بقلم/ احمد الشاوش
تحتفل دول العالم باليوم العالمي للحمير كل عام بأعتباره رمزاً للصبر وعنواناً للشقاء والذكاء بينما نحتفل نحن معشر اليمنيون بالحمير في كل ربوع اليمن على مدار الساعة بعد ان تحول الكثير من المواطنين والقادة والمسؤولين والمشايخ والمثقفين والاعلاميين الى حمير وقطيع حتى قيل انه صار للمنخنقة والمتردية والنطيحة ، كراسي ومناصب وأموال وثروات تشغب بالمواطن اليمني الامعة ليل نهار وبالمجااااان ، بينما تجني العصارة.
حمار بيت عرهب :
ومن عجائب اليمنيين ان " حمار بيت عرهب" الذي كان كالخيل في قوته وعزمة وجهده وسرعته في حراثة الارض ، يشتغل قرعة بطاقة 128 حصان ويُضرب به المثل في منطقة الجراف وبني الحارث بصنعاء ، لمن اراد حراثة أرضه من الاسرة واهالي المحل حتى صار يشار اليه بالبنان.
والطريف ان حمار بيت عرهب أخذ نصيبه من الدنيا وكان محل احترام وتقدير ورعاية واهتمام بلاحدود ، وكان مخصص لذلك العفط تنك تمر من اجود أنواع التمور السعودية وزبيب وشعير بلدي كما حدثني الزميل العزيز علي الجمالي أحد اهالي المنطقة ، بينما حمير " بني آدم" اليوم يشتغل في مؤسسات الدولة مثل " الحمار" وبالمجاااان بعد ان زبط المائدة وركض النعمة وبدون علف أو حتى كيلو تمر وأااااح ولا داااااخل.
حمير بني مطر:
ومن القصص الطريفة جداً انه وصل الحال في زمن انعدام الحمير وارتفاع أسعارها الى ان كل واحد من المزارعين في بني مطر وبعض القرى والعزل اليمنية الى ان يتحول المزارع الى القيام بدور الحمار ويشغب به المزارع الثاني في ايام الامام احمد حميد الدين ، كما روى لنا بعض المزارعين من كبار السن في قرية حضران بمديرية بني مطر وفي الحديدة وبعض القرى والعزل اليمنية الذين اكدوا ان الظروف اضطرتهم الى ان كل واحد من المزارعين "يخطى ويشدوا عليه مثل القارشة" وفي رواية الحمار" من أجل حراثة وأصلاح الارض .. بينما أصبح المواطن والموظف اليمني في عصر الثورة أرخص سلعة في عالم اليوم .
اليوم العالم تطور في ظل الثورة الزراعية والصناعية والتكنولوجيا ووجود الحراثة والطاقة الشمسية وشبكة المياه بالتقطير والبيوت المحمية لزراعة أجود وأحلى اصناف الخضروات والفواكة والحبوب وكل مالذ وطاب ، لكن المزارع اليمني يأن من الجبايات وحالات الكساد والبورة لعدم القدرة الشرائية ومعاناة الناس التي انعكست على كل شيء حتى في سلوكياتهم ونفسياتهم وتصرفاتهم بينما أولياء الله الصالحين ولا حس ولاخبر.
تمثال الصبر:
لو كان الامر بيدي لنحت للحمار" تمثالاً" ، تذكارياً ووضعته في أجمل الساحات اليمنية والعربية بطول الوطن العربي وعرضه كتماثيل القادة والعظماء والحكماء والفلاسفة لما له من صفات الصبر والوفاء والفائدة ، بدلاً من تماثيل بعض الملوك والرؤساء والزعماء والقادة والانقلابيين واللصوص وقطاع الطرق والقتلة والسفلة والعملاء والخونة والمرتزقة وتجار الحروب والمخدرات والقضاة الفاسدين والنُخب الملوثة والمنظمات المشبوهة والعلماء المضللين وأعشار المثقفين والاعلاميين المفلسين الذين تسببوا في تدمير اوطانهم ودولهم وشعوبهم وباعوا ضمائرهم وانسانيتهم بثمن بخس لدول الشرق والغرب تحت عناوين ظاهرها الرحمة والتقدم وباطنها الدمار والموت .
