سام برس
«شجرة السدرة لها طابع خاص وجميل يميل إلى التحدي والانتصار، حافظت على مكانتها ونظامها الحيوي الطبيعي، فيما انحرفنا نحن البشر عن طبيعتنا ونظامنا الطبيعي وبدأنا بإيجاد أساليب حياتية مختلفة.. نرى انعكاسها على صحتنا الجسدية والنفسية وعلى صحة البيئة من حولنا».
بهذه الجملة يلخص الكاتب حسين علي أحد أهم الأعمدة التي بنى عليها كتابه «السدرة.. من الألم إلى العمل» الذي يقدم من خلاله مقاربة يربط من خلالها بين هذه الشجرة (السدرة) والإنسان.
بعد أن يدخل الكاتب من باب تجسيد «السدرة» وشخصنتها بقوله إنها «كائن حي يتنفس ويتغذى وينتج ويمنح الحياة ويموت! وفي كل هذه المراحل هناك رحلة من العذاب ورحلة النجاح والعطاء»، يتساءل حسين في سياق الاستنكار «هل تفوقت علينا شجرة السدرة في تحمل البيئة المحيطة والمناخ؟ كم من شخص أنهى حياته بتناول حبوب أو قطع شرايينه أو فقد عقله أو دخل في اكتئاب نتيجة العوامل الخارجية بحياته.. هل سمعت يوما عن شجرة سدر انتحرت أو اكتأبت بسبب البيئة المحيطة؟!».
وربما في هذا التساؤل الأخير يكمن جوهر المقارنة والهدف منها، فالهدف من الكتاب كما يؤكد الكاتب نفسه، هو زرعه الأمل والتركيز على أن هناك دائما فرصة للتغيير والتعديل والإضافة والتطوير، وان هذه الفرص بحاجة الى من يقتنصها حتى يحقق التغيير المنشود.
يقدم الكاتب من خلال هذا الكتاب الذي يأتي في 248 صفحة من القطع المتوسط وهو من إصدارات دار السلاسل في الكويت، خلاصة تجارب وخبرات ومواقف وأمثلة واقعية مر بها شخصيا أو تخص أشخاصا يعرفهم وعاش معهم مراحل تغيير في حياتهم.
يؤكد حسين ان هذه المواقف لم تكن كلها أمثلة على النجاح ولكن حتى في مرات الفشل هناك ما يمكن تعلمه حتى نتعرف على كيفية «مواجهة السلبية والفشل والخذلان والتراجع بأسلوب مختلف يقلل من تأثيرها ويزيدنا خبرة وتعلما».
هكذا يرى الكاتب ان رحلته في هذا الكتاب مع شجرة السدرة قد جعلت منه إنسانا آخر، حيث تعلم من خلال كتابته كيف يرتب تجاربه وكيف يراجعها ويركز على ما تعلم منها بشكل كبير، وان يستمر ويركز أكثر فيحصل على نتائج أكثر.

