حسين العواضي
ـ لا تسعفنا مفردات اللغة على خصوبتها ورحابتها وغزارة معانيها بوصف ما جرى الأسبوع الماضي للجنود الأبرياء، فعل مشين لا وصف يكفيه.. ولا حروف تسميه.
ـ وقواميس الدنيا تخجل أن تضم كلمات أو جمل وعبارات لا أفعال كالتي جرت وهزت اليمن من أقصاه إلى أقصاه.. وفجعت العالم وأذهلته.
ـ ما الذي يمكن أن يقال ويكتب أو يضاف وينصب الورق ينفر.. والقلم يترنح.. والقلوب مكلومة حزينة.. والنفوس ساخطة كئيبة.
ـ يا للفاجعة الأليمة.. والمصيبة الذميمة صار بيننا من يقدم على أفعال بشعة يشيب لها الرضع في اللحود.. لا رحمة.. ولا شمهامة وهل بعد ما جرى من عيب أو منكر.
ـ كيف نشرح للآخر أن الذابح.. مسلم والمذبوح كذلك.. أي عقل يمكنه أن يستوعب وأي نفس يمكن لها أن ترضى أو تطيب.
ـ كنا نظن أن مجزرة ميدان السبعين المروعة آخر المناظر المفجعة، وأن أطفالنا لن يشاهدوا ما هو أبشع.. وأحزن.. وأخزى من ذلك اليوم الدامي المخيف.
ـ وفوجئنا بعدها بحادثة مستشفى العرضي رجل قبيح.. ومجرم.. حاقد.. ومختل يقذف قنبلته الملتهبة في وجوه النساء اللائي يستنجدن به ويطلبن غوثه.. وشهامته.
ـ ثم نفاجأ بجريمة جديدة أكثر بشاعة وكأنه كتب علينا أن نشاهد بين فترة وأخرى هذه المناظر المروعة التي تدمي القلوب.
ـ وعاد المصدر الرسمي يهدد ويؤكد أن الذين ارتكبوا الجريمة الشنعاء لن يفلتوا من العقاب.
ـ حسناً كيف فلتوا من السجون.. وكيف تركتوهم يرحلون.. ألا تروهم في المدن يتجولون.. بلا عقاب.. بلا هباب، استعينوا على أموركم بالكتمان.
ـ أين اللجان التي شكلت.. لم نسمع أن واحدة قدمت تقريرها وحددت بمهنية وشجاعة الدوافع والأسباب.. وكشفت عن الأسماء والألقاب؟
ـ إن هؤلاء الذين ينفذون جرائمهم بتحد سافر للدولة.. والشعب.. والجيش لهم سند وظهير ومعجب ونصير.
ـ وأن وراء ما يجري أسرار وصفقات وتحالف وثأرات.. ثم دعم واستشارات هذا واضح وجلي لا يحتاج إلى تصفير ولا حيرة ولا تكفير.
ـ وكما تدل الشواهد والحقائق فإن لهذه الجريمة.. وما سبقها.. وما سيلحقها تشجيع ديني متطرف.. ونزق سياسي متعجرف وأهداف أخرى لا تخفى على حصيف.
ـ والمحزن والمحير أن المؤسسات الأمنية والاستخبارية على تعددها.. ووفرة اعتماداتها لا تزال مثلنا عاجزة عن فك الرموز والشفرات منزوية خجولة لا ترغب في إحراج أحد.
ـ يا سادة.. يا قادة اسمحوا لنا أن نعلنها مدوية صريحة هذه أسوأ مرحلة أمنية تعيشها البلاد.
ـ ومن يراقب شوارع العاصمة.. وحاراتها وأسواقها.. ومطاعمها.. وأزقتها يدرك بلا مجهود أن الأمن في إجازة والسكينة في خبر كان.
ـ أنظر حولك.. وأنتبه لرأسك كم من المقعشين ـ يتجولون بالسلاح، لا أحد يسألهم أين التصاريح.. ولا يجرؤ أن يقنعهم أنه حتى بالتصاريح التي تمنح لكل من هب.. ودب لا يجوز التجوال بالسلاح على هذا النحو العجيب.
ـ ومساكين جنود النقطة إذا مر سائق تاكسي غلبان فتحوا له الخانة وقشعوا الكراسي.. وإذا مرت ثلاث أو أربع شاصات محشوة بالمقعشين المسلحين المفجعين اكتفوا بالابتسامة.. ورد السلام.

حول الموقع

سام برس