بقلم / ابراهيم المعلمي
إلى متى سيستمر هذا العدوان الغاشم وإلى أي مدى سيذهب أمراء الحرب في تدمير اليمن والعصف بأبنائه وقتل أطفاله ونسائه واستباحة حرماته؟..
أين كان هذا الحقد الدفين ومن أين جاءت هذه الكراهية الشديدة التي تنفثها نيران الصواريخ الأمريكية الخليجية لتحرق الأرض اليمنية وتسفك دماء اليمنيين دون رحمة ودون وازع من أخلاق أو دين أو ضمير؟

هذا العدوان الشرس والهمجي الذي يمعن في قتل اليمنيين وإبادتهم وتدمير كل منشآتهم المدنية والعسكرية على امتداد وطول وعرض الوطن اليمني، بمدنه وريفه وجباله وسهوله وقفاره وصحاريه، يتجاوز بكثير كل الذرائع والمبررات المعلنة لهذا العدوان ويدعو إلى التساؤل حول أسباب ودواعي هذا الحشد العسكري الهائل وحجم الدمار الذي تحدثه هذه الحملة العدوانية الشاملة، التي لا يمكن لأي عاقل أن يستوعبها، إلاَّ على النحو الذي يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأنها تهدف في مستواها الدولي العام إلى تدمير الجيش اليمني والبنى التحتية للمؤسسة العسكرية والأمنية، استكمالا للمخطط الأمريكي الذي بدأ بإسقاط الدولة العراقية ومسح جيشها من الوجود وهو نفس المخطط المتعثر في سوريا ونفس الامتداد في ليبيا وللأسف بأيد عربية وبمال النفط العربي، بغرض إعادة تشكيل الخارطة الجيوسياسية للمنطقة وفق مضمون الشرق الأوسط الجديد الذي أفصحت عنه الإدارة الأمريكية منذ سنين وتسعى إلى تحقيقه الآن عبر الدمار والدماء وبهذه الفوضى غير الخلاقة وغير الأخلاقية التي ينفذها العرب بأيديهم وبأموال شعوبهم.

كما يهدف هذا العدوان على المستوى الخاص، إلى إعادة ترتيب مراكز النفوذ الخارجي في اليمن بعد أن انتهت صلاحية وفعالية رموزه القديمة التي سقطت بفعل المتغيرات التي شهدها الوطن، وأرادوا بها سحراً، فإذا به ينقلب على الساحر، ولما فشلت كل محاولاتهم لإعادة السيطرة، بإذكاء الصراع وتكريس الشقاق وإشعال الفتن الطائفية والمذهبية والمناطقية، بفعل الوعي الاجتماعي والشعبي اليمني، فقدوا صوابهم وانزلقوا في أتون مغامرة خطيرة غير مسبوقة وغير محسوبة، بإعلان حملة العصف وشن عدوان سافر على اليمن وشعبه، بوعي أو بدون وعي، لعواقب هذا العدوان وتبعات هذا التدمير الممنهج لدولة وجيش ومقدرات وطن وشعب جار وشقيق ولا يدركون حجم الآثار الوخيمة المترتبة على هذه الحرب الشرسة وهذا الفعل الجسيم، على بلدان الخليج والمنطقة وعلى شعوب هذه الدول الجارة وشعوبها الشقيقة، على المدى القريب والبعيد.

بينما ينشغل المعتدون في تضليل الرأي العام العربي والعالمي عبر ترويج الادعاءات التي تبثها الاستخبارات الأمريكية بخصوص النفوذ الإيراني في اليمن وخطر جماعة الحوثيين الذي يهدد أمن الخليج والأمن القومي العربي، وهم أنفسهم يعلمون أنها أكاذيب مفضوحة وذرائع لا تنطلي على أحد، ونحن نعلم كما يعلمون وتعلم دوائر الاستخبارات الأمريكية والغربية أن هذه الادعاءات مجرد أكذوبة كبيرة وخدعة ساذجة يعتقدون أن بالإمكان تمريرها على الشعوب العربية وعلى شعوبهم بوجه خاص.
فالولايات المتحدة لا يعنيها اليمن ولا تعنيها إيران، إلاَّ بما يحمي مصالحها في المنطقة وضمان سيطرتها على منابع النفط وتوفير الحماية لإسرائيل، وهي في هذه الأثناء التي يقصف حلفاؤها في السعودية والخليج أرضنا وشعبنا، يجلس قادتها مع نظرائهم الإيرانيين على طاولة واحدة في سويسرا، يحتسون القهوة معا ويتبادلون الأحاديث الودية عقب التوقيع على اتفاق حول برنامج إيران النووي واقتسام المصالح وتوزيع مناطق النفوذ.

وقد نجح الطرفان في استغلال موضوع الحرب على اليمن وتوظيف قضية "الحوثيين" كعنصر جديد يضاف لملف التفاوض بين الطرفين، فبينما يقول الأمريكيون إن الحركة الحوثية ذراع إيران في جنوب الجزيرة، لا يخفي الإيرانيون غبطتهم من هذا الادعاء لإيهام الأمريكيين بتهديد مصالحهم في المنطقة ولتخويف الخليجيين وابتزازهم والحصول على المزيد من المكاسب وتحسين شروط التفاوض، فاليمن ليست أولوية إيرانية ولا تمثل أهمية استراتيجية أو حيوية لإيران،كأهمية العراق وسوريا، على الأقل في الوقت الراهن.

وما تروج له وسائل إعلام الحرب ومن معها من الخونة المأجورين عن أن هذا العدوان يهدف إلى "تحقيق الأمن والاستقرار"في اليمن وينطلق من "الحرص على الشعب اليمني وتقدمه وازدهاره"، أمر يدعو إلى الضحك والسخرية، فطائراتهم تجلب الموت والدمار وصواريخهم تحرص على بعثرة جثث وأشلاء ضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء والمدنيين العزل.

وكل هذه المحن السياسية والاقتصادية والعسكرية ليست إلا نتاج سياسات السيطرة والهيمنة والتركيع والإذلال التي مارسها "الأشقاء" في اليمن خلال عقود من الزمن عبر أذنابه المحليين بكل أطيافهم وأشكالهم وتوجهاتهم المختلفة، سواء كانوا حكاماً في السلطة أو أذيالاً في المعارضة..وهؤلاء الذين يتصدرون المشهد السياسي اليمني اليوم وينصبون أنفسهم أوصياء على الشعب ويتحدثون باسمه، هم من أذلوا شعبهم وتآمروا على وطنهم وارتضوا لأنفسهم أن يكونوا مطايا لتدمير بلدهم وقتل مواطنيهم بعد أن جروا البلاد إلى ما وصلت إليه اليوم، بل أنهم لم يخجلوا من أنفسهم ولا من شعبهم حين تجرأوا على استدعاء العدوان الخارجي المجنون ليعصف بالوطن ويستبيح سيادته ويحرق أرضه ويسفك دماء أبنائه.

وهم يتباكون اليوم على ما يسمونه "الشرعية"، بعد أن خانوا شرعية الوطن وسمحوا لأنفسهم بأن يكونوا أدوات طيعة للمتربصين بأمن واستقرار الوطن وحرية شعبه وكرامة أهله..ولا يدركون أو أنهم يتجاهلون حجم الفعلة التي أقدموا عليها وهول الكارثة التي تسببوا بها وأنه لا شرعية لمن يستدعي جيوش العالم لغزو وطنه وقتل أبناء جلدته ولن يجد موطئ قدم على أرض هذا الوطن العزيز وترابه الغالي.

حول الموقع

سام برس