بقلم/ رفعت سيد أحمد
ترى لماذا ضيّعنا الهند من بين أيدينا خاصة في مجال القضية الفلسطينية وصارت قياداتها ونخبتها تتعامل مع قضية الحق الفلسطيني المُغتصب مثل أية دولة أخري في العالم بحياد بارد وأحياناً بانحياز داخل أروقة الأمم المتحدة إلى (إسرائيل)؟ بالتأكيد يتحمّل العرب والقيادة الفلسطينية وقوى المقاومة جزءاً رئيسياً من المسؤولية، لكن أهل الهند أيضاً يتحمّلون جزءاً آخر، خاصة عندما يتجاهلون تاريخهم الناصع في مساندة الحقوق العربية في فلسطين، ليس فحسب إبان مرحلة عدم الانحياز وثلاثي (نهرو-ناصر –تيتو) بل ومن قبلهما بسنوات طوال.

في أجواء الصراع الدولي المُحتدم في منطقتنا، ووسط الدماء التي لاتزال تنزف بفعل الإرهاب ومؤامرات الغرب، ينبغي دائماً أن نبحث في قلب مآسينا عن الفاعِل الرئيسي والذي هو دوماً، وإن تخفّى خلف الآخرين، المستفيد الأول منها، إنه العدو الإسرائيلي.

والأمر لم يعد يحتاج إلى وثائق أو تقصِّ جديد، فالأدلّة واضحة وهي تترى يومياً وتقدّم نفسها بنفسها كبراهين دامغة، والكيان الصهيوني وهو يتآمر ويقتل ويضيّع حقوقنا العربية في فلسطين يأخذ في طريقه علاقات تاريخية نسجت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، بفضل زعامة جمال عبد الناصر مع دول كبرى ذات دور عالمي مهم وفي مقدّمها تأتي الصين والهند.

لقد تقدّمت العلاقات بين الكيان الصهيوني وتلك الدول تقدّماً كبيراً وتراجع بالمقابل الدور العربي معها وهي خسارة ندركها مثلاً مع دولة مثل الهند كانت علاقاتها السياسية مقطوعة مع إسرائيل إبان عصر عبد الناصر ومنظومة دول (عدم الانحياز)، الآن يزورها عنصري بغيض مثل نتناياهو (رئيس وزراء الكيان الصهيوني، في كانون ثالثاني/ يناير 2018) ويرفع مستوى التبادل معها إلى قرابة خمسة مليارات دولار بعد أن كانت عدّة ملايين فقط.

ترى لماذا ضيّعنا الهند من بين أيدينا خاصة في مجال القضية الفلسطينية وصارت قياداتها ونخبتها تتعامل مع قضية الحق الفلسطيني المُغتصب مثل أية دولة أخري في العالم بحياد بارد وأحياناً بانحياز داخل أروقة الأمم المتحدة إلى (إسرائيل)؟ بالتأكيد يتحمّل العرب والقيادة الفلسطينية وقوى المقاومة جزءاً رئيسياً من المسؤولية، لكن أهل الهند أيضاً يتحمّلون جزءاً آخر، خاصة عندما يتجاهلون تاريخهم الناصع في مساندة الحقوق العربية في فلسطين، ليس فحسب إبان مرحلة عدم الانحياز وثلاثي (نهرو-ناصر –تيتو) بل ومن قبلهما بسنوات طوال.

من أيام الزعيم المؤسّس (غاندي) وهو ما نودّ أن نذكرهم ونذكر أنفسنا به، لعلّ في ما سننشره ونكشف الغطاء التاريخي عنه والذي يفيض محبة وعدلاً عن فلسطين وقضيتها منذ بدايات قضيتها، لعلّه يفيد في إعادة الهند إلى مواقفها القديمة الأصيلة ضد العنصرية والقتل والإرهاب الذي تلخّصه إسرائيل الحالية تلخيصاً دقيقاً.
إن غاندي الذي ولِدَ في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 1869 ومات مقتولاً في 25 كانون الثاني/ يناير 1948 على أيدي هندوسي متعصّب كان يرفض دعوات غاندي السلمية للتعايش الهندوسي الإسلامي، يُعدّ الأب الروحي الحقيقي لاستقلال الهند عن الاحتلال البريطاني عبر المقاومة السلمية غير العنيفة والتي أسماها غاندي (ساتيا جراها: Satyagraha)؛ وهذه الرؤية العادلة المتمثّلة في وثيقة صادرة عن غاندي ووقعت بين أيدينا وتتّصل برؤيته المُبكرة للغاية عن حقوق الشعب الفلسطيني والرافضة للاحتلال الذى يرادف عند غاندى معنى "الظلم" وهي تتبدّى واضحة في ثنايا مقاله (أو وثيقته) تلك.

