جميل مفرح
أبلغ‮ ‬من ممل وأكثر من مقرف الحديث عن السياسة مالها وما عليها‮.. ‬ذلك ما‮ ‬غدا ويغدو عليه الحال بالنسبة للإنسان اليمني‮ ‬كمتلقٍ‮ ‬يخصه ويعنيه بالدرجة الأولى ما جرى ويجري‮ ‬على ساحته الوطنية‮!!‬حتى‮ ‬غدت تلك المجريات وإن كانت من الأهمية بمكان لا تعدو في‮ ‬انطباعه عن كونها وجع راس وحريق دم كما‮ ‬يحلو لكثيرين الوصف إن لزم
تعليق أو إبداء رأي‮ ‬لضرورة ما‮..‬ترى ما الذي‮ ‬يحدث؟‮!سياسة؟‮!‬ألم‮ ‬يعد البشر بشراً‮ ‬أم أنها السياسة لم تعد هذا التساؤل‮ ‬يطرح نفسه بقوة حين تتأمل هذه
حالة التي‮ ‬أصبحت تغش المواطن اليمني‮ ‬أو على الأصح المواطن العربي‮ ‬عموما‮.. ‬وأكثر من سيحاول التدبر معي‮ ‬في‮ ‬هذا التساؤل لاشك سيكونون أميل إلى الخيار الثاني‮ ‬لم تعد السياسة سياسة مع أن الأصح هو الخيار الأول لم‮ ‬يعد البشر بشراً‮.‬وذلك بالطبع لأن الإنسان هو المؤثر
والمتأثر والفاعل والمتفاعل بينما لا‮ ‬ينطبق ولا‮ ‬ينسجم معها سوى كونها فقط متأثرا ومتفاعلا لا مؤثرا ولا فاعلا باعتبارها جزءاً‮ ‬من فعله ونشاطه‮.‬
والذي‮ ‬أود الإشارة إليه هنا والحديث بشأن هو تقييم سلوك الإنسان والتأكيد على أن المنحنى الذي‮ ‬يمر به في‮ ‬الوقت الراهن‮ ‬يشير إلى هبوط انتكاسي‮ ‬ملحوظ ومؤثر‮ ‬يدل بالضرورة على تخلف فكري‮ ‬قيمي‮ ‬لدى الإنسان العربي‮ ‬الذي‮ ‬أعتقد ويعتقد أن المعاصرة والتجديد والانعتاق معانٍ‮ ‬تنحصر في‮ ‬الشكلي‮ ‬الظاهر من التفكير شأن ذلك شأن ما‮ ‬يمكن امتلاكه واقتناؤه من حاجات متعلقة بالملبس والمأكل والمشرب والآلة والوسيلة وغير ذلك من متعلقات العصر الجديد‮!!‬
والذي‮ ‬يتتبع ما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬الساحة العربية من قلاقل وارتباكات متتالية‮ ‬يدرك كم هو الإنسان العربي‮ ‬تائه مرتبك لا‮ ‬يدرك ما‮ ‬يريده أو‮ ‬يستهدفه،‮ ‬وبالتالي‮ ‬لا‮ ‬يدرك ما الذي‮ ‬يمارسه من فعل على الإطلاق ويتعامل مع المجريات وتأثره بها وتأثيره فيها كيفما اتفق‮.. ‬يؤمن بالتغيير إيمانا مطلقا ولكنه للأسف لا‮ ‬يدرك كيف‮ ‬يحدثه ولا كيف‮ ‬يتعامل معه بل إنه أكسل أو أبعد من أن‮ ‬يدرك أو حتى‮ ‬يتصور ما سيترتب عليه من نتائج وآثار‮!!‬
لهذا ولسوى هذا نجد هذا الإنسان محصورا بين حاصرتي‮ ‬الجهل والعمى أيا كان مستواه الثقافي‮ ‬والعلمي‮ ‬ويترتب على ذلك ما هو ملحوظ من انتكاسات وإخفاقات حتى في‮ ‬حالاتنا الثورية والتغييرية وذلك لأنها مبينة فقط على ظاهر الفكر والفعل وبعيدة كل البعد عن الجوهر الحقيقي‮ ‬لفكرة التغيير والثورة‮.‬
أصبحت الثورة في‮ ‬معناها المتناول اليوم فورة تغلي‮ ‬وتتدفق وحسب وينتج عن فورانها احتراق ما ومن حولها،‮ ‬وهذه النتيجة الحتمية الوحيدة التي‮ ‬يمكن توقعها بعد أي‮ ‬تحرك ثوري‮ ‬أو تغييري‮ ‬في‮ ‬الوطن العربي‮.‬
إن الإنسان العربي‮ ‬اليوم بحاجة إلى ثورة حقيقية ليس على نظام سياسي‮ ‬ما فما‮ ‬يزال الوقت مبكرا على ذلك وإنما ثورة على إنسانية الإنسان وسلوكه حتى‮ ‬يصبح عنصرا صالحا لقيادة ثورة وإجراء تغيير حقيقي‮ ‬فباعتقادي‮ ‬أن معنى الثورة لا‮ ‬ينحصر إطلاقا في‮ ‬قلع حاكم وتغيير نظام،‮ ‬علينا أولا أن نتعلم قيادة الطائرة وكيفية التعامل معها ومع ما حولها قبل أن نستبدل سياراتنا بطائرات وعلينا قبل كل ذلك أن نجري‮ ‬فحوصا دقيقة لأجسادنا وعقولنا وإلا فإن استبدال السيارة بطائرة سيغدو ضربا من السفه ونوعا من الجنون‮.

حول الموقع

سام برس