بقلم / رجاء حمود الإرياني
تناولت قلمي ؛ وحاولت أن أخط به تهنئة بخواتم الشهر الفضيل وبعيد الفطر للقراء الأعزاء، فإذا بالقلم لم يكن كعادته معي مطيعا، ومساعدا، بل أحسست به يتمرد علي، ويأبى أن يكتب ما يمليه عليه عقلي وفكري، ويعلن عصيانه لأوامري، وسمعت صرخات تصدر من أعماقه مطالبة إياي ألا أكتب تهنئة، بل أجعلها لمسات، أرادها أن تكون لمسات معطرة بنفحات رمضان، وأن يكون مدادها حباً يملأ القلب والوجدان .

فاستجبت لمطلبه وتركت له العنان ليخط ما بدا له، فإذا هي كلمات تخرج من القلب فلعلها أن تعبر الآذان لتستقر في القلوب والوجدان.
* اللمسة الأولى : إلى كل من يحمل هم الوطن الحبيب
برغم كل ما يحيط بيمننا الحبيب من المآسي، من جراء العدوان الهمجي الغاشم الذي تشنه دول التحالف بقيادة المملكة السعودية وما خلفه العدوان، من خراب ودمار وقتل ناهيك عن ما خلفه من حالات مرضية عديدة ناتجة عن الهلع من القصف المتواصل، وتفاقم معاناة الشعب نتيجة الوضع الاقتصادي الذي يمر به اليمن حتى وصل عدد النازحين إلى عشرات الآلاف يعيشون وضعاً إنسانياً صعباً للغاية ".ولكن وبالرغم من ذلك كله سنبتسم !.

وبالرغم من أننا نرى ارتفاع معدلات الفقر، وكذلك ارتفاع الأسعار وبرغم هذه الشهور العجاف التي تحصد العشرات بل المئات من أبناء الوطن والتي تسعى إلى تجويع أبناء الشعب وقتل الأبرياء من أبنائه، لكننا أيضا سنبتسم !.
وبرغم تباطؤ النصر الذي طال انتظارنا له، حتى أصبح الناس يتساءلون " متى نصر الله " ؟ إلا أننا سنبتسم وتملأنا الثقة بأن نصر الله قريب .
سنبتسم؛ لأنه عيد الفطر، يوم توزع فيه الجوائز من رب العباد على من أحسن الصيام والقيام .

سنبتسم ؛ فلربما تولِّد فينا البسمة أملاً يدفعنا إلى العمل .
سنبتسم حتى لا يدب اليأس إلى قلوبنا، لأن المؤمن لا يجد اليأس إلى قلبه سبيلا لأنه يعلم أن القرآن يضع اليأس في مرتبة الكفر "لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"، ويجعل القنوط دليلا على الضلال . قال تعالى: "وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ".

* اللمسة الثانية: لكل الباحثين عن مجالات الخير..
ابحثوا عن اليتامى الذين فقدوا أهلهم أثناء قصف العدوان السعودي الغاشم والذين أصبحوا لا عائل لهم وخففوا عنهم وواسوهم في يوم العيد وتلمسوا أحوال الفقراء والمساكين والنازحين وقدموا لهم ما يمنعهم من السؤال ويغنيهم عن الطلب، فبذلك أمرنا الله تعالى "فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".
ولنمد جسور التواصل مع جيراننا في أيام العيد، ولنكن من خير الجيران.

اجعلوا من أيام العيد فرصة لعودة الصلات مع الأهل التي طالما تاهت في غيابة الزمن.
ولنشارك في رسم البسمة على وجوه أصحاب الابتلاءات
* اللمسة الثالثة : لكل الأحباب.

على مدى شهر كامل كنا نصوم سويا من طلوع الفجر وحتى أذان المغرب، تدربنا لمدة شهر على الوحدة، فلنجعل من حياتنا بعد رمضان ليس فيها خلاف أو تشرذم، ويكفي ما نحن فيه من الضياع والتيه بسبب الاختلاف والتفرق ولنتأمل قول الله تعالى : "وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ". ولنبتعد عن الضغائن، ونهتم بإصلاح ذات البين، ولنجتهد في عملنا، ونتقن صناعتنا، ولنتواصى بيننا بالحق والصبر، ولنضع نصب أعيننا قول الله تبارك وتعالى: "وَالْعَصْرِ(1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ(2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ(3) ".

وليكن العيد بداية فرحة حقيقية لنا بالعمل لدين الله، ولكن وفق المنهج النبوي، ونقطة انطلاق لبلدنا نحو الريادة، والسير بوطننا وشعبنا نحو الصدارة، وعزم أكيد على النهوض من كبوتنا، حتى نسود العالم كما كنا من قبل .
وكل عام والجميع بخير .

حول الموقع

سام برس