إن عنوان مقال غاندي هو "نظرة غير عنفية للنزاع والعنف"، وهو منشور في 20/11/1938 في صحيفة (هاريجان الأسبوعية) التي كان يصدرها غاندي بثلاث لغات: الإنكليزية – الهندية – الجوجاراتية، وقام قبل فترة بترجمته المثقّف السوري البارز د. محمود المقداد الأستاذ في جامعة دمشق.

وسنذكر هنا بعض وليس كل ما احتواه المقال - الوثيقة:

في أجواء الصراع الدولي المُحتدم في منطقتنا ، ووسط الدماء التي لاتزال تنزف بفعل الإرهاب ومؤامرات الغرب ، ينبغي دائماً أن نبحث في قلب مآسينا عن الفاعِل الرئيسي والذي هو دوماً _ وإن تخفّى خلف اللآخرين _ المستفيد الأول منها، إنه العدو الإسرائيلي ، والأمر لم يعد يحتاج إلى وثائق أو تقصِّ جديد ، فالأدلّة واضحة وهي تترى يومياً وتقدّم نفسها بنفسها كبراهين دامغة ، والكيان الصهيوني وهو يتآمر ويقتل ويضيّع حقوقنا العربية في فلسطين يأخذ في طريقه علاقات تاريخية نسجت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي ، بفضل زعامة جمال عبدالناصر ، مع دول كبرى ذات دور عالمي مهم وفي مقدّمها تأتي الصين والهند ، لقد تقدّمت العلاقات بين الكيان الصهيوني وتلك الدول تقدّماً كبيراً وتراجع بالمقابل الدور العربي معها وهي خسارة ندركها مثلاً مع دولة مثل الهند كانت علاقاتها السياسية مقطوعة مع إسرائيل إبان عصر عبدالناصر ومنظومة دول (عدم الانحياز ) ، الآن يزورها عنصري بغيض مثل نتناياهو (رئيس وزراء الكيان الصهيوني –في يناير 2018) ويرفع مستوى التبادل معها إلى قرابة خمسة مليارات دولار بعد أن كانت عدّة ملايين فقط. ترى لماذا ضيّعنا الهند من بين أيدينا خاصة في مجال القضية الفلسطينية وصارت قياداتها ونخبتها تتعامل مع قضية الحق الفلسطيني المُغتصب مثل أية دولة أخري في العالم بحياد بارد وأحياناً بانحياز داخل أروقة الأمم المتحدة إلى (إسرائيل)؟ بالتأكيد يتحمّل العرب والقيادة الفلسطينية وقوى المقاومة جزءاً رئيسياً من المسؤولية ،لكن أهل الهند أيضاً يتحمّلون جزءاً آخر، خاصة عندما يتجاهلون تاريخهم الناصع في مساندة الحقوق العربية في فلسطين، ليس فحسب إبان مرحلة عدم الانحياز وثلاثي (نهرو-ناصر –تيتو) بل ومن قبلهما بسنوات طوال ..من ايام الزعيم المؤسّس (غاندي) وهو ما نودّ أن نذكرهم ونذكر أنفسنا به ،لعلّ في ما سننشره ونكشف الغطاء التاريخي عنه والذي يفيض محبة وعدلاً عن فلسطين وقضيتها منذ بدايات قضيتها، لعلّه يفيد في إعادة الهند إلى مواقفها القديمة الأصيلة ضد العنصرية والقتل والإرهاب الذي تلخّصه إسرائيل الحالية تلخيصاً دقيقاً.
إن غاندي الذي ولِدَ في 2 أكتوبر 1869 ومات مقتولاً في 25 يناير 1948 على أيدي هندوسي متعصّب كان يرفض دعوات غاندي السلمية للتعايش الهندوسي الإسلامي، يُعدّ الأب الروحي الحقيقي لاستقلال الهند عن الاحتلال البريطاني عبر المقاومة السلمية غير العنيفة والتي أسماها غاندي (ساتيا جراها: Satyagraha)؛ وهذه الرؤية العادلة المتمثّلة في وثيقة صادرة عن غاندي ووقعت بين أيدينا وتتّصل برؤيته المُبكرة للغاية عن حقوق الشعب الفلسطيني والرافضة للاحتلال الذى يرادف عند غاندى معنى "الظلم" وهي تتبدّى واضحة في ثنايا (مقاله أو وثيقته) تلك .

إن عنوان مقال غاندي هو "نظرة غير عنفية للنزاع والعنف"، وهو منشور في 20/11/1938 في صحيفة (هاريجان الأسبوعية) التي كان يصدرها غاندي بثلاث لغات: الإنكليزية – الهندية – الجوجاراتية ، وقام قبل فترة بترجمته المثقّف السوري البارز د. محمود المقداد الأستاذ في جامعة دمشق.

