سام برس
فيلم عن المجتمع الجزائري. جملة تكفي المشاهدين كي يعرفون محتوى فيلم “مدام كوراج” للمخرج الجزائري المعروف جدا مرزاق علواش، والمشارك في المسابقة الرسمية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي. إلا أن الشغف بأعمال المخرج السابقة المهمة، جعلت جمهور المهرجان يقبلون على مشاهدته سواء في عرضه باليوم الثاني بالمسرح الكبير بدار الأوبرا، أو في يوم الإعادة (الثالث) بسينما مركز الإبداع الفني.

بالفعل مجرد ذكر اسم علواش كان كفيلا بمشاهدته، فهو صانع أهم ١٨ فيلما في تاريخ السينما الجزائرية منذ عام ١٩٧٦، بداية منذ “عمر قتلتو الرجولة” الذي حصد الجائزة الفضية في مهرجان موسكو (١٩٧٦)، وكذلك هو صانع “مرحبا ابن العم” الذي نافس على جائزة الأوسكار كأحسن فيلم أجنبي عام ١٩٩٦، بينما فاز فيلمه “نورمال” بجائزة أفضل فيلم بمهرجان تريبيكا عام ٢٠١١، وعُرض فيلمه “التائبون” بقسم نصف شهر المخرجين بمهرجان كان السينمائي الدولي عام ٢٠١٢.

يتحدث الفيلم ببساطة شديدة عن الفتى عمر، غير المتزن، والذي يدمن الحبوب المخدرة والمسماة بـ”مدام كوراج”، فنراه في بداية الفيلم يهرول في شوارع الجزائر، حتى يجد جمعًا من الفتيات صغيرات السن، فيهاجم إحداهن ويسرق “سلسلة ذهبية” كانت في رقبتها.

عمر محترف في سرقة السيدات والفتيات، سواء كانت المسروقات مصوغات ذهبية، أو حقائب يد، ليستخدم ما يتحصل عليه من أموال لشراء حبوب الهلوسة.

ووسط بكاء الفتاة “سلمى” الشديد وتهدئة صديقاتها لها، يظهر عمر من جديد لينظر إلى الفتاة بنظرات غير مفهومة، ثم يهرب، وبعد أن تتركها الفتيات يسير وراءها، ويعطيها “السلسلة” التي سرقها منها.

تحولت نظراته غير المفهومة إلى نظرات شغف وحب، ثم تحولت مع مجريات أحداث الفيلم إلى عشق، حيث كان يذهب ليلا أمام بيتها ينتظر منها أن تطل، حتى بعد معرفة أخيها بذلك، وحتى بعدما ضربه وأهانه وقبض عليه.

عمر يسكن بيتا من الصفيح، نرى فيه أمه وهي دائمة السماع إلى الخطب والمواعظ الدينية، كما نرى أخته التي تبيع جسدها مقابل المال.

عمر عنيف جدا، حتى في حبه. فهو يصعد وراء حبيبته الصغيرة سلم بيتها حتى يزيح عن رأسها الحجاب ليتلمس شعرها بقوة وعنف.

هو يصرخ بقوة دون أن يتفوه بكلمة واحدة أمام بيتها ويلعب بالموتوسيكل ويشعل الشماريخ والصواريخ لمجرد لفت نظرها.

عمر عنيف جدا، فلم يروقه مشهد أخته والجروح تملأ وجهها بعد أن ضربها القواد الذي يسرحها في أحضان الرجال، فيذهب إلى الرجل يضربه بسكين اشتراه بأموال سلسلة ذهبية باعها لأحد الرجال المنتشرين في الشوارع.

عمر نطق بكلمات معدودة جدا في الفيلم كله، برغم ظهوره في أكثر مشاهد الفيلم، وهو أحد أربعة أمور تململ منها جمهور الفيلم، حيث غابت الموسيقى التصويرية عن العمل تماما، فضلا عن الزيادة الشديدة في المشاهد المظلمة، والتطويل غير المحمود في بعض لقطات الفيلم.

الجزائر كما قدمها علواش تعاني من الفقر، فالزبالة في كل مكان بالشوارع، حتى أنه حرص كثيرا على ظهور بطله “عمر” وهو ينتظر أمام منزل محبوبته “سلمى” إلى جوار كوم كبير من القمامة.

الجزائر كما قدمها علواش تعاني من الجهل والتناقض، فبطل الفيلم غير متعلم، وأمه غارقة في غيبوبة الاستماع إلى الخطب الدينية على الرغم من معرفتها بسلوك ابنها وابنتها.

الجزائر كما قدمها علواش تعاني من الغيبوبة بفعل حبوب “مدام كوراج”.

حول الموقع

سام برس