د. عادل الشجاع
قال المسيح عليه السلام لمجموعة من القوم احتشدوا لرمي زانية "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"، فتراجع القوم ووضعوا الحجارة جانباً وغادروا المكان.. ونحن نقول لكل أطراف الصراع في صعدة: الكل مذنب باختلاف الدرجات، ولقد حان الوقت للملمة الأوراق والعودة إلى طاولة رسم المستقبل والانطلاق من الواقعية والعقلانية.. إن إحراق صعدة خيار يجب إسقاطه قبل أن نقضي على ما تبقى من توازن نفسي لدى الناس.
ولست بحاجة للقول إن جميع الأطراف متورطة، تتسع حلقة التوريط من تجار المخدرات إلى تجار السلاح إلى جميع المتورطين في قضية صعدة الذين أثاروا زوابع رملية أعمت البصر وأوقعوا المدنيين الأبرياء تحت التهجير والتدمير.. كل الأحزاب السياسية ومعهم جماعة الحوثي قد ساهموا مباشرة أو بالنيابة، أو حتى بالوكالة، كلهم مذنبون يتحمل كلُّ طرف منهم جزءاً من مسئولية الورطة.. الحوثي استدرج الجيش، والإصلاح ورط المؤتمر، والاشتراكي ورط الإصلاح والمؤتمر تحت وهم الانتقام منهما بسبب حرب صيف 1994م.. السعودية ورطت اليمن عندما أوحت للقبائل بدخول المعركة من أجل استنزاف البلد واستنزاف الحوثيين.. الحوثي ورط البلد في حمام دم امتد إلى خمس محافظات أخرى، وأكثر من عشرات الحروب الجانبية مع القبائل وليس مع الدولة.. إيران هي الأخرى جعلت من اليمن ساحة لإنهاك متبادل بين السلفيين والحوثيين.. الصراع السعودي الإيراني جعل من اليمن ساحة لمعركة لا شأن لليمنيين بها أساساً، لأن الأكثرية الساحقة من اليمنيين لا يربطهما خيط واحد مع إيران أو السعودية.
المطلوب الآن رفض الحرب.. وهذا قرار لا يتخذه الحوثيون والسلفيون والإصلاحيون وحدهم، وإنما يتخذه اللاعبون الذين يحاربون عبر الوكلاء.. يجب على الفرقاء عدم التلكؤ في المضي نحو الحل.. كفى توريط اليمن في حرب ضحاياها مدنيون من رجال ونساء وأطفال.
نحتاج في الوقت الراهن إلى لملمة الأوراق وتبني استراتيجية واضحة المعالم تقوم على الحل السلمي بعيداً عن معادلة التلاعب. ومن الأفضل لجماعة الحوثي أو أنصار الله أن تتحول إلى لاعب سياسي له مكانته، بدلاً من التذرُّع بالدين والعداء المجاني للولايات المتحدة الأمريكية.
وفي هذا المنعطف ليس من مصلحة أنصار الله تهميش أو تعطيل مؤسسات الدولة في صعدة، وليس في مصلحتهم فسح المجال لملفات ضدهم.. إذا استمر الصراع في صعدة فسيفسح المجال لتفريخ الإرهاب ولن ينتصر أي طرف من الأطراف.. حان الوقت لسحب صعدة من الاستخدام كساحة للحرب والإنهاك وإعادتها إلى حظيرة الدولة.

حول الموقع

سام برس