سام برس
ســَـلِــمَـتْ يـــداك
شعر : د. أحمد قايد الصايدي

قصيدة أهديتها في أكتوبر 2000م لأطفال الحجارة، الذين أصبحوا اليوم مقاومين أشداء، لم يعد سلاحهم الحجارة والمقلاع والوتر، بل طوروا أنفسهم تدريباً وتسليحاً، وامتلكوا الصواريخ والطائرات المسيرة والمدافع، وانطلقوا بإيمان راسخ وشجاعة لا تضاهى، يطالبون بحقهم في الوطن وحقهم في الحياة الكريمة، ويحققون المعجزات، ويفضحون عجزنا، ويكشفون عمَّا في هذا العالم الظالم من نفاقٍ وزيف وافتقار إلى القيم والأخلاق. إنهم يصنعون المجد لأمة غابت عن التاريخ. وبفضلهم ستعود من جديد.

نص القصيدة :

مرحى سما اليوم يا حلماً بك الحجرُ
يا فارساً سيفُه المقلاعُ والوترُ
أسمعت صوتك أقواماً بهم صممٌ
وردد الشِّعرَ زهواً من به ضجرٌ
فاسلم فديتكَ يا عزي ويا أملي
يا فخرَ قومي إذا ما فاخرَ البشرُ
يا صانعاً لجلال القدس من دمهِ
إكليل غار وورداً نفحُه عطرُ
يا فاتحاً بعدما انسدت مسالكنا
يا واثباً بعدما حكَّامنا انحدروا
يا مطلقاً صرخةً هزَّت كراسيَهم
يا مشعلاً جمرةً تشوي وتستعرُ
تكشَّف الزَّيفُ لمَّا ثرت منتخياً
وفي يمينك عزمٌ سهمُه حجرُ
تصولُ بالقدس مقداماً بلا وجلٍ
لا شيءَ يثنيك لا التَّخويفُ لا الحذرُ
لا تملك اليوم صاروخاً تردُّ به
ولا دروعاً ولا طوربيدَ ينفجرُ
حجارةُ الأرضِ قد صدَّت قذائفَهم
وللإرادة في ساحِ الوغى الظَّفرُ
سلاحُك العزمُ والإيمانُ تشهرُه
والحق تعلنُه يصغي لك القدرُ
والعدلُ في عالم الطُّغيانِ تنشدُه
والخيرُ تبذره ينمو ويزدهرُ
ناديتك الأمس والظَّلماءُ حالكة
والظُّلمُ طاغٍ وحلمي كاد يندثرُ
والمرجفون غيارى من مقاومتي
يستعجلون سقوطي بعدما اندحروا
وللذِّئاب عواءٌ كاد يصرعني
لولا يقيني بأنَّ الحقَّ منتصرُ
لولا شعوري بأنَّ الفجرَ منبلجٌ
بعد الظَّلامِ وأنَّ الغيثَ منهمرُ
وأنَّكَ القادمُ المقدام من زمنٍ
فيه عليٌّ وعمروٌ والفتى عمرُ
وحمزةٌ وابن عبَّاسٍ وغيرهمُ
زها الرَّسول بهم والشَّمسُ والقمرُ
ها قد أتيتَ فنعم القادم انبلجت
سماءُ قدسِك نوراً وازدهى الصَّخَرُ
واهتزَّت الأرضُ إذ نادى البشير بها
يا أمُّ لا تحزني قد جاءَكِ المطرُ
هذا الفدائيُّ جاءَ اليوم منتقماً
طفلٌ أتى يحمل البشرى ويعتذرُ
هذا الفدائيُّ هل تخفى معالمُه؟
هذا ابن يافا وحيفا الماردُ الخطرُ
هذا الفدائيُّ طفلٌ شاخَ من ألمٍ
قبل الأوانِ فويلٌ للأُلى فجروا
ويلٌ لهم منه إنِّ الثَّأْرَ مطلبُه
وسورةُ الغيظ لا تبقي ولا تذرُ
ويلٌ لهم منه إنَّ الموتَ مركبُه
والنَّارُ تحرق ما حاكوا وما بذروا
ويلٌ لهم وسيوفُ الحقِّ مشرعةٌ
والأسدُ تزأر والأبطالُ قد نفروا
وزغرداتُ الثَّكالى صوت منتقمٍ
كالهول يقتلع الباغي ويعتصرُ
يا يومَنا يومَ نصرِ القدسِ قد سئمتُ
نفوسُنا لصلاح الدِّين تنتظرُ
طال المقامُ بنا خزيٌ يكلِّلنا
يقودنا نحو قاع الذُّلِّ مُحتقرُ
قل للأُلى اجتمعوا في قمَّةٍ عجباً
والدَّمُّ ينزف والأطفالُ تحتضرُ
وجيشُ صهيون في الأقصى يدنِّسه
وشعبُنا في زوايا الأرض قد نُثروا
وأنتمُ ما استطعتم سترَ خيبتكمْ
يا عارنا قد سرى في جسمكم خدرُ
يا بئسَ من قادةٍ ذلّوا لمغتصبٍ
وإن رجوناهمُ لطفاً بنا زأروا
يا غضبةَ الشَّعبِ هزِّي الأرضَ تحتَهمُ
وفجِّريها لظى يعلو وينتشرُ
يا صخرةَ القدسِ قرنُ الشرِّ قد وهنتْ
من ينطح الصَّخرَ يُوهَى قرنُه القذرُ
النصرُ آتٍ دما الأطفالِ تصنعه
وغزةُ المجد تعليه وتفتخرُ
حيِّيتِ يا غزةَ الأبطالِ صامدةً
على يديكِ عرفنا كيف ننتصرُ

حول الموقع

سام برس