بقلم / محمد العزيزي
تطل علينا خلال أيام قلائل من هذا العام الذكرى الأولى لاستشهاد الزعيم علي عبدالله صالح الرئيس السابق للجمهورية اليمنية و رئيس المؤتمر الشعبي العام رحمه الله تطل و الشعب اليمني ما يزال يرزح تحت الجوع و الفقر و الحصار و العدوان و الحرب الضروس منذ أربع سنوات تواليا.

و تأتي الذكرى السنوية الأولى و هذا الرجل غائبا عنا كشعب و كأمة و كحزب و ساسة و خصوم و محبين و مناصرين و حتى الكارهين له و هو في الحقيقة غياب موحش و أليم للجميع و إن كابر المكابرون .. غاب الرئيس الصالح جسدا و لم يغيب كشخص و شخصية يمنية لها كارزما فريدة عايشها اليمنيون ردحا من الزمن تحظى بالحب و العشق و الإعجاب ربما يصل حد الجنون من قبل معظم الشعب اليمني بكل فئاته و طبقاته و توجهاتهم المختلفة الذين يبادلونه الشعور بالمحبة و الوفاء و الامتنان كقائد و زعيم و حاكم لهذا الشعب وصل نحو ثلث قرن بالتمام و الكمال .

لا يختلف اثنان على أن الرئيس الصالح منزه و ليس له أخطاء أو معصوم منه فلا يوجد بشر على المعمورة إلا و لهم أخطاء لا تعد و لا تحصى و أيضا لا يوجد قائد أو حاكم في كل الأ رض إلا و له خصومه و أعداءه يختلف معهم و يتنافس من خلالهم من أجل السلطة و كرسي الحكم و بلا شك و من الطبيعي أن يكون هذا الأمر قائما و ربما حتميا في كل بقاع الدنيا .

و الحقيقة أن الصراع المحموم و الأزمات و الجائحة التي أصبت اليمن و العالم العربي منذ عام 2011 م و التي ما تزال أمراضها و أعراضها و دمارها ساري المفعول حتى اليوم, و انتهكت تلك الفوضى حرمت الأمن و السكنية و الاستقرار و العيش الذي كان ينعم به الناس قبل ذلك التاريخ المشؤوم و أدخلت علينا حالة الرعب و الخوف و الدمار و الخراب و الحروب و سفك الدماء و النزوح و الفرار إلى المجهول كنتيجة قهرية وواقع صنع و أنتج خصيصا و نفذ لأجل هذه الشعوب العربية و ادخالها في دوامة من الصراع الذي لم نعرف مدى و صلاحية انتهائه .

لم يتحقق للشعوب العربية على مدى ثمان سنوات عجاف مضت من الآن سوى تدمير مقدرات الشعوب و سلب ذلك الأمن و الاستقرار منهم و سجن وقتل الرؤساء و منهم الزعيم الخالد الشهيد الرئيس السابق علي عبدالله صالح و تشريد الإنسان و ضياع حقوقه في كل مناحي الحياة و اتحدى من ينكر حقيقة ذلك.

صحيح غاب الزعيم الصالح جسدا و لكنه لم يغيب حضوره في وجدان الشعب اليمني فهو حاضر في قلوب محبيه و مناصريه و عقول و قلوب البسطاء يتذكره الجميع بحلوه و مره بخيره و شره ..

و لم يقف هذا الإعجاب لدى عامة الناس و حسب بل يتذكره خصومه السياسيين و أعداءه و من اختلف معه سياسيا أو فكريا أو حتى في المصلحة. . فالجميع لم ينسونه و لكن كل بطريقته و ما يجول في خاطره و ذاكرته و توجهه و مصلحته .

و الحقيقة أقول أنه لن يستطيع أين كان و مهما بلغت قدرته و سلطته أن يغير قناعته تجاه الرئيس الراحل صالح حبا أو كرها .. و بالتالي فإننا ننصح من يحاولون اليوم أو من حاولوا بالأمس أو مستقبلا محو حب الناس و تعاطفهم لصالح و تاريخه و لو استخدام هؤلاء المحاولون شتى الطرق و الوسائل المتاحة و غير المتاحة لأن هذا مستحيل و صعب بل و من سابع المستحيلات تحقيقه لعدة أسباب أهمها أن هذا الرجل حكم اليمن 33 عاما و هي حقبة تاريخية من تاريخ البلاد لا يمكن لأحد القدرة طمسها أو إلغائها من سجلات و صفحات التاريخ , و الشئ الآخر أن الحب و الولع و الجنون في المحبة هي هبة من الخالق الوهاب عز و جل لا يستطيع كان من كان انتزاعها من قلوب الناس و هذه أيضا خاصية إلاهية يستحيل للبشر التدخل فيها. . فالرئيس صالح هو واحدا من عدد كبير من الزعماء العرب و الأجانب الذي سيخلدهم التاريخ و أحبتهم الجماهير و الشعوب و ستخلدهم ذاكرتهم شاء من شاء و أبا من أبا كون المحبة منحة إلهية لا يمكن الاعتراض عليها و انتزاعها أو منحها تجاوزا و خلافا لإرادته سبحانه.