ولوكان القرار بيدي لجعلت من بني آدم المنافق والمزايد والامعات الذين تحولوا الى قطيع سياسي وبوق مذهبي وبالون ايدلوجي وحقل تجارب ومجرد ديكورات في الساحات والاحتفالات عبرة للتاريخ.
احتجاز حمار :
ومايدعو للسخرية والضحك حتى النخاع ان حمار يمني تم احتجازه في أحد أقسام شرطة محافظة تعز قبل سنوات وبقي اربعة ايام رهن الاعتقال وتم التحقيق مع صاحب الحمار بتهمة العبث بزرع جارة وابتزازه وتغريمه بدفع قيمة ماء وحسيك للحمار طيلة بقائه في السجن رغم ان الحمار دخل في حالة " أضراب عن الطعام " بعد ان لمح احد السياسيين بجواره مضرب عن الطعام وشاركه المأساة ، فقامت الدنيا على الحمار في مدينة تعز الذي اصبح قضية رأي عام وتدخل الزميل الصحفي محمد قائد العزيزي عن بُعد ونشر تحقيق عن حمار عالم الحيوان ، وحمار الدولة ، في صحيفة الثورة ووصل الامر الى وزير الداخلية رشاد العليمي الذي وجه بلجنة خاصة لحل القضية وتم الاتصال بمدير أمن المديرية الهيصمي وكاد الامر ان يطيح برئيس قسم لشرطة الذي شكل له الحمار صدمة نفسية وعصبية وحول حياته الى جحيم في واقعة هي أغرب من الخيال العلمي ، بينما اليوم كم من اليمنيين في شمال اليمن وجنوبها وشرقها وغربها في السجون والبدرومات والشقق دون من يلتفت لقضاياهم وظلمهم وجوعهم واوجاعهم ومعاناتهم؟.
والعجيب في الامر اننا نسمع اليوم انه صار اليوم العالمي للكلاب ، والخيول والحمير ، والبغال ، والقطط ، والموز والجمال ، والهجن ، والماعز بينما لانجد اليوم العالمي للعدالة والانصاف واجتثاث الفاسدين واللصوص والخونة ومحاكمة المجرمين الذين تسببوا وارتكبوا مجازر الابادة في غزة والسودان والصومال وسوريا والعراق وافغانستان والبوسنة والهرسك واليمن وكل بلدان الوطن العربي والعالم الاسلامي ودول افريقيا.
والغريب في الامر ان هناك من يصف الحمار بالغبي بينما الحقيقة أن أغبى مخلوقات الله هو ذلك الانسان الذي يسخر من خلق الله ويصر على نعت "الحمير " بالغباء في أكبر كذبة تاريخية رغم الجهد الكبير الذي يبذله الحمار في حمل الاثقال والانتقال بها في الطرق الوعرة حتى ايصالها الى المكان المحدد دون مرافقة صاحبها ما يدل على ذكائه وصبره وخدمته بلا حدود.
أخيراً ..
السؤوال الذي يطرح نفسه بعقلانية متى سننتصر للحمير .. ومتى سنعيد الاعتبار للمخلوق الذكي والحيوان الاليف والمناضل في حراثة الارض ؟.
والسؤال الاهم متى سيعود حمير بني آدم الى رشدهم وضمائرهم وانسانيتهم ويتحرروا من المزايدة والنفاق وعالم العبودية والقطيع وسياسة الاستحمار الى الفطرة التي خلق الله عليها الانسان..
كم نحن بحاجة ماسة الى اعادة الاعتبار لحمير عالم الحيوان وحمير آدم وحواء؟.