بقلم/ العميد ناجي الزعبي
أمضى المبعوث الاميركي (للشرق الأوسط) والشرق الأوسط المصطلح الغربي البديل لاسم الوطن العربي الذي يريدون طمسه وإلغائه من الذاكرة الوطنية ، ويتفادون ذكره لتعارض الاسم مع وجود العدو الصهيوني غدة سرطانية بخاصرته ، جيسون جرينبلات سنتين لوضع ( خطة سلام) وفي واقع الامر هي خطة استسلام مع مستشار البيت الأبيض - صهر ترامب- جرايد كوشنير .

وفي جلسة أمام مجلس الامن قبل بضعة أيام قال جرينبلات ؛ ان ترامب لم يقرر متى سيكشف عن الشق السياسي من صفقة القرن ، وأضاف انه لا يمكن حل - الصراع - اي إنهاء الاحتلال على أساس التوافق الدولي او القانون الدولي- غير الحاسم- ، او مرجعية قرارت الأمم المتحدة ، اي قرارات مجلس الامن وما اصطلحوا على تسميته زوراً وكذباً الشرعية الدولية ، اي الضرب بعرض الحائط بكل القرارات الدولية ، كما لم يتطرق لحل الدولتين ، وأشار لان الخطة تشمل تنازلات لتحقيق حل ( واقعي ودائم وشامل) .

وبالمناسبة فقد علق (كريستوف هويسجن) سفير ألمانيا لدى الأمم المتحدة حول ما صرح به جرينبلات قائلاً ؛ بالنسبة لنا القانون الدولي ليس قائمة طعام نختار منها ما نريده ، وعندما يتعلق الامر بكوريا الشمالية على سبيل المثال يصرُّ مثلوا الأمم المتحدة على تنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي .

نذكّر ايضاً بانسحاب ترامب من الاتفاق النووي ، والضرب عرض الحائط بالقرار الدولي المتعلق به ، كما نذكّر بعشرات القرارات المتعلقة بقضية فلسطين وتم تجاهلها ، والإصرار على تطبيق القرارات حين يتعلق الامر بصالح العدو الصهيوني. بتصريحه أمام مجلس الامن يرفض جرينبلات ؛ كل قرارات مجلس الامن الدولي وكل الاتفاقيات المتعلقة بقضية فلسطين ، ويؤكد على ان القدس ستبقى موحدة وعاصمة لإسرائيل ،وان الشق السياسي من صفقة القرن لم يقرر للان ، ووصف حماس بالمنظمة الإرهابية التي تجلب البؤس للفلسطينيين - وحماس بالأدبيات الصهيو اميركية مصطلح يعني كل المقاومة بغزة- ، وهاجم سلطة اوسلو ووصفها بالسلطة التي تكافئ الارهاب ( اي دعم أسر الشهداء وأسرى الاحتلال) ، كما رفض العودة للقانون الدولي وقرار ٢٤٢ وباقي القرارات المتعلقة بفلسطين ، كما رفض حق العودة مطالباً بحق (عودة يهودية) ، وطالب منظمة التحرير بقبول صفقة القرن .

ان ما دفع ترامب ونتنياهو للحديث عن صفقة القرن ومحاولة فرضها هو غياب القوة السياسية الفلسطينية والعربية التي تملك برنامجاً للتحرير والتنمية والنهوض وغياب المشروع العربي ، وتفريغ الجماهير من حسها وموقفها الرافض ، وتجريدها من حصانتها الفكرية والسياسية ، وهرولة الحكام العرب المفروضين من قبل اميركا للارتماء بالحضن الصهيوني كنتيجة حتمية لهذه الحالة الجماهيرية البائسة ، اضافة لدور سلطة اوسلو الذي بنفذ بفلسطين السيناريوهات الصهيونية والذي فتح بوابات الركوع والارتماء بالحضن الصهيوني .

ان جوهر وماهية صفقة القرن هو إنقاذ مشروع الهيمنة ونهب ثروات وموارد الشعب العربي وفتح أوطانه سوقاً لرأس المال المالي ( اي فرض الإفقار على هذه البلدان لتحتاج للاقتراض مما يعود بالفائدة على مالكي راس المال) ، وللمحافظة على هذه الهيمنة ينبغي اعادة انتاج وبعث العدو الصهيوني المعسكر ، ورأس الحربة الاميركية المتقدم ، وإعادة تشكيل وبناء المحميات الصهيو اميركية العربية - المسماة دولاً عربية - كدُمى وأدوات اميركية.

ولهذه الأسباب مجتمعة ينبغي تصفية القضية الفلسطينية وتنفيذ مشروع يهودية الدولة - الجغرافيا السياسي اي الطائفة بلون الجغرافيا- بمعنى إقامة الدولة اليهودية الخالصة، وتهجير الفلسطينيين ، وتفكيك الوطن العربي لكانتونات طائفية إثنية جهوية متناحرةكما جرى بسورية ، وليبيا ، والعراق ، والسودان الخ ،ثم إقامة كيان سياسي صهيوني يضم سلطة اوسلو والاردن الرسمي ، وبذلك بمكن إنقاذ العدو الصهيوني من أزمته الوجودية ، وانقاذ المحميات الصهيو اميركية - الدول العربية - المهددة بالزوال في حال تحقيق محور المقاومة النصر الذي بدت ملامحه تتشكل في سورية ولبنان والعراق وغزة واليمن وايران .

ان مشروع صفقة القرن محكوم بالفشل بسبب الإرادة الشعبية الرافضة ، ومحور المقاومة المناهض لهذا المشروع ، وبسبب عجز ترامب ونتنياهو عن فرض الامر الواقع بالقوة .

حول الموقع

سام برس