بقلم / علي بارجاء
لقد حدث ما كان الجميع يحذرون منه ويخشونه، لو عدنا إلى كل ما نشر في الصحافة اليمنية، وما قيل في برامج الفضائيات اليمنية منذ بداية ما يسمى بالربيع اليمني حتى اندلاع المواجهات العسكرية؛ لوجدنا أن ثمة إجماعاً على ضرورة أن تلتقي كل الأطراف السياسية المتصارعة على السلطة في اليمن على طاولة الحوار، وأن تتفق على ميثاق شرف يجنب البلاد والعباد العواقب الوخيمة.

كان الجميع يحذر من جر الوطن إلى طريق مسدود، وسلوك الطريق نفسها التي سلكها الفرقاء في العراق وسوريا وليبيا، ومن قبلها الصومال، وكم كنا نسمع الساسة وهم يشيرون إلى العرقنة والصوملة، كنموذجين سيئين للصراع الذي يوصل إلى الحرب.
كنا نقول أن أهل اليمن أهل إيمان وحكمة، وإنهم لا يمكن أن يكونوا إلا نموذجا إيجابيا في إدارة حكيمة للصراع، بالجلوس على طاولة الحوار، إخوة متكافئين، منطلقين من وطنيتهم وحرصهم على سلامة الوطن، وحفاظا على كل المكتسبات التي شارك الجميع في تحقيقها خلال سنوات طوال.

بهذه الروح وافقت جميع القوى السياسية على المبادرة الخليجية، وعلى الدخول في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ثم تراضوا على اتفاق السلم والشراكة، ولكن لأنه لا يراد لليمن أن تعيش في سلام؛ فقد ذهبت كل الجهود السابقة هباء منثورا، وكأن شيئا لم يكن، بل كأن اليمنيون لا يحترمون اتفاقاتهم وعهودهم ومواثيقهم.
المواطن اليمني لا يعلم بحقيقة ما يحدث في غرف الاتفاقات المغلقة بين الأطراف المتحاورة، والإعلام ليس أميناً في نقل الحقيقة، ليس لأنه ليس إعلاما مهنيا، بل لأنه غير محايد؛ ولذا فالمواطن لا يعلم من هي الأطراف الصادقة في نواياها للوصول إلى اتفاق يخرج اليمن إلى بر الأمان، ومن هي الأطراف التي تعرقل الوصول إلى أي اتفاق.

إن ما وصل إليه اليمن من حرب في نظر المواطن الذي يقف في الحياد من الجميع تتحمل مسؤليتها كل الأطراف، لأنهم فشلوا في الوصول إلى الحل؛ وعليهم جميعا تقع مسؤوليتا إيقاف هذه الحرب الظالمة التي لم يتضرر منها غير الوطن والمواطن، فلمصلحة من هذا الدمار الذي يطال البنية التحتية؟ ولمصلحة من تزهق الأرواح في المدن الذي تدور على أرضها هذه الحرب؟
كل يمني مدعو لاستنكار ما يحدث، والوقوف مع مصلحة الوطن والمواطن، وما يقوله المتحدثون في القنوات المختلفة لا يدعو إلا إلى تأجيج نار الفتنة، وإذكاء لهيب الحرب، لمزيد من الموت والدمار.

وهكذا هي الحرب أولها كلام، حري بهؤلاء المتحدثيه أن يكونوا دعاة سلام، ودعاة صلح، حتى لا تنقطع الشعرة، إذا ظل كل يشد إليه طرفها.
إن القبول اليوم بمبادرة للوصول إلى إيقاف الحرب هو الحكمة بعينها، لأن التوقف عن الدمار وإزهاق الأرواح هو ما ينبغي أن يحدث أولا، وسيكون لهذا أثره الإيجابي في النفوس، وسلامة الوطن والمواطن يعد نصرا للحياة وللإنسان وللبناء.
حافظوا أيها اليمنيون على وطنكم وأهلكم فأنتم إخوة، دعوا كل شيء جانبا وفكروا أن هذه الحرب لن تجنوا من ورائها غير الخسران، وإن إيقافها بأيديكم، وحل الأزمة بأيديكم.

حول الموقع

سام برس