وسنذكر هنا بعض وليس كل ما احتواه المقال- الوثيقة:

يقول غاندي .. كنت قد تلقّيت رسائل كثيرة تسألنى أن أعلن وجهات نظري في المسألة اليهودية – العربية بفلسطين، وفي اضطهاد اليهود بألمانيا. ولم تكن مغامرتي في إعلان وجهات نظري في هذه المسألة الصعبة جداً من غير تردّد.

إني أتعاطف مع اليهود في ما تعرّضوا له في ألمانيا غير أن تعاطفي هذا لا يعميني عن متطلّبات العدالة، لأن بكاءهم من أجل الوطن القومي لليهود لا يروق لى كثيراً. إن الإذن بهذا الوطن متجذّر في الكتاب المقدّس، وفي الإصرار الذي يتوق به اليهود إلى العودة إلى فلسطين: فلماذا لا يتّخذون. كغيرهم من شعوب الأرض وطناً لهم من البلدان التي ولدوا فيها والتي يكسبون فيها عيشهم؟

إن فلسطين تخصّ العرب بالمعنى نفسه الذي تخصّ فيه انكلترا الإنكليز أو تخصّ فيه فرنسا الفرنسيين. وأنه لمن الخطأ وغير الإنساني أن يفرض اليهود على العرب. إن ما يجرى اليوم فى فلسطين لا يمكن تسويغه بأي قانون أخلاقي في السلوك. فالانتداب غير جائز، لأنه نتيجة الحرب الأخيرة (يقصد الحرب العالمية ). ومن المؤكّد أن تحويل أرض العرب الأباة الذين تمتلئ بهم فلسطين إلى اليهود جزئياً أو كلياً، على أنها وطنهم القومى، إنما هو جريمة ضد الإنسانية.

إن أنبل إجراء يمكن أن يُتّخذ هو الإلحاح على معاملة عادلة لليهود حيثما ولِدوا وتربّوا: فاليهود المولودون في فرنسا إنما هم فرنسيون، تماماً كما يُعدّ المسيحيون المولودون فيها فرنسيين.

فإذا لم يكن لليهود وطن إلا فلسطين: فهل سيتلهّفون على فكرة مغادرة الأنحاء الأخرى من العالم الذي يقيمون فيه؟ أم أنهم يريدون الحفاظ على وطن مزدوج ليبقوا فيه عند الرغبة؟ إن هذا البكاء من أجل وطن قومي يقدّم تسويغاً متلوّناً ليقوم الألمان بطرد اليهود وهو إجمالاً عمل ضد الإنسانية.

والآن كلمة لليهود في فلسطين: ليس من شك عندي في أنهم يسيرون هناك في الطريق الخطأ، إن فلسطين في تصوّر الكتاب المقدّس ليست رقعة جغرافية، وإنما هي مفهوم قلبي.

وإذا كان عليهم أن ينظروا إلى فلسطين الجغرافية على أنها وطنهم القومي، فمن الخطأ دخولها في ظل المدافع البريطانية، وهنالك مئات من السبل للتفاهم مع العرب بشرط أن ينبذ اليهود مساعدة حربة البندقية البريطانية فقط. فإن هم لم يفعلوا ذلك فسيكونون شركاء مع البريطانيين في سلب شعب لم يرتكب في حقّهم أية خطيئة.

وأنا لا أدافع هنا عن تجاوزات العرب، وأتمنّى أن يختاروا طريق اللاعنف في مقاومة ما يرونه بحق اعتداء غير مسوّغ على بلادهم. ولكن – طبقاً لقوانين الحق والباطل المعتمدة - لا يمكن أن يُقال شيء ضد العرب بشأن مقاومتهم هذه للعدوان والظلم البريطاني / اليهودي.

انتهت بعض الفقرات المُنتقاة من (الوثيقة المطوّلة) الشارِحة للموقف القديم المهم والمؤسّس ل(غاندي ) بشأن ما أسماه بالمسألة اليهودية وفلسطين. ترى هل يُعيد حكّام الهند ونخبتها السياسية والثقافية قراءة تلك الرؤية الإنسانية العادلة لغاندي ويعيدوا بناءً عليها مراجعة مواقفهم وسياساتهم تجاه أهم وأخطر دولة تمارس الإرهاب في منطقتنا. وتقتل كل يوم في فلسطين ليس فحسب الفلسطينين، بل و(غاندي) أيضاً، خاصة إذا ما فهم إسمه وتعاليمه باعتبارهم الإسم الحركي للعدالة ومقاومة الظلم، وبالمقابل هل آن للعرب وقوى المقاومة تحديداً أن تعمل بجدية كاملة لاستعادة الهند من (تغريبتها الإسرائيلية) الجديدة؟ سؤال برسم المستقبل.

