بقلم د. حسين العواضي
ما الذي يحدث حين تلتقي الشائعات العابرة بالصحافة الإلكترونية الخائبة في مقايل مشبوهة وسهرات فاحشة؟
لا شيء مفيد.. غير صناعة القلق.. وإنتاج الفزع وتصدير الخوف والحزن والألم عبر ما يطبخ من أخبار زائفة وحكايات راجفة.
في هذه الدهاليز المظلمة يلتقي أصحاب النفوس المريضة والضمائر الميتة والأحقاد الدفينة والمصالح الضيقة.
ينصب لهم الشيطان الرجيم طاولة ذهبية مسنودة على جثث الأبرياء, يرأس الاجتماع, ويعلن عن بدء الجلسة.. فيتسابقون ويتطاحنون, كلٌّ يرفع أصابعه المخضبة بدماء الجريمة.. وعلى وجوههم علامات الشر والتآمر.. والخيانة.
هؤلاء هم... وهذه بضاعتهم, لا يجيدون غير صناعة القلق, وتلفيق الأكاذيب, ونشر الفتن, والترويج للمصائب والكوارث والمحن.

قلوب خاوية إلاّ من الكراهية والحقد والثأر والشماتة.. لا نقطة فيها ولا مضغة للفرح.. والتسامح.. والحب.. والشهامة.

أسعد أيامهم.. وأطيب لياليهم حين يرون الناس من حولهم حيارى.. محبطين.. ينتشون.. يفرحون.. يطربون.. ويرقصون.. إن تساقطت الرؤوس وتناثرت الأشلاء وارتفعت الأحزان ونقص عدد السكان.
هكذا خلقهم الله, مرافقين للشيطان, غصة ومحنة, نعاقب بهم في الدنيا, ويعاقبون بنا في الآخرة.
بشر منا.. ومثلنا, يختلفون فقط في أن لهم بطوناً أكبر.. ورؤوساً أصغر.. يصلون..ويفجرون ويحلفون فيغدرون.
من أين جاءت هذه الأصناف المخبولة؟ كيف هبطت وتكاثرت؟ ولماذا قامت ونشطت؟

حين تصبح الدولة افتراضية لا هشة ولا نشة, مجرد اسم باهت وعلم حزين على صفحات الإنترنت, تبرز هذه الكائنات الغريبة العجيبة.
يصبح المناسفون على الفضاء الالكتروني كثر وكل عاطل يمكنه أن يصبح رئيس تحرير لموقع أخباري صاحب الامتياز.. والمجند.. والمصدر.. والكاتب والمحاسب.
وفي المقايل والسهرات تباع هذه المواقع وذمم أصحابها في مزاد ليلي مشبوه, من يدفع أكثر من يكذب أشطر.. من يصيغ أفضل وأخطر.
وقلة يكتشفون خطورة هذا المزاد.. ويرصدون المشتري.. والبائع.. بالأسماء.. والأرقام.. هذه المواقع لفلان.. وهذه تتبع علان.. مثل الأراضي محجوزة.. ومسورة.. وعليها الحرس والضمان.
وجل ما ينشر من أخبار تثير عناوينها الحمراء الجزع.. والفزع, تختفي بعد ساعة أو ساعتين ولكن بعد أن صدمت الرؤوس وأقلقت النفوس وقبضت ما تيسر من الفلوس.
يالطاف الله كم بها من البريط والخريط والنصب والكذب لا أحد يتحدى أو يسأل أو يدقق.. مصادر مجهولة.. وتصاريح مهولة تحرق وتقلق ولا أحد يفيق أو يعلق.
والضحايا اليمنيون الذين يعيشون في الخارج مصدرهم المواقع الإخبارية الالكترونية وما أكثرها وأقل بركتها لا يدرون من يصدقون ولا أين يجدون الجواب الشافي لحيرتهم المقلقة؟
الحال لا يسر كثيرا هذا أكيد لكن ليس هكذا تصاغ الأخبار وتطبخ التصاريح وتشوه الحقائق بلا ذمة أو ضمير.
ما يجري للإعلام فيه نصيب وافر من التحريض والتضليل, خلع الإعلام ثوب الوقار والمهنية والحياد وحشر أنفه بدون رضا أو رغبة في جوف الصراعات الخاسرة.
صراعات.. مخابرات.. ومصالح ودول عجزت أو لم ترغب بمواجهة بعضها فاختارت الملعب رسمت الخطوط اشترت الصافرات والحكام وأعلنت عن بدأ المباراة؟
وجدت الملعب الفسيح والمريح واللاعبون الأشقياء والشجعان والأغبياء, اختارت لهم الألوان والشعارات والقمصان.
وحين ينقرضون ويقضون على بعضهم ستصفق لهم وتدفنهم أحياء تحت أقدامها وتبحث عن ملعب آخر ولاعبين آخرين أقل غباء وأكثر حيوية ونشاطا.
نقلا عن الثورة

حول الموقع

سام برس