ينقسم الكتاب الى 7 فصول رئيسية متسلسلة بالأحداث، فيما يندرج تحت الفصل الرابع منها 7 أبواب هي عبارة عن خطة من 7 مراحل مستوحاة من السدرة اتبعها الكاتب في رحلة التغيير.
في الفصل الأول يجيب حسين عن السؤال «لماذا شجرة السدرة؟» ويوضح لماذا لجأ الى المقارنة بين الإنسان والسدرة، «فرغم كل التحديات دائما ما تنمو السدرة غير آبهة بالمناخ أو الموقع أو أي شيء آخر»، وهكذا قرر تسمية موقعه الإلكتروني الذي ينوي إنشاءه «سدرة» وكذلك جاءته فكرة هذا الكتاب.
في الفصل الثاني يوضح كيف انه من وسط الألم يولد قرار التغيير، ويذكر كما بالفصل الأول الكثير من الأمثلة التي تؤيد هذه الفكرة، حيث كان رسوبه في الفصل الثالث الثانوي بداية التفكير في التغيير وكيف تأثر بأعمال ملهمة ككتاب باولو كويلو «فيرونيكا تقرر ان تموت» بعد أن وجد ظروف البطلة تتشابه مع ظروفه، وكذلك كتاب «لماذا أنا موجود على الأرض» لريك وارن الذي وقع تحت يده مصادفة في دبي ويتحدث عن ضرورة وكيفية تحديد الأهداف في الحياة، هذا فضلا على برنامج د.مريم نور ودعوتها للسلام و«عودة الإنسان لطبيعته التي لوثتها السنون».
كذلك اختلى حسين بنفسه واتجه لدراسة علوم الطاقة الحيوية (الريكي) والتنويم الإيحائي والعلاج بخط الزمن وكيفية معالجة الفوبيا أو المخاوف المرضية مثل الخوف من الطائرة والحيوانات والقبو والإبر وغيرها.
ثم في الفصل الثالث يتحدث عن بذرة التغيير وكيف كانت هي سفره للمرة الأولى الى بريطانيا بمفرده وكان هناك صوت في داخله يدعوه لرؤية العالم من منظور آخر.
بعد بذر البذرة يحين وقت العمل وهو هنا وضع خطة التغيير، هذا ما يذكره حسين في الفصل الرابع، حيث بدأ وضع جدول سنوي للقراءة والتغيير من خلال هذا الفصل يتطرق ايضا الى خطوات التغيير التي أولاها تحديد الهوية ثم تحديد الصورة الذهنية وبعد ذلك يأتي الحديث عن منطقة الراحة وكيف تتباين أسباب ومبررات الشعور بالراحة من شخص لآخر.
في الباب الرابع من الفصل الرابع هناك حديث عن مبدأ التوازن وهو هنا يمثل له بأغصان الشجرة وكيفية توزيعها. الباب الخامس يركز على «التحديات» وكيفية التغلب عليها والمثال ممتد عن السدرة ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
في الباب السادس خطة «لا اسمع لا أرى لا أتكلم»، وكيف كانت الرسالة التي تلقاها من خلال تمثال غريب وسط تماثيل فرعونية في أحد المحال بالعاصمة المصرية.
العطاء والشخص المعطاء والشعور بالرضا محور الباب السابع من الفصل الرابع من الكتاب.
في الفصل الخامس يربط بين موت السدرة وتوقفها عن العطاء من خلال إنتاج الأوراق والثمار.
ينسحب ذلك بطبيعة الحال على الإنسان، فعندما يتوقف عن تمرين عقله وتغذيته بالعلوم فإنه يعيش جسدا بلا روح أو عقل.
في الفصل السادس يتحدث حسين عما تتركه السدرة في الحياة بعد موتها ومن خلالها يرى ضرورة ان يترك المرء بصمة وأثرا في الحياة.
في لمحة موحية عنون الكاتب الفصل الأخير من كتابه «البداية» آملا ان تكون مع نهاية الكتابة بداية فكر جديد وانطلاقة جديدة للقارئ وقرارات جديدة.
أخيرا، لابد من التنويه الى انه شاب الكاتب وجود عدد من الأخطاء اللغوية نحويا وإملائيا بين سطوره وهو ما تعهد الكاتب بمعالجته في الطبعة الثانية.

مقتطفات من الكتاب

- «كن كالسدرة لا تتحول من بذرة لشجرة بل تبدأ بنمو الجذور وتقاسي وتنمو حتى تصبح شجرة فتعطي ثمارا وأكسجين.. فوائد عدة..».

- «كن كالسدرة.. لا تبالي ان غرست في بيت الفقر والحاجة وتبالي ان غرست في قصور الأغنياء والترف.. ستظل سدرة تقاوم الحياة فتنتج.. تحيا فتعيش».

- «حكمك المسبق على الأشياء يفقد الحياة معناها الجميل.. فلو كل تجربة حكمت عليها من كلام الناس والمجتمع فلن تخوض التجارب والمغامرات التي هي تصقلك».

حول الموقع

سام برس