ دافعا أساسيّا نحو هذا التّوجّه الابداعي والتّعبيري كضرورة حياتيّة تتجلّى في يوطوبيّات علاجيّة ومبحثا معاصرا أو ممارسة تعبيريّة تنمّ عن قلق وجودي يصوغه الفنان عبر طرائق وآليّات مختلفة يتداخل فيها الشعر والكتابة بالرّسم وإيقاع مسرحة الجسد. فإلى أيّ مدى يمكن لهذه المقاربات أن تحقّق شفاء الرّوح عبر مسار الممارسة الابداعيّة؟ وهل في عمليّة التّلقّي لهذه التجربة ما يمكن أن يحقق جانبا تطهيريّا أو علاجيّا للآخر؟...إنّنا جميعا نعاني من الفقد بشكل من الأشكال قد يكون فقدا لذواتنا أو للجانب الإنساني فينا، في عالم متعب ومكبّل يعاني كل أشكال الرفض والاقصاء والتهميش.

ولا أدّعي من خلال هذه التجربة الذاتية في معرض "يوطوبيّات علاجيّة" أنّي أقدّم نماذج جاهزة وإنّما في الحقيقة إلماحات تحفيزيّة لمسار إبداعي وتعبيري لما نطلق عليه اليوم تسمية "العلاج بالفنون" كمبحث معاصر تراجعت مكانته في البلدان العربيّة رغم أصوله المتجذّرة (منذ أرسطو ثمّ طوّره بعض الأطبّاء والفلاسفة العرب مثل الرّازي وابن سينا) في حين قطعت الدّول الغربيّة أشواطا هامّة في ترسيخ الوعي بأهمية الممارسة الإبداعية كوسيط تعبيري إبداعي وعلاجي. فالأمزجة التي يعيشها الإنسان هي حالات انسانيّة واشكالات وجوديّة، شاعرا كان أو رسّاما، موسيقيّا أو مسرحيّا، كاتبا أو فيلسوفا، أكاديميّا أو فطريّا، متمدرسا أو عصاميّا، هي أساسا لغة للتّواصل، ضاربة في القدم أحاول استعادتها اليوم من خلال معرض "يوطوبيّات علاجيّة" لإحياء بعض الطرائق والمقاربات باعتماد الألوان والطّروحات والآليّات التّعبيريّة ضمن تجربتي الابداعيّة. إنّ استعادة الإنسانيّ فينا وما تبقى من أمل وفرح أو نشوة وسعادة، تنبثق ممّا أفرزه الواقع اليوم بتسارعه التّكنولوجي والتّقني وما أسفر عنه تعاقب حضارات من تشيئ للإنسان، فكيف لهذه المقاربات البينيّة أن تؤسس لواقع بديل أو ليوطوبيّات تنشد التّحرّر من مكبّلات الرّاهن؟...

تجدوا في هذا المعرض تعبيرات متنوّعة ومختلفة، فهي أمزجة يعيشها الفنّان كما يعيشها الشّاعر أو الكاتب أو الموسيقي وهي تمثّلات نفسية أو شعوريّة لقضايا وجوديّة نبحث من خلالها عن ذواتنا التّائهة، عن أنفسنا ضمن هذه التداعيات الخارجيّة، إنّها محاولات تعبيريّة تخاطب صخبا داخليّا يعيشه الرّسّام، أسئلة وحيرة، تعبّر عن تجربة حلم وتأمّل، ومناجاة بين الرّوح والرّوح. لقد تغيّرت مقاييس النّظم الجماليّة وآليّات التّذوّق الفنّي والتّلقّي والنّقد، حتّى أصبحنا اليوم نبحث عن معايير جماليّة مغايرة تتقاطع فيها النّصوص وتتداخل فيها التّخصّصات من مختلف المجالات شعرا وموسيقى ومسرحا ورسما وأضحت فيها العملية الإبداعية ضرورة حياتيّة من خلال ما يمكن أن تقدّمه للذّات وللآخر وما يمكن أن تحقّقه للمجموعة فأصبحنا اليوم نتحدّث عن العلاج بالفنون والموسيقى، بالشعر والرسم أو الكتابة وبالفلسفة أيضا. لذا فإنّ حاجة الإنسانيّة للتّعبير هي حاجه أساسيّة تواصليّة مثلها مثل اللّغة ومثل الأكل والشّرب والملبس، هي أسلوب حياة يحوّل الممارسة الإبداعيّة إلى منهج حياة وإحياء ولغة تواصل دائم إذا ما تقطّعت السّبل...." دارین فرحات متحصلة على شھادة الدكتوراه في اختصاص علوم وتقنیات الفنون بملاحظة مشرف جدا 2017 المعھد العالي للفنون الجمیلة بتونس.و شھادة الماجستیر في الجمالیات وتقنیات الفنون بملاحظة حسن ، المعھد العالي للفنون والحرف بقابس وشھادة الأستاذیة في الفنون التشكیلیة اختصاص رسم المعھد العالي للفنون والحرف بصفاقس. أستاذ متعاقد متحصل على شھادة الدكتوراه، المعھد العالي للفنون والحرف بقابس ...