إني أتعاطف مع اليهود في ما تعرّضوا له في ألمانيا غير أن تعاطفي هذا لا يعميني عن متطلّبات العدالة، لأن بكاءهم من أجل الوطن القومي لليهود لا يروق لى كثيراً. إن الإذن بهذا الوطن متجذّر في الكتاب المقدّس، وفي الإصرار الذي يتوق به اليهود إلى العودة إلى فلسطين: فلماذا لا يتّخذون. كغيرهم من شعوب الأرض وطناً لهم من البلدان التي ولدوا فيها والتي يكسبون فيها عيشهم؟

إن فلسطين تخصّ العرب بالمعنى نفسه الذي تخصّ فيه انكلترا الإنكليز أو تخصّ فيه فرنسا الفرنسيين. وأنه لمن الخطأ وغير الإنساني أن يفرض اليهود على العرب. إن ما يجرى اليوم فى فلسطين لا يمكن تسويغه بأي قانون أخلاقي في السلوك. فالانتداب غير جائز، لأنه نتيجة الحرب الأخيرة (يقصد الحرب العالمية). ومن المؤكّد أن تحويل أرض العرب الأباة الذين تمتلئ بهم فلسطين إلى اليهود جزئياً أو كلياً، على أنها وطنهم القومى، إنما هو جريمة ضد الإنسانية.

إن أنبل إجراء يمكن أن يُتّخذ هو الإلحاح على معاملة عادلة لليهود حيثما ولِدوا وتربّوا: فاليهود المولودون في فرنسا إنما هم فرنسيون، تماماً كما يُعدّ المسيحيون المولودون فيها فرنسيين.

فإذا لم يكن لليهود وطن إلا فلسطين: فهل سيتلهّفون على فكرة مغادرة الأنحاء الأخرى من العالم الذي يقيمون فيه؟ أم أنهم يريدون الحفاظ على وطن مزدوج ليبقوا فيه عند الرغبة؟ إن هذا البكاء من أجل وطن قومي يقدّم تسويغاً متلوّناً ليقوم الألمان بطرد اليهود وهو إجمالاً عمل ضد الإنسانية.

والآن كلمة لليهود في فلسطين: ليس من شك عندي في أنهم يسيرون هناك في الطريق الخطأ، إن فلسطين في تصوّر الكتاب المقدّس ليست رقعة جغرافية، وإنما هي مفهوم قلبي.

وإذا كان عليهم أن ينظروا إلى فلسطين الجغرافية على أنها وطنهم القومي، فمن الخطأ دخولها في ظل المدافع البريطانية، وهنالك مئات من السبل للتفاهم مع العرب بشرط أن ينبذ اليهود مساعدة حربة البندقية البريطانية فقط. فإن هم لم يفعلوا ذلك فسيكونون شركاء مع البريطانيين في سلب شعب لم يرتكب في حقّهم أية خطيئة.

وأنا لا أدافع هنا عن تجاوزات العرب، وأتمنّى أن يختاروا طريق اللاعنف في مقاومة ما يرونه بحق اعتداء غير مسوّغ على بلادهم. ولكن – طبقاً لقوانين الحق والباطل المعتمدة - لا يمكن أن يُقال شيء ضد العرب بشأن مقاومتهم هذه للعدوان والظلم البريطاني / اليهودي.

انتهت بعض الفقرات المُنتقاة من (الوثيقة المطوّلة) الشارِحة للموقف القديم المهم والمؤسّس لـ(غاندي) بشأن ما أسماه بالمسألة اليهودية وفلسطين. ترى هل يُعيد حكّام الهند ونخبتها السياسية والثقافية قراءة تلك الرؤية الإنسانية العادلة لغاندي ويعيدوا بناءً عليها مراجعة مواقفهم وسياساتهم تجاه أهم وأخطر دولة تمارس الإرهاب في منطقتنا. وتقتل كل يوم في فلسطين ليس فحسب الفلسطينين، بل و(غاندي) أيضاً، خاصة إذا ما فهم إسمه وتعاليمه باعتبارهم الإسم الحركي للعدالة ومقاومة الظلم، وبالمقابل هل آن للعرب وقوى المقاومة تحديداً أن تعمل بجدية كاملة لاستعادة الهند من (تغريبتها الإسرائيلية) الجديدة؟ سؤال برسم المستقبل.

المصدر: الميادين

حول الموقع

سام برس