بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
خلاصة الخلاصة أن الاتفاق ” النووي ” الإيراني الذي تم ابرامه في “فينا” مع المجتمع الدولي يوم الرابع عشر من يوليو 2015م ، يوماً تاريخياً بكل ما تعنيه الكلمة للشعب الإيراني ، ونتيجة طبيعية لسنوات من النضال والكفاح والصبر والثبات وصمود ” العقل ” الإيراني المبدع ، ونتاج للثقافة والمعرفة الكبيرة الناتجة عن الإرث التاريخي الضارب في جذور التاريخ ، مما أوجب على القيادة الإيرانية تحمل المسؤولية الوطنية والمسارعة في تأسيس ووضع اللبنات الأولى ” للحلم ” الإيراني للولوج الى العالم ” النووي ” من خلال تبني استراتيجية صادقة ورؤية متحررة واضحة المعالم في بناء ” مركز للأبحاث ” وايمانها المطلق بأن ” العلم ” هو المفتاح الحقيقي للدخول الى عالم البناء والتنمية ومواكبة التطور وحماية شعبها وسيادتها الوطنية وقيمها من خلال عصر التوازن والقوة.

ورغم الانتصار العظيم للجمهورية الإيرانية الإسلامية والفرحة الكبرى التي ملاْت قلوب الشعب الإيراني في مشارق الأرض ومغاربها وفرحة للمسلمين المعتدلين بهذا الإنجاز الكبير ، إلا ان التوصل الى ” الاتفاق ” النووي مثل صدمة كبيرة لدولتي إسرائيل وزلزالاً هز العرش السعودي باتفاق ” السلام ” الذي أدخل النظام السعودي في حالة اشبه بالغيبوبة وترنح دول الخليج .. التي غرقت في حالة من الحقد والكراهية والتخوف والتآمر الغير مبرر والتكفير عن الخطايا .

والمثير للعجب والدهشة أن ايران دخلت القرن العشرين بالثور والمحراث الخشبي وأنهته بمعامل الصلب والحديد وبرنامج ” نووي ” أثار الذعر والرعب لدى الكثير من الدول الفاشلة ، وأحدث نقلة دراماتيكية كانت بمثابة المحرك والدافع الأساسي لهذ التحول ناتج عن الحكومة المركزية التي أنتجت جيش كبير على درجة عالية من الكفاءة والقدرات الدفاعية والارتقاء بالمستوى المعيشي وتشجيع الالتحاق بالجامعات والمعاهد والاهتمام بالخدمات وإيجاد تنمية حقيقية في خدمة سكانها البالغ سبعين مليون رغم المعوقات والحصار الدولي .

كما ان الثروة النفطية والغازية جعلتها من اكبر المصدرين للنفط ، وثاني أكبر منتج بما تملكه من احتياطي بوأها المرتبة الثانية تقريباً استغلته في العديد من الاستثمارات والصناعات وتأهيل العقول .. مما أهلها الى دخول ” القرن الواحد والعشرين ” كقوة إقليمية رئيسية في الخليج العربي والشرق الأوسط ومحل تقدير الدول العظمى رغم التباينات السياسية ، ورغم حرب الخليج الأولى التي استمرت ثمان سنوات وقتلت وشردت مئات الالاف بين ايران والعراق وأكلت الأخضر واليابس واثارها المدمرة على البلدين الا ان الإيرانيين عملوا على إزالة اثار الحرب ونهضوا بسرعة ” البرق ” وكانت العين الأخرى على نجاح البرنامج النووي .

وبهذا الانتصار العظيم والانجاز الكبير والرؤية الناضجة والسياسة البراغماتية التي مكنتها من إدارة المفاوضات المضنية والمحادثات الشاقة بكل اقتدار ومارافق ذلك من حملات إعلامية ظالمة ودعايات مغرضة وصبر طويل ومعاناة اكبر مكنت الشعب الإيراني من تحقيق ” احلامة ” بالتوصل الى اتفاق ” فينا” التاريخي وسط زخم كبير وطموح بلاحدود حققته الجمهورية الإيرانية الإسلامية بعد معارك سياسية شرسة وعواصف عاتية ومعوقات كبيرة وعقوبات ظالمة في شتى مرافق الحياة الإنسانية وحصار خانق دام أكثر من عشر سنوات وتجميد ومصادرة أموالها وشراء الذمم ، ورغم كل لك الطغيان لم يركع الشعب الإيراني ولم يضعف المفاوضون ولم ترتعش قيادته ” القدوة ” رغم العديد من المحاولات والاغراءات التي حاولت أن تجهز على ذبح المشروع النووي الإيراني وتدمير حلم ايران الذي بني بسواعد ابناءه وخبراته واقتطع من قُوته وعرقه ودمه .

واخيراً نأمل من مصر الكنانة وكافة قيادات العالم العربي والإسلامي أن تغرد في سماء ” العلم ” وان تتبنى استراتيجية حقيقية مهما كانت الصعاب و المعوقات بعيداً عن اللهو الاسترخاء والتآمر وقمع الشعوب لتعويض مافات والانطلاق نحو اعصر النووي السلمي خدمة لشعوبها وبلدانها.

shawish22@gmail.com
نقلٱ عن موقع رأي اليوم

حول الموقع

سام برس