درست و اطرت بعدد من المؤسسات العلمية و لها مشاركات و بحوث و معارض فنية متعددة الى جانب عديد المداخلات العلمیة منها مثلا مداخلة بعنوان "تثمین تدریس اللون" في مجال التصمیم ضمن ملتقى مقاربات بیداغوجیة منھجیة و مھنیة بالمعھد العالي للفنون و الحرف بقابس و المشاركة في تنظیمھ و مداخلة بعنوان رباعیات في زمن الجائحة ضمن ملتقى فناني القصبة باسبانیا في دورتھ الافتراضیة و مداخلة بعنوان إشكالیة المكان وخصوصیة الممارسة الفنیة ضمن الندوة العلمیة في موضعھ الفن المكان المأوى و مداخلة بعنوان دور الملتقیات والمھرجانات في الارتقاء بالفنون التشكیلیة ومسارات الابداع ضمن الملتقى التشكیلي الدولي " نوافذ 12 "طسب ات المملكة المغربیة و ملتقى سجلات اللون بالمعھد العالي للفنون والحرف بقابس و مداخلة بعنوان Perception de couleurs : une perception culturelle dans les pratique artistiques de l’art naif - تقدیم دراسة مشروع عمل فني " artistique trajectoire " ضمن جائزة "Saima "للابداع المعاصر العربي و مداخلة بعنوان الفن والمكان : أزمة التواصل ورھانات الفن المعاصر ضمن ملتقى الفن والمكان "الإشكالیات والرھانات" المعھد العالي للفنون والحرف بقابس...عضو بالجمعیة الاكاديمیة الأمریكیة للفنون وبالمركز الدولي لرواد الفن التشكیلي كما كان لها حضور و أنشطة بالملتقیات و المعارض الشخصیة : -و منها معرض شخصي بعنوان "حدیث الروح" بفضاء المعھد العالي للفنون و الحرف من 3 الى 10 فیفري :

و معرض شخصي بعنوان "tart eeM " بفضاء القطب الصناعي والتكنولوجي بقابس من 6 الى 10 اكتوبر وقد تم اقتناء مجموعة من الأعمال من طرف القطب للتشجیع على البحث والممارسة التشكیلیة و معرض شخصي بعنوان" mers des delà uA " بالرواق السیاحي المتوسطي حومة السوق جربة و معرض شخصي بفضاء المركز الطبي "قزبار" بعنوان"science- y -Art" و قد تم اقتناء مجموعة من اللوحات لصالح المركز ومعرض شخصي بفضاء جامعة قابس بعنوان " city In " و تتویجھ باقتناء مجموعة من اللوحات وعن المشاركة في الملتقیات و المعارض الجماعیة المحلیة الوطنیة والدولی فان دارين شاركت في ملتقى شادو الدولي السادس للفنون التشكیلیة المقام برواق الاسكندریة الى جانب ادارة و تقدیم ملتقیات افتراضیة ضمن حلقات موائد الشعر و الادب و الجمالیات بتاطیر المنظمة الدولیة للثقافة و التنمیة و حوار الحضارات و المجمع الدولي للاداب و الفنون البصریة بباریس و المشاركة في مشروع تشكیلي دولي ضمن "monde nouveau du art l " ’و مقر تجمعه بفرنسا "Aubusson 9 " اكتوبر ثم تحول ھذا المشروع الجماعي للعرض حول العالم و انطلق بداكار 4 جانفي و یزور تونس في مارس بمدینة الثقافة والمشاركة في ملتقى دولي ضمن فناني القصبة باسبانیا دورة افتراضیة ...و المشاركة في المعرض السنوي لاتحاد الفنانین التشكیلیین التونسیین و في المعرض السنوي " لجمعیة رقش " تنسیقیة قابس 2 مارس بالمركب الثقافي قابس والمشاركة في التظاھرة السادسة الدولیة الذاكرة و الادراك لجمعیة فنانات مغربیات خلال 3 ایام و وقع عرض الاعمال بفضاء "carthage de sophonisbe " - والمشاركة في المعرض السنوي للاساتذة بالمعھد العالي للفنون و الحرف بقابس الدورة 61" بصمات ابداعیة" من و ادارة و تنظیم الفنون التشكیلیة ضمن مھرجان الاتحاد العام التونسي للشغل و الإبداع أیام 3-4 - 5 سبتمبر بشارع الجمھوریة قابس والمساھمة في إنجاح فعالیات المھرجان الدولي للفنون التشكیلیة في دورتھ الأولى " قابس ترسم" بساحة الكرنیش قابس ایام 24-25-26 افریل.

فضلا عن المشاركة بمعرض الفنانات المغاربیات بتونس تحت عنوان « féminine Expression« - المشاركة في جداریة جماعیة بتونس بفضاء الرازي ضمن النشاط التابع لجمعیة فنانات مغاربیات في نفس الحدث الممتد على اربعة ایام .و المشاركة في تظاھرة ثقافیة في الرسم مع مجموعة فرنسیة بدار الثقافة بقابس...

تجربة متواصلة نحتتها دارين الفنانة الباحثة برغبة و حب و دأبحيث الفن و الرسم تحديدا و لديها مجال حياة قولا بالذات في اعتمالات دواخلها و هواجسها الدفينة تجاه العالم و الىخرين..الفن ابداع و علاج و حياة عالية الاحساس في زحمة الضجيج و السقوط و التداعيات المربكة..معرض صوفونيبة بضاحية قرطاج يبرز شيئا من كل هذا..من عوالم و اشتغالات دارين الفنانة الطفلة الحالمة بعالم اجمل و ارحب .

حول الموقع

سام برس