لم يغيب الزعيم صالح عن عقول و قلوب و خواطر أبناء الشعب اليمني منذ استشهاده رغم مرور عام كامل بأيامه و لياليه فما يزال صوت صالح بصوته المميز يصدح في أذن المواطن اليمني و العربي و ما زال الجميع يلهج باسم صالح و أيام حكمه و المصير الذي وصل إليه الشعب منذ خروجه من الحكم و استشهاده في 4ديسمبر العام الماضي. . يذكره الناس في المقائل و المجالس و على وسائل المواصلات في الشوارع و المقار الحكومية و الخاصة في الميادين العامة و التجمعات و الأسواق و المقاهي و القرى و العزل و يجملون أحاديثهم بكلمة واحدة هي راع الله أيام صالح ..

الزعيم الشهيد صالح حاضر في أذهان و خواطر الناس يتحدثون عنه يرددون محاسنه و يثنون عليه وسط معارضة البعض من الخصوم و أصحاب الميول و التوجهات الأيديولوجية.

غياب الزعيم الخالد الرئيس الصالح لم يتحسر عليه جماهيره و أبناء حزبه المؤتمر الشعبي العام و محبيه بل تندم و تحسر و أسف و حزن عليه و على غيابه من المشهد السياسي و الحياة العامة خصومه السياسيين و ألد أعداءه المتحزبين و الأمثلة كثيرة و الجميع يعلم بذلك .. ندبه و أسف لرحيله العالم و زعمائه و الكتاب و الصحفيين و المنظمات الإنسانية و الحقوقية و ساسة و أنظمة العالم كون صالح شخصية سياسية محنكة مرموقة و معروفة و ما ذلك الصدى إلا دليل واضح و كافي لتلك المكانة التي احتلتها شخصية الزعيم الراحل صالح فما كتبه عنه من قبل تلك الشخصيات و حالة الذهول و الصمت الذي أصاب الشارع المحلي و العربي لهول الفاجعة إلا دليل دامغ لذلك الحزن الذي تربع على قلوب و عقول و شعور العالم المحلي و العربي و الدولي و عبر عنه بيان المنظمة الأممية و مجلس الأمن فور إذاعة خبر و نبأ استشهاد الزعيم اليمني صالح.

و يكفي الرئيس صالح فخرا أن الكيان الإسرائيلي عبر عن سروره يوم استشهاده كونه آخر الزعماء و الرؤساء العرب المناوئين و أحد أعداء و خصماء الكيان الغاصب وفق تصريحات و تقارير تناولتها الصحف الإسرائيلية و على رأسها صحيفة معاريف و إحرانوت الإسرائيليين.

شواهد و شهادات كثيرة لزعماء و شخصيات كبيرة لا مجال لسردها هنا تؤكد أن الشهيد الرئيس علي عبدالله صالح سيوخلد في ذاكرة الأجيال قبل صفحات التاريخ لأن شخصية الرجل راسخة و متجذرة لدى الكثيرون من عامة الشعب و ما يزال موجود في الوجدان و في قلوب الناس و في حياتهم, صحيح غادرنا الزعيم جسدا لكنه لم يغادر حياتنا , و هو حاضر بيننا رغبة أو عنادا لمن لا يرغب فقد حفر اسمه ليس على المنجزات التنموية و المباني الخدمية و البنى التحتية بل في قلوب و ذاكرة كل الشعب اليمني.

ختاما فإن ذكرى استشهاد الزعيم صالح ستظل ذكرى استحضار لمناقب و محطات الراحل و ما قدمه لليمن أرضا و إنسانا طوال حياته من عطاء لن ينضب و إسهامات بارزة و هامة في مختلف مجالات الحياة اليمنية لن تنتهي .

و لعل تحقيق الوحدة اليمنية أكبر منجزا تاريخيا فريدا للشعب اليمني و الأمتين العربية و الإسلامية و عنوانا ساطع يفاخر به اليمنيون و العرب أمام الأمم و العالم. . الوحدة اليمنية التي ظلت حلما يمنيا و عربيا تمكن الرئيس الصالح بعد نضال مرثوني يسابق الزمن و منذ صعوده للسلطة على تحقيقها و إنجازها , و بالتالي و خلاصة للقول أن الزعيم الصالح إذا لم يكن له مآثر و حسنات على امتداد فترة حكمه فيكفيه شرفا أن الوحدة اليمنية تحققت على يديه و ارتبطت الوحدة الوطنية المباركة بين شطري البلاد باسم الرئيس صالح و هذا يكفيه فخرا و عزة و شموخ و خلودا في يمن الحاضر و المستقبل و سيكتب وينقش التاريخ اسمه من ماء الذهب لهذا المنجز العظيم ..

الرحمة و الخلود للزعيم الشهيد و لكل شهداء و عظماء اليمن و شهداء الوطن عموما و كل الشرفاء و محبي وطنهم اليمن الأحياء منهم و الأموات ِ

حول الموقع

سام برس