احمد عبدالله الشاوش
تقول العرب أول الحرب كلام، فعل ورد فعل ناتج عن حماقة وقابل للاشتعال في ظل عدم الصبر، وغياب الاتزان ورجاحة العقل وتقدير العواقب وغياب الحكمة وسرعان ما تقرع طبول الحرب والإعلام مسعرها، والشواهدالتاريخية المحزنة لا تعد ولا تحصى، وما داحس والغبراءوحرب البسوس وحرب الخليج الأولى والثانية إلا صورة من الصور المأساوية التي مازال صداها في الآذان وغبارها في صفحات التاريخ.

وفي هذا العصر الحديث ،عصر التكنولوجيا صارت وسائل التواصل والاتصال المرئية والمسموعة والمقروءة والمواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي أجهزة حرب وأشبه بأسلحة الدمار وسباقة إلى دق طبول الحرب، بعد أن راهنت الدول العظمى والغنية على أهمية وخطورة هذه الوسائل الفتاكة التي تدمر النفس البشرية وتجعلها أسيرة لرؤاها وأطروحاتها الزائفة، بل ينظر إليها البعض بأنها لا تقل دماراً عن الأسلحة الثقيلة أو تفوقها من حيث التهيئة للحروب والتبرير للعدوان والتسويق للتضليل قبل الحروب وأثنائها وبعدها بما تنشره من أخبار وشائعات ،دعايات واستقطاب محللين وماترسمه من خطط وبرامج من شأنها قولبت الرأي العام والسيطرة على اسماع وأبصار وعقول الكثير من المشاهدين والقراء المتلقين للرسالة الإعلامية>

ويتجلى ذلك من خلال ما توفره تلك الدول من استديوهات ضخمة وبرامج يدس فيها السم في العسل وما ترصده من فنيين وإعلاميين يفبركون بعض المشاهد والعمليات محولين النصر إلى هزيمة والهزيمة إلى نصر إعلامي من خلال التلاعب بالصورة والمشاهد عبر استخدام بعض المؤثرات والفلاتر والكاميرات الحديثة والتقارير الزائفةوالمحللين لأن ذوي الدفع المسبق لإنتاج مشهد أومشاهد مضللة للرأي العام والإيحاء للمشاهد بأنها حقيقة من أرض المعركة وبؤر التوتر وما قنوات " العربية والحدث والجزيرة " واخواتها إلا نموذجاً لدق طبول الحرب ووصمة عار في جبين السلطة الرابعة وحالة من حالات السقوط الأخلاقي والمهني التي كانت سبباً في تأزيم الأوضاع والتبرير والتسويق للعدوان تحت يافطة التميز والريادة ورغم ذلك إلا أن هناك بعض وسائل الإعلام الشريفة والقنوات المتميزة التي حافظت على اتزانها في سوق النخاسة الإعلامي، بما تقدمه من برامج أقرب إلى التميز رغم إمكانياتهاالمتواضعة، وتمثل الوجه الآخر للكلمة الصادقة والأسلوب الهادئ بعيداً عن الإثارة والمتاجرة بأرواح البشر وتمثل بأرقة أمل في زمن الإعلام المتوحش.
shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس