بقلم / عامر محمد الضبياني
قيل ان الحقد لا يضهر فجأة.. بل يحتاج لوقت طويل الى حد ما.. لصناعته في نفوس البشر وزرعه.. لأنه لا يصدر الا من داخل الإنسان.. وصميم مشاعره.. تلك المعبرة عن اتجاهاته وقيمه.. نحو موقف ما او جماعة او شخص.. فيا ترى كيف؟؟ ولماذا؟؟ يتم تشكيل هذا الاتجاه المثير للمخاوف.. والمهدد بوقوع كارثة.. قد تحل على جميع الأطراف يوما ما.. وليس ذلك اليوم ببعيد..

نعم فانا لست بعالم دين.. ولا كاهن.. لافتي، بقدر مانا باحث في مجال العلوم التربوية والنفسية وامتلك شيء يسير من العلم والمعرفة.. بالإضافة الى خبرتي المتواضعة في الحياة.. واطلاعي على اكبر قدر ممكن من التجارب.. عن طريق القراءة المتعمقة والواسعة، لاضعكم على ملامح الصورة.. علها ان تتوضح لكم.. او تاخذو منها ما يفيدكم في صلاح أموركم وإصلاح ذات بينكم.. قبل فوات الأوان.

يجمع علماء النفس.. ومؤسسي نظريات التعلم.. على ان الإنسان اذا اعتاد على أمر ما 40 يوما.. أصبحت لديه عادة سلوكية.. والعادات السلوكية أكثر رسوخا من مشاعر الحب والكره ووجهات النظر.. ويصعب جدا زوالها او تعديلها.. الا باستراتيجية جديدة.. تستهدف تلك العادة السلوكية التي تشكلت.. ولمدة لا تقل عن فترة تكوين العادة.. ان لم يحتاج ذلك بعض الأحيان الى أضعاف أضعاف الوقت المستغرق في تكوينها.

وهنا قد يتسأل الشخص لماذا نهانا ديننا الإسلامي الحنيف عن هجر بعضنا البعض فوق 3 ايام.. فعلا انه دين الحياة.. ولم يسن او يشرع الخالق حسب ما وصل الينا في كتابه المقدس او سنة نبيه.. الا ما فيه صلاح للأمة البشرية والحياة بشكل عام.. فمثلا فرض الله الصيام 30 يوما فالسنة، فلو كانت 40 يوم لتعود المسلم على الصيام.. ولا عيب في ذلك.. الا انه قد تختل الحياة.. بسبب انشغال العبد بالصيام طوال العام.

كذلك قال النبي صلوات ربي وسلامه عليه.. في معنى الحديث "من رأيتموه يصلي 40 يوما.. فاشهدو له بالصلاة"، وكذلك كانت عدة المرأة عند الطلاق او وفاة الزوج عنها في الإسلام أربعة شهر.. وهو ما يزيد عن اربعون يوما.. شرعت تلك الفترة لتكون كافية لتعديل سلوك المرأة للتخلص من عادة سلوكية مكتسبة نحو الزوج السابق.. والاستعداد لحياة جديدة مع شخص آخر وزوج جديد.

ما كان يجب عليا سرد كل ذلك من الادلة لاثبت لكم ان 40 يوم من المشاعر كفيلة بتكوين عادة سلوكية جديدة يصعب زوالها، ولكني قصدت إقناع القارئ لكي يستفيد من النصيحة.. والنصيحة مني سا اسردها عليكم في مجموعة من الجمل والعبارات التي سأحاول الإجتهاد فيها كذلك لتعم الفائدة.. فمن كان حريصا على علاقاته مع الآخرين.. وخصوصا الأقربين منهم.. فليجعل ما اتلوه عليه الان.. بمثابة خطوط عريضة يراجعها في كل وقت وحين.

اذا كان يهمك شخص ما.. فبادر الى بذل كل ما في وسعك للحفاظ عليه.. لا تصبر لظلم يقترفه في حقك.. كاشفه في الأمر.. حاول رفع يده عنك.. لا تسمح له ان يستمر في ذلك الظلم.. ان لم يكن خوفا عليك.. فخوفا عليه من العواقب التي قد تصاحب ذلك.. بسبب تكوين عادة سلوكية جديدة نحوه... قد تكون بمثابة حقد دفين.. او كبت قد ينفجر في أقرب لحظة.. وعندها لن تستطيع التحكم بمشاعرك.. وقد تؤذيه وتؤذي نفسك..

هذا ان كنت مظلوما.. اما ظالما.. فسارع الى تبديد مخاوف الآخرين منك.. وازل كل الشكوك التي تعتري الموقف.. في أسرع وقت.. لا تظلم وتخاصم.. لا تظلم وتجادل.. لا تظلم وتتهرب.. لا تتظلم وتتكبر.. فقد تحسب صمت الآخرين نحوك خوف، فيما هو حقد ينمو بداخلهم نحوك.. فلا تستغرب ان لم يصارحك احد.. لان لا احد يطيقك.. مهمتك هو ان تقتلع هذا الشيء قبل ان يكبر.. ويؤذيك.. لا تسمح لغرورك ان يكون هو سبب ضياعك ودمارك..

اما اذا لم تكن ظالما.. ولا مظلوما.. فاحرص على صفاء الأجواء بينك وبين الآخرين.. لا تستهين بأحد..  ولا تسهل في اصغر الأمور.. ولا تتجاهل اتفه الأشياء.. ضع كل شي في الحسبان.. لا تراهن على نفسك فتخسر.. ولا على الدنيا فتندم.. فالموت ليس بيدك.. والحياة ليست لك.. والعالم يتغير.. والدنيا دواره.. فلا الأمر كما تظن.. ولا نفوس البشر كما تتوقع..

حول الموقع

سام برس